بعثة صندوق النقد تتفاوض مع مصر الشهر المقبل.. ما المتوقع من المراجعة الرابعة؟
يستعد صندوق النقد الدولي لبدء المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في نوفمبر المقبل، حيث تأتي هذه المراجعة في إطار الاتفاقية الموقعة بين مصر والصندوق والتي تتيح للبلاد الحصول على شريحة جديدة من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 1.3 مليار دولار، وهي أكبر شريحة من الشرائح التي تم الاتفاق عليها في هذا البرنامج.
تفاصيل برنامج صندوق النقد مع مصر
وفي مايو الماضي، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الثالثة من برنامج الدعم المالي المخصص لمصر، والتي بلغت 820 مليون دولار، وجاءت هذه الخطوة عقب موافقة الصندوق في نهاية مارس الماضي على إتمام المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، ما أدى إلى زيادة قيمة البرنامج من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار.
وسمح هذا التعديل لمصر بسحب 820 مليون دولار على الفور، ما يعكس مرونة الاتفاقية وأهمية الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة المصرية.
أبرز توصيات صندوق النقد
وخلال المراجعة الثالثة، شدد صندوق النقد الدولي على ضرورة توحيد الإيرادات الضريبية لتعزيز الفائض الأولي للحكومة بشكل مستدام، الأمر الذي سيمكن مصر من توجيه المزيد من الأموال نحو النفقات ذات الأولوية، مثل الاستثمارات في البنية التحتية والتعليم والصحة.
كما دعا الصندوق إلى تطوير استراتيجية أكثر قوة لإدارة الديون، بهدف تقليل الاحتياجات التمويلية الإجمالية، خاصةً في ظل التحسن الذي شهدته معنويات السوق مؤخرًا.
اقرأ أيضًا: من يخلف محمود محي الدين في صندوق النقد الدولي
الإصلاحات بدأت تؤتي ثمارها
وقالت أنطوانيت سايه، نائبة المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، بعد استكمال المراجعة الثالثة لبرنامج التسهيل الائتماني الممدد “EFF” لمصر، بأن الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة المصرية بدأت تؤتي ثمارها.
وأكدت أن الاقتصاد المصري يظهر علامات تحسن من حيث انخفاض معدل التضخم ومعالجة نقص العملات الأجنبية، مع الالتزام بنظام سعر صرف مرن كجزء من البرنامج الاقتصادي.
ومع ذلك، أشارت إلى أن التحديات الإقليمية، مثل الحرب في غزة، بالإضافة إلى التوترات في البحر الأحمر، تتطلب مواصلة تنفيذ برنامج الإصلاحات بشكل حاسم لتحقيق الاستقرار المالي.
وأشارت إلى ضرورة الاستمرار في إصلاحات سعر الصرف المرن، وخفض التضخم، وتحقيق الانضباط المالي لضمان توجيه الموارد اللازمة لتلبية احتياجات الإنفاق الضرورية في القطاعات الحيوية، بما في ذلك الصحة والتعليم.
كما أكدت أن هناك حاجة لتعزيز برامج الإنفاق الاجتماعي لدعم الفئات الضعيفة، مشددةً على ضرورة تسريع برنامج الخصخصة، وتحسين تسهيل التجارة، وتشجيع المنافسة العادلة بين الشركات الخاصة والشركات المملوكة للدولة، لتعزيز دور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل
ما سيتم مناقشته خلال المراجعة الرابعة
ومن المتوقع أن يتناول صندوق النقد الدولي في المراجعة الرابعة العديد من القضايا المالية والاقتصادية الهامة، ومن أبرزها:
تحسين الإدارة المالية
سيعمل الصندوق على مراجعة الجهود المبذولة لتعزيز الإيرادات الضريبية وتوحيدها بهدف زيادة الفائض الأولي، وهذا سيمكن مصر من الحفاظ على استدامة ماليتها العامة وتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي.
استراتيجية إدارة الديون
ستتضمن المراجعة الرابعة مناقشة استراتيجية أكثر قوة لإدارة الدين العام، خاصةً في ظل التحسن الحالي في أوضاع السوق، وسيساعد ذلك في خفض تكاليف الاقتراض وتخفيف العبء المالي على الميزانية العامة.
الحوكمة وتعزيز المنافسة
سيتم التركيز على تحسين هيكل حوكمة البنوك المملوكة للدولة وتعزيز المنافسة في القطاع المصرفي، مما سيساهم في زيادة كفاءة تخصيص الموارد المالية ودعم نمو الاقتصاد.
أتمتة وتحديث إجراءات تيسير التجارة
ومن المتوقع أن تستمر مناقشة الجهود الرامية إلى تحديث إجراءات التجارة بهدف زيادة الكفاءة وتيسير حركة التجارة، مما سيؤدي إلى تعزيز تنافسية الصادرات المصرية في الأسواق الدولية.
من جهتها، قالت إيفانا فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، أن نجاح المراجعة الرابعة سيسمح للسلطات المصرية بسحب ما يقرب من 1.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وهذا الرقم يعتبر مهمًا جدًا لمصر في إطار تحقيق التوازن المالي والاقتصادي في البلاد خلال الفترة المقبلة.
التحديات والآفاق المستقبلية
وتأتي المراجعة الرابعة في ظل العديد من التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري، مثل ارتفاع معدلات التضخم والضغوط على سعر الصرف، ومع ذلك، فإن الالتزام المستمر من الحكومة المصرية بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك تحرير سعر الصرف، وتحسين كفاءة تخصيص الموارد المالية، وتطوير القطاع الخاص، يبرز أهمية الدور الذي يلعبه صندوق النقد الدولي في دعم هذه الجهود.
وبإتمام هذه المراجعة بنجاح، ستكون مصر في وضع أفضل لتحقيق الاستقرار المالي، وتعزيز ثقة المستثمرين، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما سيساهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل.