تصعيد بلا خطة وتهديدات غامضة في لعبة محفوفة بالمخاطر.. هل يقود ترامب المنطقة نحو الانفجار؟

منذ دخوله البيت الأبيض، ابتعد دونالد ترامب عن مسار الدبلوماسية التقليدية، مفضلا نهجا يقوم على التصعيد، الغموض، والتأثير الإعلامي العلني. أما اليوم، فنحن أمام أخطر مراحل هذا النهج: دبلوماسية بالقنابل، لا الكلمات.

لعبة دبلوماسية عالية الخطورة

ووفقا لـ “سكاي نيوز” البريطانية، فإنه في مشهد يتصاعد أمام أعين العالم، يوظف ترامب ما يراه “فن إبرام الصفقات”، أكثر محاولاته عدوانية حتى الآن، حيث أن أدواته هذه المرة تشمل طائرات B-2 الشبحية وقنابل خارقة للتحصينات.

تسريبات مُنظمة وصياغة متعمدة للرواية

ومع تصاعد الموقف مع إيران، يبدو أن البيت الأبيض يشن حملة ضغط عامة من خلال تسريبات استراتيجية. فقد أصبحت وسائل إعلام أمريكية رئيسية مثل نيويورك تايمز وأكسيوس قنوات لمسؤولين مجهولين يصوغون الرواية.

فقد نقلت نيويورك تايمز، عبر مراسليها البارزين، أن الرئيس الأمريكي يفكر جديا في ضرب المنشآت النووية الإيرانية المحصنة، باستخدام قاذفات شبح متطورة من طراز B-2 قادرة على اختراق عمق الأرض.

وفي المقابل، كشف موقع أكسيوس عن احتمال عقد اجتماع بين مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي،مما يُلمح إلى قنوات دبلوماسية خلفية وسط الفوضى.

لكن الجمع بين التهديد العسكري والتحركات الدبلوماسية السرية يعكس تناقضا واضحا في منهجية الإدارة الأمريكية.

تحذير ترامب لطهران.. ضغط نفسي أم مقدمة لضربة حقيقية؟

وفي تحذير مثير وغير دقيق جغرافيا، دعا ترامب “الجميع” في طهران إلى الإخلاء، رغم أن المواقع النووية المستهدفة ليست في العاصمة. إلا أن الرسالة الحقيقية ليست جغرافية بقدر ما هي رمزية ونفسية.

وهذا التحذير الصارخ، الذي يفتقر إلى الدقة الجغرافية، يخدم غرضا يتجاوز الرسائل العسكرية فهو تكتيك نفسي متعمد يهدف إلى نشر البلبلة وبث الذعر والارتباك، وفرض أقصى درجات الضغط النفسي والسياسي على القيادة الإيرانية.

وتطمس هذه الاستراتيجية الخط الفاصل بين التهديد الحقيقي وسياسة حافة الهاوية المُصطنعة. ويصف مارك ستون تصرفات إدارة ترامب في هذه المرحلة بأنها “لعبة دخان ومرايا”، تتأرجح بين التهديد الفعلي وسياسة التخويف. ومع أن النوايا قد تكون غير واضحة، إلا أن التأثير المباشر على الإيرانيين – قيادة وشعبا – حقيقة لا يمكن إنكارها.

تغيير النظام.. الخطر الأكبر بلا خطة بديلة

وإحدى أكثر الإشارات إثارة للقلق تتمثل في مغادرة ترامب المفاجئة لقمة مجموعة السبع في كندا، وما تلاه من اجتماع عاجل لفريقه للأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض. فهذه التصرفات تعكس مدى الإلحاح والخطورة اللذين تتعامل بهما هذه الإدارة مع إيران، وربما النية الحقيقية لتغيير النظام.

إن احتمال تغيير النظام في إيران، سواء أعلن عنه صراحة أم لا، فإنه يلوح في الأفق. ولكن كما يُظهر التاريخ – من العراق إلى ليبيا – إن تغيير النظام قسرا دون خطة شاملة ومستدامة غالبا ما يؤدي إلى انهيار مؤسسات الدولة، الفوضى والحرب الأهلية والنزوح الجماعي. وكما يحذر ستون، “بالتأكيد لا توجد خطة هنا”.

وفي حال دفع النظام الإيراني إلى الزاوية، فإن التداعيات قد تتجاوز حدود طهران إلى كامل الشرق الأوسط، وربما أبعد من ذلك.

اقرأ أيضا.. جوارب وأحذية وهاتف ترامب الذكي.. أبناء الرئيس يطلقون ترامب موبايل

بين التهديد والغموض.. سياسة محفوفة بالمخاطر

تُظهر الاستراتيجية الأمريكية الحالية تناقضا خطيرا، ضغوط هائلة من دون رؤية واضحة للمآل. والغموض الاستراتيجي، رغم فائدته في خلق حالة من الترقب لدى الخصم، قد يتحول إلى سلاح ذو حدين، إذ يزيد من احتمالية الأخطاء والتصعيد غير المقصود.

ويرى ستون أن هذه ليست خطة مدروسة بقدر ما هي مقامرة سياسية ـ دبلوماسية بأدوات عسكرية، قد تنتهي بتفاوض مثمر أو بانفجار إقليمي كبير.

زر الذهاب إلى الأعلى