بين القصف والتلوث.. القمامة تتحول إلى سلاح قاتل في شوارع غزة

في الوقت الذي تتواصل فيه الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، تظهر أزمة أخرى لا تقل فتكًا على المدى القريب والبعيد، حيث تتحول أكوام القمامة المنتشرة بين الأحياء إلى تهديد مباشر لحياة السكان، في ظل انهيار البنية التحتية، وصعوبة الوصول إلى المكبات الرسمية.

وبحسب بلدية غزة، فإن كمية النفايات المتراكمة داخل المدينة تجاوزت 250 ألف طن، نتيجة التوقف شبه الكامل لأعمال جمع وترحيل النفايات منذ أسابيع، وسط عجز البلديات عن أداء مهامها بسبب نقص الوقود، وتدمير آلياتها، وإغلاق الطرق بفعل القصف المتواصل.

إسرئيل تعمّق أزمة القمامة في غزة

الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 17 عامًا، والانهيار الكامل في منظومة الخدمات جراء العدوان الأخير، ساهما في تفاقم أزمة النفايات.

وتمنع القوات الإسرائيلية وصول طواقم البلدية إلى المكب الرئيسي في منطقة جحر الديك شرق غزة، ما أدى إلى تراكم النفايات في الشوارع والمناطق السكنية.

في ظل هذه الظروف، تلجأ بلدية غزة إلى حلول مؤقتة مثل تجميع النفايات في نقاط داخل المدينة، وتنفيذ عمليات كنس جزئية للشوارع الرئيسية، لكنها تؤكد أن هذه الجهود “لا ترقى لمستوى الأزمة” ولا تحمي السكان من تداعيات التدهور البيئي.

أزمة القمامة في غزة تهدد القطاع بكارثة صحية

يحذر أطباء وخبراء صحة من أن تراكم النفايات بهذا الشكل الكارثي يهدد بانتشار الأمراض المعدية، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وقلة المياه النظيفة.

وتشير التقديرات الطبية إلى ارتفاع خطر تفشي الإسهال، الكوليرا، وأمراض الجهاز التنفسي، في بيئة تفتقر لأبسط وسائل الوقاية والرعاية الصحية.

كما تسبب النفايات المتراكمة في تكاثر الحشرات والقوارض، ما يزيد من احتمالات انتقال الأوبئة في مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة، ومخيمات مكتظة بالنازحين، وسط انهيار النظام الصحي وشح الأدوية.

ارتفاع حصيلة الضحايا

مع ارتفاع أعداد الشهداء والمصابين جراء العدوان، تواجه مستشفيات غزة ضغطًا هائلًا. وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة الضحايا خلال الـ24 ساعة الماضية بلغت 79 شهيدًا و163 مصابًا، لترتفع الحصيلة الإجمالية إلى 54,056 شهيدًا و129,123 مصابًا منذ بدء العدوان.

في ظل هذه الظروف، تفتقر المستشفيات إلى القدرة على التعامل مع موجة محتملة من الأمراض البيئية الناتجة عن تكدس النفايات، وسط نقص حاد في الوقود والكهرباء والمستلزمات الطبية.

القمامة في غزة سلاح جديد للقتل الصامت

بحسب تقارير ففي غزة، لم تعد الحرب تدار فقط بالصواريخ والطائرات، بل صارت النفايات سلاحًا صامتًا يفتك بالسكان دون ضجيج. إذ يواجه المواطنون خطرًا مزدوجًا: الموت المباشر تحت القصف، أو الموت البطيء بفعل التلوث والأمراض.

ومع استمرار الاحتلال في منع إدخال المعدات والمستلزمات الضرورية لعمل البلديات، وتضييق الخناق على أي محاولة لمعالجة الأزمة، تتحول القمامة إلى “قاتل بلا سلاح”، في مشهد يلخص المأساة المركبة التي يعيشها القطاع.

أرقام النزوح تتزايد والمعاناة تتفاقم

وفي سياق متصل، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تسببت في نزوح أكثر من 180 ألف شخص خلال الفترة ما بين 15 و25 مايو/أيار الجاري، وهو ما يضاعف الضغط على المخيمات والمراكز المؤقتة التي تفتقر للخدمات الأساسية، بما فيها جمع القمامة ومعالجة المياه.

من جهتها، أكدت حركة “حماس” أن إسرائيل تمارس القتل والتجويع والتلويث البيئي بحق المدنيين منذ أكثر من 600 يوم. ودعت الحركة إلى أيام غضب عالمي خلال عطلة نهاية الأسبوع، للضغط على إسرائيل لوقف “المحرقة” المستمرة في القطاع.

كما دعت الحركة إلى تعزيز الحراك الدولي المساند لحقوق الشعب الفلسطيني، وتسليط الضوء على الوجه الآخر للعدوان المتمثل في الأزمات البيئية والصحية، التي تهدد الحياة اليومية لملايين السكان.

اقرا أيضا

رغم اتفاق حماس وأمريكا.. إسرائيل تستدعي مئات الآلاف من جنود الاحتياط| ماذا يحدث؟

زر الذهاب إلى الأعلى