ترامب هدد باستعادتها.. ما علاقة أمريكا بـ قناة بنما ؟
أعادت تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب باستعادة قناة بنما وفرْض سيطرة الولايات المتحدة عليها، الحديث حوْل تاريخ تلك القناة وعلاقتها بأمريكا.
وكان ترامب قد اتهم بنما، السبت، بفرض رسوم باهظة مقابل استخدام القناة الاستراتيجية الواصلة بين المحيطين الأطلسي والهادئ.
وهدَّد ترامب، الذي سيدخل البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، بأنه إذا لم تُدِر بنما القناة بطريقة مقبولة، فسوف يطالب البلد الحليف للولايات المتحدة، بتسليمها، وإعادتها للسيادة الأمريكية.
سأوقف الحروب وأمنع الفوضى.. ترامب يوزع الوعود ويشعل الأزمات في احتفالات الميلاد
وتأتي تهديدات ترامب في وقت تعيش فيه قناة بنما، الشريان الحيوي للتجارة العالمية، أزمة تُهدِّد وظيفتها كمعبر ملاحي رئيسي. في ظل الجفاف الذي تعيشه المنطقة، ويُقلل من منسوب المياه، ما يُعيق حركة السفن ويُكبّد الاقتصاد العالمي خسائر فادحة.
الجفاف يُحاصر قناة بنما
وبحسب تقارير، يُعاني إقليم بنما من جفاف حاد أدى إلى انخفاض منسوب المياه في بحيرتي جاتون وألاخويلا، وهما المصدران الرئيسيان للمياه التي تُستخدم لتشغيل نظام الأهوسة في القناة.
هذا النظام، الذي يُشبه المصاعد المائية، يرفع السفن من مستوى سطح البحر إلى مستوى القناة، ثم يُنزلها مرة أخرى إلى الجانب الآخر.
ومع نقص المياه، اضطرت هيئة قناة بنما إلى تقليل عدد السفن المسموح لها بالعبور يومياً، ما أدى إلى تأخيرات كبيرة وارتفاع تكاليف الشحن، الأمر الذي يُلقي بظلاله على سلاسل الإمداد العالمية. يُتوقع أن يستمر هذا الوضع لعام كامل، ما لم يشهد الإقليم موسمًا مطيرًا غزيرًا يُعيد ملء البحيرات.
تهديدات ترامب
في خضم هذه الأزمة، أطلق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تصريحات أثارت جدلًا واسعًا؛ حيث اعتبر أن تسليم إدارة القناة إلى بنما عام 1999 لم يكن “بادرة تعاون”، بل “تنازلاً”، مُلمِّحًا إلى إمكانية إعادة النظر في هذا الاتفاق.
واعتبر ترامب أن قناة بنما من الأصول الوطنية الحيوية للولايات المتحدة، بسبب دورها الحاسم في الاقتصاد الأمريكي، والأمن القومي.
اقرأ أيضًا: بعد تعيين الأقارب والأنصار.. هل يصبح أحمد الشرع ديكتاتور سوريا الجديد ؟
وأشار إلى أن الولايات المتحدة هي المستخدم الأول للقناة؛ إذ تتجه أكثر من 70% من عمليات العبور من أو إلى الموانئ الأمريكية.
هذه التصريحات أعادت إلى الأذهان تاريخًا طويلًا من التدخل الأمريكي في شؤون بنما، الذي بدأ في أوائل القرن العشرين.
علاقة الولايات المتحدة بقناة بنما
في أواخر القرن التاسع عشر، بدأت فرنسا محاولة شق قناة عبر برزخ بنما، لكنها فشلت بسبب صعوبة التضاريس والأمراض الاستوائية.
في أوائل القرن العشرين، تدخلت الولايات المتحدة بقوة، بدعم من الرئيس ثيودور روزفلت، وعرضت على كولومبيا، التي كانت تتبعها بنما آنذاك، مبلغًا ماليًا مقابل حق إنشاء القناة وهو ما رفضته كولومبيا، فدعمت الولايات المتحدة حركة انفصالية في بنما، أعلنت استقلالها عام 1903.
اتفاقية بناء القناة
بعد استقلال بنما، وقعت الولايات المتحدة معها اتفاقية “هاي-بوناو-فاريلا” عام 1903، والتي منحت الولايات المتحدة حقوقاً واسعة في منطقة القناة، بما في ذلك حق بناء القناة وإدارتها بشكل دائم.
بدأت أعمال البناء عام 1904 واستمرت حتى عام 1914، وشهدت وفاة الآلاف من العمال نتيجة الأمراض والحوادث.
سيطرت الولايات المتحدة بشكل كامل على منطقة القناة لعقود طويلة، ما أثار استياءً شعبياً في بنما.
تصاعدت المطالبات باستعادة السيادة على القناة، وبلغت ذروتها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وشهدت المنطقة احتجاجات واضطرابات.
تسليم القناة لبنما
في عام 1977، وقع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر والرئيس البنمي عمر توريخوس معاهدات تُعرف باسم “معاهدات توريخوس-كارتر”، والتي نصت على تسليم إدارة القناة إلى بنما بشكل تدريجي، على أن يتم التسليم الكامل بحلول 31 ديسمبر 1999. وقد تم ذلك بالفعل، لتنتهي بذلك حقبة طويلة من النفوذ الأمريكي المباشر على القناة.