بعد اجتماع عبدالعاطي والشيباني.. هل يُذيب منتدى أوسلو الجليد بين القاهرة ودمشق؟

التقى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي نظيره السوري أسعد الشيباني، في لقاء سياسي قد يُعيد دفء العلاقات بين القاهرة ودمشق؛ وذلك ضمن أروقة منتدى أوسلو للحوار.
ويأتي اللقاء وسط تساؤلات عن إمكانية أن يشكل هذا الاجتماع بداية ذوبان الجليد بين القاهرة ودمشق، بعد سنوات من الفتور السياسي والمواقف المتباينة تجاه الملف السوري.
عودة اللقاءات الثنائية بين القاهرة ودمشق
وفق تقارير فإن اللقاء الأخير لم يكن معزولًا عن سلسلة مؤشرات دبلوماسية ظهرت منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وظهور قيادة انتقالية جديدة برئاسة أحمد الشرع.
وكانت مصر تبنَّت سياسة “عدم التدخل المباشر” طوال سنوات الحرب السورية، وبدأت مؤخرًا في الاقتراب بحذر من دمشق الجديدة، دون الاعتراف الكامل بشرعية السلطة الحالية.
ويأتي هذا اللقاء امتدادًا للقاء سابق بين الشرع والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الطارئة بالقاهرة في مارس الماضي؛ حيث أظهر الطرفان استعدادًا لفتح صفحة جديدة، مشروطة بضمانات تتعلّق بوحدة سوريا، ومحاربة الإرهاب، ومنع استخدام الأراضي السورية كنقطة انطلاق لجماعات متطرفة.
لغة دبلوماسية دقيقة
بحسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية، شدَّد عبد العاطي على “أهمية تحقيق الاستقرار المستدام في سوريا عبر إشراك كافة القوى الوطنية، بما يعكس التنوع المجتمعي والديني والعرقي”، في تلميح إلى ضرورة عدم احتكار السلطة من قبل فصيل واحد في المرحلة الانتقالية.
كما أعاد عبد العاطي تأكيد الموقف المصري الثابت من “مكافحة الإرهاب ورفض التدخلات الخارجية”، مع إدانة الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية.
من جهتها، أكدت الخارجية السورية أن اللقاء ناقش “سبل تعزيز التعاون الثنائي، وإزالة العقبات”، مشيرة إلى رغبة دمشق في استمرار التشاور مع القاهرة؛ بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
حسابات معقدة بين القاهرة ودمشق
لا يمكن قراءة الحراك المصري تجاه دمشق بمعزل عن التحولات الإقليمية. فمصر، التي تمسك بمفاتيح دبلوماسية متعددة في ملفي ليبيا وفلسطين، لا تسعى للدخول في مواجهة مع القوى الغربية أو الخليجية المؤثرة في الشأن السوري، لكنها من جهة أخرى تتوجس من بقاء سوريا ساحةً مفتوحة للجماعات الجهادية.
وتُشير مصادر دبلوماسية إلى أن القاهرة تُفضّل التعامل مع مؤسسات الدولة السورية مهما كان شكل النظام القائم، خشية من تفكك الدولة ودخول البلاد في مرحلة فوضى مستدامة، على غرار السيناريو الليبي.
وفي المقابل، تسعى القيادة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع إلى استعادة الشرعية العربية والدولية تدريجياً، وتدرك أن البوابة المصرية، بثقلها السياسي والعسكري، قد تمثل رافعة مهمّة في هذا المسار، شريطة تقديم تطمينات بشأن محاربة الإرهاب واحتواء المقاتلين الأجانب.
ماذا بعد منتدى أوسلو؟
وفق مراقبين من غير المتوقع أن يؤدي هذا اللقاء إلى انفراج سريع أو قفزة نوعية في العلاقات، إلا أنه يؤسس لمسار دبلوماسي هادئ، يعتمد على التدرّج وإعادة بناء الثقة.
وربما يشهد الصيف الحالي مزيداً من اللقاءات، سواء على مستوى وزراء الخارجية أو عبر قنوات أمنية واستخباراتية تعمل منذ شهور خلف الكواليس.
كما أن استمرار عمل السفارة المصرية في دمشق دون انقطاع، يُعد مؤشراً على رغبة القاهرة في الإبقاء على خطوط التواصل مفتوحة، مهما بلغت التعقيدات السياسية.
اقرأ أيضًا: مخطط اغتيال الشرع.. هل تنجح واشنطن في حماية الرئيس السوري من التصفية؟