بوتين: سأوافق على وقف إطلاق النار.. لكن بشروطي

القاهرة (خاص عن مصر)- أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنه سيقبل بوقف إطلاق النار قصير الأمد في أوكرانيا، لكنه أكد أن أي اتفاق يجب أن يتوافق مع مطالب روسيا.
تُبرز شروط بوتين للموافقة على الهدنة تعقيدات الصراع الدائر، مُبرزةً إصراره على معالجة “الأسباب الجذرية” للأزمة وضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ويُمثل موقفه فرصةً لتهدئة الوضع، وتحديًا كبيرًا للمفاوضات الدولية.
قبول مشروط لوقف إطلاق النار
خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أكد بوتين أنه “يؤيد بشكل عام” الاقتراح المدعوم من الولايات المتحدة لهدنة لمدة 30 يومًا في أوكرانيا، ومع ذلك، شدد على أن موافقته ستعتمد على عدة شروط رئيسية.
من أبرز هذه النقاط إصراره على أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى سلام طويل الأمد، وأن يحل القضايا الأعمق في جوهر الصراع، مثل عضوية أوكرانيا المحتملة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وسلامة أراضيها.
قال بوتين: “نتفق مع مقترحات الهدنة، لكن موقفنا يرتكز على افتراض أن وقف إطلاق النار سيؤدي إلى سلام طويل الأمد”، كما أكد مجددًا أن روسيا لن تعيد أي أراضٍ استولت عليها من أوكرانيا، وهو موقف لا يزال يُعقّد محادثات السلام.
اقرأ أيضا.. المفاوضون الأمريكيون يصلون موسكو لإجراء محادثات الهدنة
“الفروق الدقيقة” والاستراتيجية الروسية
مع إقراره بالخطة الأمريكية، فإن إشارة بوتين المباشرة إلى “الفروق الدقيقة” دقّت ناقوس الخطر، ويحذر دبلوماسيون مطلعون على أساليب التفاوض الروسية من أن هذه اللغة محاولة تقليدية لتأخير المفاوضات وتعقيدها.
فمن خلال تفكيك اقتراح وقف إطلاق النار إلى تفاصيل لا نهاية لها، يمكن لبوتين أن يبدو متعاونًا، وفي الوقت نفسه يكسب الوقت لكسب المزيد من الأرض في ساحة المعركة، وممارسة ضغط إضافي على أوكرانيا والغرب.
علق بوتين: “الفكرة نفسها صحيحة، لكن هناك قضايا نحتاج إلى مناقشتها”، كما ذكر أن تساؤلات جدية لا تزال قائمة حول كيفية تنفيذ الهدنة، ومن سيتولى زمام الأمور، ويشير هذا الغموض إلى أن روسيا قد تسعى للتلاعب بشروط وقف إطلاق النار لمصلحتها.
القضايا الرئيسية: الناتو، والأراضي، والتعبئة العسكرية
تُبرز شروط بوتين لوقف إطلاق النار أهدافه الاستراتيجية الأوسع، فلطالما أصرّ على ضرورة عرقلة طموحات أوكرانيا للانضمام إلى الناتو، وهو موقف يراه أساسيًا لمصالح روسيا الأمنية.
علاوة على ذلك، أوضح أن روسيا لن تتخلى عن أي من الأراضي التي استولت عليها في أوكرانيا، مما يُعقّد أي تسوية محتملة.
بالإضافة إلى ذلك، طالب بوتين أوكرانيا بالامتناع عن تعبئة القوات خلال فترة الهدنة المقترحة لمدة 30 يومًا، وهي خطوة قد تمنح روسيا اليد العليا في حال انتهاء الهدنة واستؤنف القتال.
هذا المطلب، في حال قبوله، سيمنع أوكرانيا فعليًا من إعادة بناء قواتها العسكرية خلال فترة الهدنة، مما يمنح روسيا الوقت الكافي لتعزيز مكاسبها على الأرض.
حسابات بوتين الاستراتيجية: الوضع الميداني
يعكس إصرار بوتين على هذه الشروط جزئيًا الديناميكيات المتغيرة في ساحة المعركة. فقد أحرزت القوات الروسية تقدمًا ملحوظًا في مناطق رئيسية، بما في ذلك منطقة كورسك، وتشير تصريحات بوتين بأن روسيا تتقدم عبر “خط المواجهة بأكمله تقريبًا” إلى أن روسيا تعتقد أنها تملك زخمًا في الصراع.
أشار الرئيس الروسي أيضًا إلى أن الخطوات التالية في الصراع ستستند إلى التطورات في كورسك، حيث أفادت التقارير بأن القوات الروسية استعادت أراضي من القوات الأوكرانية، وقد تُسهم هذه الخطوة في صياغة شروط أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار، حيث تُرسّخ روسيا مكانتها كقوة مهيمنة في المنطقة.
ردود الولايات المتحدة وحلف الناتو: هل سيقبلان شروط بوتين؟
تواجه الولايات المتحدة وحلف الناتو الآن خيارًا صعبًا. فمن ناحية، قد يُتيح قبول شروط بوتين لوقف إطلاق النار هدنة مؤقتة من الصراع ويفتح الباب أمام مفاوضات طويلة الأمد.
من ناحية أخرى، قد يؤدي منح روسيا تنازلات كبيرة – مثل منع انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو السماح لها بتحقيق مكاسب إقليمية – إلى تقويض سيادة أوكرانيا وتشجيع بوتين على مطالبته بمزيد من السيطرة الإقليمية.
يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سبق أن أعرب عن دعمه للهدنة، نفسه في موقف صعب. فرغم إشادته بتصريحات بوتين “الواعدة”، يتعين على ترامب أن يقرر ما إذا كان سيدفع باتجاه وقف إطلاق النار بشروط بوتين، أو سيتمسك باتفاق أكثر توازناً يضمن سلامة أراضي أوكرانيا وأمنها المستقبلي.