تغييرات غير مسبوقة في حكومة الإمارات.. وزارة جديدة ترى النور والذكاء الاصطناعي يدخل مراكز القرار

في إعلان مفصلي يعكس الرؤية المستقبلية لحكومة الإمارات، كشف الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن مجموعة تغييرات حكومية جوهرية شملت إنشاء وزارة جديدة للتجارة الخارجية وتعديل مسمى وزارة الاقتصاد لتصبح “وزارة الاقتصاد والسياحة”.

وجاء هذا التغيير بالتنسيق مع رئيس الدولة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مما يعكس توجه القيادة نحو إعادة توزيع المسؤوليات داخل الحكومة، مع التركيز على قطاعات التجارة والسياحة التي تشهد نموا متسارعا.

وفي هذا السياق، تم تعيين الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزيرا للتجارة الخارجية، في حين تولى عبدالله بن طوق المري وزارة الاقتصاد والسياحة، في خطوة توحي بتعزيز أدوار كل من القطاعين السياحي والتجاري كمحركات جديدة للنمو.

الذكاء الاصطناعي.. شريك جديد في صناعة القرار

وإلى جانب التغييرات الوزارية، كشفت الحكومة عن خطوة لافتة تتعلق بإدماج الذكاء الاصطناعي ضمن عملية صنع القرار الحكومي.

واعتبارا من يناير 2026، سيتم اعتماد منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية كعضو استشاري في مجلس الوزراء، المجلس الوزاري للتنمية، ومجالس إدارات الهيئات والشركات الحكومية كافة.

والهدف المعلن من هذا التوجه هو دعم قرارات هذه المجالس عبر تقديم تحليلات فورية، ومشورة تقنية قائمة على تحليل البيانات، في محاولة لرفع كفاءة السياسات الحكومية وتعزيز فاعلية عمل المؤسسات.

ووفقا لما أكده الشيخ محمد بن راشد، فإن هذه الخطوة جاءت استجابة لحالة “إعادة التشكيل الشاملة” التي يشهدها العالم على الصعد العلمية والاقتصادية والاجتماعية، وهي دعوة صريحة للاستعداد المبكر للعقود القادمة.

التحول الرقمي كجزء من استراتيجية طويلة المدى

وتتماشى هذه المبادرة مع “استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031″، التي تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحكومية والاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها. كما تأتي في إطار “مئوية الإمارات 2071” التي تضع تصورا طويلا لمستقبل الدولة.

وبحسب الاستراتيجية، من المتوقع أن يصل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات وتحليل البيانات إلى نسبة 100% بحلول عام 2031، ما يشير إلى توجه واسع نحو تقنيات الحوكمة الرقمية.

خطوة تقنية بنكهة سياسية

ويرى مختصون أن إدخال الذكاء الاصطناعي في العمل الحكومي لا يمثل فقط نقلة تقنية، بل هو أيضا خطوة سياسية تعكس تغيرا في طبيعة العلاقة بين متخذي القرار والتكنولوجيا. فبدلا من التعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة تشغيلية، يتم توظيفه اليوم كمكون استشاري يشارك في توجيه السياسات.

وفي المقابل، يحذر الخبراء من التحديات المرتبطة بهذا التوجه، خاصة ما يتعلق بالأمان السيبراني، الخصوصية، والانحيازات الخوارزمية التي قد تؤثر على جودة التوصيات الصادرة.

انعكاسات اقتصادية واستثمار في المستقبل

وتشير تقارير دولية إلى أن مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات قد تصل إلى نحو 96 مليار دولار بحلول عام 2030، أي ما يعادل 14% من الناتج.

وقد ضخت الحكومة استثمارات في مشاريع الذكاء الاصطناعي شملت مجالات متعددة مثل النقل والطاقة والتحول الرقمي في الخدمات العامة.

كما طورت الدولة البنية التحتية الرقمية، وأطلقت مؤسسات أكاديمية مثل “جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي”، إضافة إلى “مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي والبلوك تشين” لتنسيق المشاريع وتنظيم الاستخدامات.

تحديات الحوكمة الذكية

ورغم الطموحات المعلنة، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارة الحكومية يطرح تساؤلات حول آليات الرقابة، وشفافية البيانات، ومدى قدرة النظم على تجنب التحيزات والتفسيرات الخاطئة للمعلومات.

اقرأ أيضا.. استهدف طهران.. الكتاب الذي ألهم نتنياهو في حربه على إيران

وقد حذرت منظمات رقابة البيانات حول العالم من الاعتماد الكامل على تقنيات غير مفهومة للعامة، ما يستدعي نقاشا مؤسسيا حول الضوابط والمعايير الأخلاقية.

توجه عالمي.. والإمارات من بين الدول المبادرة

وتتماشى خطوة الإمارات مع توجه عالمي نحو استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة، غير أن خصوصية التجربة تكمن في منح الذكاء الاصطناعي دورا رسميا واستشاريا في صنع القرار، وهو أمر لم تعتمده معظم الدول حتى الآن بشكل مؤسسي.

زر الذهاب إلى الأعلى