بعد رفض حماس ورد واشنطن.. هل تنجح مصر وقطر في استعادة هدنة غزة؟

في ظل تصعيد عسكري إسرائيلي متواصل، ورفض فلسطيني لمبادرة الهدنة الأمريكية في غزة، تتجدد التساؤلات بشأن قدرة الوساطة المصرية-القطرية على إنقاذ جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد انتكاسة مفاجئة في أحدث المبادرات المطروحة من واشنطن.
تحرك جديد من القاهرة والدوحة لاستعادة هدنة غزة
وأعلنت مصر وقطر، الأحد، مواصلة جهودهما المكثفة لتقريب وجهات النظر، والعمل على تذليل العقبات أمام التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل في غزة، استناداً إلى المقترح الجديد الذي قدمه مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
وفي بيان مشترك صدر عن وزارتي خارجية البلدين، أكدتا “عزمهما تكثيف التنسيق مع الجانب الأمريكي لدعم جهود استئناف المفاوضات غير المباشرة”، ودعتا جميع الأطراف إلى “التحلي بالمسؤولية ودعم جهود الوسطاء بما يعيد الهدوء والاستقرار إلى المنطقة”.
وأشار البيان إلى أن القاهرة والدوحة تتطلعان للتوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة لمدة 60 يوماً، تمهّد لاتفاق وقف دائم لإطلاق النار، يسمح بفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، تمهيداً لإنهاء الحرب وبدء إعمار القطاع، وفقاً لمخرجات القمة العربية الطارئة التي عُقدت في القاهرة بتاريخ 4 مارس 2025.
تفاصيل المبادرة الأمريكية
كانت واشنطن قد قدمت قبل أسبوع مبادرة جديدة عبر مبعوثها ويتكوف، تشمل وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً، تتخلله عمليات تبادل جزئية للأسرى، وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة، على أن تستكمل المفاوضات بشأن هدنة دائمة خلال فترة الهدنة.
وبينما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبوله بالمبادرة، جاء رد حركة حماس رافضاً للصيغة الحالية، معتبراً إياها “تفتقر للضمانات الجوهرية بشأن وقف الحرب ورفع الحصار”.
ورد ويتكوف على موقف حماس في منشور عبر منصة “إكس”، قائلاً إن “الرد غير مقبول على الإطلاق ويعيدنا إلى الوراء”، مشدداً على أن “هذه الطريقة الوحيدة لوقف النار وإعادة المحتجزين الإسرائيليين أحياء وجثامينهم”.
تصعيد إسرائيلي
بحسب تقارير فإن الرد الأميركي الصارم لم يثن القاهرة والدوحة عن مواصلة الجهود، إذ أكدتا في بيانهما التمسك بالوساطة، مع استعداد لتقديم “مقترحات ترميمية” قد تشمل تعديلات تضمن قبولاً أوسع من الأطراف، خصوصاً حركة حماس.
بالتزامن مع ذلك كثّفت إسرائيل عملياتها العسكرية، وارتكبت مجزرة دامية في رفح بعد استهدافها لمئات المدنيين الذين تجمّعوا في أحد مراكز توزيع المساعدات، ما أسفر عن مقتل 35 فلسطينياً وإصابة أكثر من 150 آخرين.
ووجه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الجيش بـ”المضي قدماً في تنفيذ الأهداف العسكرية بغض النظر عن المفاوضات”، مانحاً صلاحيات واسعة للقادة الميدانيين. كما أمر رئيس الأركان، إيال زامير، بتوسيع العمليات شمالاً وجنوباً، مع إنشاء مجمعات إضافية لتوزيع المساعدات.
تباعد المواقف حول الهدنة في غزة
بحسب متابعين للملف، فإن تعثر المبادرة الأمريكية الأخيرة يكشف التباعد الكبير في الرؤى بين الأطراف. فإسرائيل تشترط الإفراج عن جميع المحتجزين وتفكيك البنية العسكرية لحماس قبل التهدئة، فيما تصر الحركة على وقف شامل لإطلاق النار، ورفع الحصار كاملاً، والإفراج عن عدد كبير من الأسرى.
أما الإدارة الأمريكية، فترى أن “الهدنة المؤقتة” تمثل فرصة لبناء الثقة وتأسيس مسار تفاوضي شامل، إلا أن حركة حماس ترفض تجزئة الملفات، وتخشى من الوقوع في فخ تأجيل القضايا الجوهرية.
هل تنجح القاهرة والدوحة في الوصول لـ هدنة في غزة؟
برغم الفشل المتكرر في جولات سابقة، لا تزال مصر وقطر تمتلكان أوراق تأثير قوية. فالقاهرة، بحكم موقعها الجغرافي وصلاتها التاريخية مع فصائل غزة، تحتفظ بقنوات اتصال مفتوحة وفعالة. أما الدوحة، فتلعب دوراً محورياً في دعم القطاع اقتصادياً وإنسانياً، وتتمتع بعلاقات مباشرة مع قيادة حماس في الخارج.
ويرى دبلوماسيون عرب أن الدولتين تعولان على “صيغة معدلة” للمقترح الأمريكي، قد تشمل تحديد جدول زمني واضح لرفع الحصار، أو ضمانات عربية لإعادة الإعمار، إضافة إلى إشراك أطراف إقليمية فاعلة مثل تركيا والأردن.
هدنة ممكنة في غزة
وفق مراقبون، لا تزال احتمالات العودة إلى الهدنة قائمة، لكنها تبقى هشّة في ظل الانقسام السياسي، والتصعيد الميداني، وغياب الثقة بين الأطراف. وتبقى الوساطة المصرية-القطرية هي المسار الوحيد الذي يحظى بقبول نسبي لدى جميع المعنيين.
ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، تزداد الحاجة إلى مبادرة واقعية تُراعي شروط كل طرف، وتؤسس لخريطة طريق تفضي إلى إنهاء دائم للحرب التي تدخل شهرها التاسع.
اقرا أيضا
دولة فلسطينية في فرنسا.. هل تنقلب واشنطن على ماكرون بسبب إسرائيل؟