بعد خفض الفائدة.. مصر تبيع أذون خزانة أقل 42% من المستهدف

في أول اختبار عملي لتداعيات قرار البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة، كشفت نتائج عطاء أذون الخزانة الأخير عن مؤشرات لافتة، أبرزها أن الحكومة تمكنت من بيع أدوات دين أقل بنسبة 42% عن القيمة المستهدفة، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى تأثير القرار على شهية المستثمرين لتمويل الدين العام المحلي.
خفض أسعار الفائدة
في خطوة تهدف لتحفيز الاقتصاد، خفّض البنك المركزي المصري مؤخرًا أسعار الفائدة الأساسية، في محاولة لدعم النمو وتشجيع النشاط الاستثماري والحد من كلفة التمويل على الشركات والأفراد، إضافة إلى تخفيف أعباء خدمة الدين المحلي على الموازنة العامة للدولة.
ورغم إيجابية هذا التوجه على المدى المتوسط، فإن انعكاساته المباشرة على سوق أدوات الدين جاءت سلبية جزئيًا، وهو ما ظهر جليًا في نتائج أول عطاء أذون خزانة بعد القرار، حيث لم تنجح الحكومة سوى في جمع أقل من 60% من القيمة المستهدفة.
ما هي أذون الخزانة؟
تُعد أذون الخزانة المصرية إحدى أدوات الاقتراض المحلي قصيرة الأجل التي تستخدمها الدولة لتمويل العجز في الموازنة. وتتنافس البنوك والمستثمرون في تلك العطاءات وفقًا لأسعار الفائدة السائدة، وكلما زادت معدلات الفائدة زاد الإقبال والعكس صحيح.
ضعف الإقبال: الأسباب المحتملة
بحسب مراقبون، فإن تراجع الإقبال على شراء أذون الخزانة يعكس عدة عوامل، أبرزها:
انخفاض العائد على الأذون بعد خفض الفائدة، مما جعلها أقل جاذبية، خاصة في ظل معدلات تضخم مرتفعة تلتهم العائد الحقيقي.
توقعات المستثمرين بمزيد من الخفض في أسعار الفائدة، ما يجعلهم يؤجلون قرارات الاستثمار في أدوات الدين الحالية.
وجود بدائل استثمارية أكثر جاذبية مثل شهادات الادخار ذات العائد المرتفع، أو الاستثمار في الذهب والعملات الأجنبية والعقارات.
التداعيات المحتملة على السياسة المالية
يمثل ضعف الإقبال على أدوات الدين تحديًا لوزارة المالية، التي تعتمد على أذون وسندات الخزانة كأداة رئيسية لتوفير السيولة. وفي حال استمرار هذا التراجع، قد تضطر الحكومة إلى:
رفع العائد على أدوات الدين الجديدة لاستعادة ثقة المستثمرين.
تقليل الاعتماد على الاقتراض قصير الأجل والتحول إلى تمويل متوسط أو طويل الأجل.
اللجوء لبدائل تمويلية أخرى، سواء عبر الاقتراض الخارجي أو تعزيز حصيلة برنامج الطروحات الحكومية في البورصة.
إلى أين تتجه الأمور؟
من المرجح أن يراقب صناع القرار عن كثب نتائج العطاءات المقبلة لأذون وسندات الخزانة، لتقييم مدى تقبل السوق لمستويات العائد الجديدة في ضوء السياسات النقدية الحالية.
وفي حال استمر التراجع، فقد يجد البنك المركزي نفسه أمام خيارات صعبة، بين دعم النمو الاقتصادي من جهة، والحفاظ على جاذبية أدوات الدين من جهة أخرى.
يمثل تراجع حصيلة بيع أذون الخزانة بعد خفض الفائدة أول إشارة تحذيرية قد تدفع السلطات الاقتصادية إلى إعادة تقييم سرعة وتوقيت قرارات التيسير النقدي، خاصة في ظل تحديات التمويل وعجز الموازنة، ويؤكد هذا التطور أن نجاح سياسات التحفيز لا يقتصر على القرار نفسه، بل يعتمد على تفاعل الأسواق وثقة المستثمرين في اتجاهات الاقتصاد الكلي.