بعد حرب الـ 12 يوما.. إيران المُتضررة تظهر أكثر خطورة

انتهى الصراع الأخير الذي استمر 12 يومًا بين إسرائيل وإيران فجأةً بعد أن توسط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار، لكن المحللين يُحذّرون من أن هذه النتيجة ربما تكون قد عمّقت عدم الاستقرار في المنطقة.

يُجادل المُعلّق البريطاني نايجل جونز، وفقا لمقاله في صحيفة تليجراف، بأن ترك النظام الديني الإيراني في مكانه – مُصابًا ولكنه غير مُهزوم – قد يُمهّد الطريق لتجدد العداء والعنف في المستقبل.

وجّه آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، خطابًا إلى شعبه عقب وقف إطلاق النار، حيث لا تزال حكومته تُحكم سيطرتها على الوضع رغم الأضرار الواسعة التي لحقت بالبنية التحتية النووية للبلاد وفقدان شخصيات عسكرية بارزة.

ومع ذلك، يُؤكّد جونز أن النظام الآن أكثر تصميمًا من أي وقت مضى على الردّ على كل من إسرائيل والغرب، مدفوعًا بالإذلال والتعطش للانتقام.

الاعتدال في الحرب غباء

مستمدًا من حكمة الأدميرال جاكي فيشر، الذي أعلن جملته الشهيرة: “جوهر الحرب هو العنف. الاعتدال في الحرب غباء”، ينتقد جونز قرار ترامب بوقف الحملة الإسرائيلية.

يرى جونز أن الهجوم الجوي، الذي شلّ المواقع النووية الإيرانية وقضى على كبار العلماء النوويين والقادة العسكريين، لم يكن قد “اكتمل” إلا عند دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

يجادل بأن رغبة ترامب في “الصفقات” وإحجامه عن خوض “حرب أبدية” أخرى في الشرق الأوسط أضاعت فرصة. ويعتقد جونز، بتراجعه عن تحقيق النصر الكامل، أن الولايات المتحدة تخاطر بتكرار أخطاء الحرب العالمية الأولى، عندما سمحت الهدنة السابقة لأوانها بتفاقم المظالم الألمانية، مما مهد الطريق لصعود هتلر ودمار الحرب العالمية الثانية.

انتصار إسرائيل قد يكون قصير الأمد

يحذر جونز من أن ما قد يبدو انتصارًا إسرائيليًا حاسمًا قد يكون في نهاية المطاف انتكاسة استراتيجية. ويحذر من أن “النظام السام” في طهران لا يزال في السلطة، وعداؤه وطموحاته لا تتلاشى.

صحيح أن الغارات الجوية، التي انهالت على إيران “بإفلات من العقاب”، ربما جرحت الكرامة الوطنية وأضعفت القدرة العسكرية، لكنها زادت أيضًا من شعور النظام بالظلم وشجعت دعوات الانتقام.

يرى جونز أنه طالما حافظ “رجال الدين المتعصبون وحرسهم الثوري” على قبضتهم على السلطة، فإن سعي إيران لزعزعة استقرار الشرق الأوسط – سواء من خلال طموحاتها النووية أو قوى بالوكالة مثل حماس وحزب الله والحوثيين – سيستمر دون رادع.

أقرا أيضا.. مع استمرار حرب إسرائيل على غزة.. انقسام حاد في صفوف جنود الاحتياط 

دعوات إلى حل دائم

تتسم أطروحة المؤلف المركزية بالوضوح: إن التفكيك الكامل للنظام الإيراني الحالي وحده كفيل بضمان سلام دائم لإسرائيل والمنطقة.

يرى جونز أن السماح للنظام بالبقاء يعني منحه مهلة وتهيئة الظروف لإراقة دماء مستقبلية. “ما دام رجال الدين المتعصبون وحرسهم الثوري يحكمون إيران، فإن هدفهم النهائي المتمثل في تقويض السلام في الشرق الأوسط وتدمير إسرائيل… سيبقى على حاله”.

ويحث الولايات المتحدة على اغتنام ما يسميه “فرصة ذهبية” لإنهاء التهديد الإيراني بشكل دائم – وهي مهمة يعترف بأنها محفوفة بالمخاطر، لكنها في تقديره ضرورية لأمن إسرائيل والمنطقة ككل.

تحذير للغرب

يحذر جونز من أن وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترامب، والذي يهدف إلى تجنب تعميق التدخل الأمريكي في صراعات الشرق الأوسط، قد منح النظام الإيراني وقتًا لإعادة تنظيم صفوفه و”تعطشًا جديدًا للانتقام”.

ويجادل بأن دائرة العنف من المرجح أن تستمر طالما بقي النظام الحالي في طهران على حاله.

زر الذهاب إلى الأعلى