تقارير متضاربة حول دعم أمريكي بـ30 مليار دولار للبرنامج النووي الإيراني.. وترامب يكشف الحقيقة

أثارت تقارير إعلامية أمريكية حديثة جدلًا واسعًا حول مزاعم بأن إدارة ترامب تدرس اقتراحًا لمساعدة إيران في تطوير البرنامج النووي المدني بقيمة 30 مليار دولار.
ونقلت شبكتا “سي إن إن” و”إن بي سي نيوز” عن مصادر مجهولة أنَّ الخطة كانت من بين عدة خيارات يدرسها المسؤولون الأمريكيون لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات في أعقاب التصعيد العسكري الأخير.
ترامب ينفي بشكل قاطع: “لم أسمع بهذا الاقتراح من قبل”
ومع ذلك، سارع الرئيس دونالد ترامب إلى نفي هذه التقارير في منشور لاذع على موقع “Truth Social” مساء الجمعة، واصفا الاقتراح بأنه “فكرة سخيفة” و”خدعة” روجتها “وسائل الإعلام الكاذبة”، بحسب وكالة “رويترز”.
وكتب ترامب: “من هو هذا الشخص الفاسد في وسائل الإعلام الكاذبة الذي يقول إن ‘الرئيس ترامب يريد منح إيران 30 مليار دولار لبناء منشآت نووية غير عسكرية؟ لم أسمع بهذه الفكرة السخيفة من قبل”.
مناقشات أولية وحوافز استراتيجية
ووفقًا لتقارير شبكة “سي إن إن”، صُممت الخطة المزعومة لوقف برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني – وهو مصدر قلق طويل الأمد للقوى الغربية – مقابل حوافز اقتصادية.
وشملت هذه الحوافز، بحسب التقارير، إمكانية الإفراج عن ما يصل إلى 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج، ورفع بعض العقوبات، ودعم الدول العربية في تمويل برنامج نووي للاستخدام المدني فقط.
وتقول مصادر إن المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، ومسؤولين في دول الخليج ناقشوا الفكرة في الأيام التي سبقت عملية “مطرقة منتصف الليل”، وهي سلسلة من الضربات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية في فوردو وأصفهان ونطنز. ويشير المطلعون إلى أن الهدف كان استخدام الضغط العسكري كوسيلة ضغط لبدء المحادثات.
وصرح مسؤول في الإدارة الأمريكية لشبكة CNN، بالقول إن “الولايات المتحدة مستعدة لقيادة هذه المحادثات، وسيتعين على جهة ما دفع تكاليف بناء البرنامج النووي، لكننا لن نلتزم بذلك”.
ومع ذلك، يُحذر الخبراء من أن أيا من الأفكار المطروحة لم يُحسم بعد، ويُؤكدون على حالة عدم اليقين المحيطة بالدبلوماسية الأمريكية الإيرانية.
رسائل ترامب المُتباينة بشأن محادثات إيران
وعلى الرغم من رفضه العلني للمقترح، استمر ترامب في التلميح إلى فرص دبلوماسية مُحتملة.
وخلال ظهور صحفي في البيت الأبيض إلى جانب وزيري خارجية رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، صرّح قائلًا: “إنهم [المسؤولون الإيرانيون] يريدون مقابلتي، وسنفعل ذلك بسرعة… إنهم ليسوا أغبياء”.
ومع ذلك، قال متحدثون باسم وزارة الخارجية الإيرانية إنه لا يوجد موعد مُقرر لمثل هذا الاجتماع، مما يُعمّق الغموض حول نوايا الولايات المتحدة.
وفي قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، زاد ترامب من غموض التوقعات، قائلاً: “يمكنني الحصول على بيان يفيد بأنهم لن يتجهوا نحو امتلاك أسلحة نووية، ومن المرجح أن نطلب ذلك… لا يهمني إن كان لديّ اتفاق أم لا”.
تصعيد عسكري يسبق المبادرات السياسية
وتأتي هذه التقارير في أعقاب تبادل عسكري مكثف بين إيران والولايات المتحدة، والذي أشعلته ضربة إسرائيل على مواقع إيرانية في 13 يونيو، والتي أشعلت فتيل صراع إقليمي أوسع.
ورداً على ذلك، شنت إيران هجوما صاروخيا انتقاميا على قاعدة أمريكية في قطر، مما دفع الولايات المتحدة إلى قصف منشآت نووية إيرانية. وأُعلن عن وقف إطلاق نار بوساطة ترامب في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، لا تزال الظروف الدبلوماسية متوترة. فقد أعلن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي “نصراً” رمزيا في خطاب مذاع، قائلا: “لقد انتصرت الجمهورية الإسلامية، وردّت بضربة قاضية على وجه أمريكا”.
وسارع ترامب إلى رفض التعليقات المنشورة على موقع “تروث سوشيال”، منتقدًا خطاب خامنئي وربطه بالمناقشات المتعثرة حول تخفيف العقوبات.
المخاوف الدولية: هل تخرج إيران من مظلة الرقابة النووية؟
وفي حين تُصرّ إيران على أن برنامجها النووي سلمي ويخضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البرلمان الإيراني لتسريع الانسحاب من التعاون مع الوكالة أثارت مخاوف جديدة.
ووفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لا يوجد حاليا “مؤشر موثوق” على وجود برنامج منسق للأسلحة النووية في إيران. ومع ذلك، فإن هذه التطمينات تواجه تحديا بسبب المواقف العسكرية والخطاب السياسي المتصاعد من كلا الجانبين.
ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل، التي يُعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك أسلحة نووية وليست طرفا في معاهدة حظر الانتشار النووي، ظلت تعارض بشدة أي سياسة تُعتبر إضفاء الشرعية على القدرات النووية الإيرانية أو تمكينها منها.
ضبابية الرؤية الأمريكية.. تناقضات داخلية أم أوراق ضغط دبلوماسي؟
ومع استمرار التوترات وتضارب رسائل واشنطن، يحذر المحللون من صعوبة التنبؤ بالاتجاه الحقيقي للسياسة الأمريكية تجاه إيران. وقد تعكس التقارير عن استثمار محتمل بقيمة 30 مليار دولار في البنية التحتية النووية الإيرانية انقسامات داخلية داخل الإدارة أو استراتيجية ضغط شعبي مدروسة.
اقرأ أيضًا: تفاصيل الصفقة الكبرى بين ترامب ونتنياهو.. هل تتوقف الحرب في غزة خلال أيام؟
وأشار مصدر مطلع على جولات سابقة من المفاوضات الأمريكية الإيرانية إلى أن: “هناك الكثير من الأفكار التي يطرحها مختلف الأشخاص.. أعتقد أن ما سيحدث هنا غير مؤكد تماما”.
وسواء تم التوصل إلى اتفاق جديد أو تفاقمت المواجهة الحالية، فإن المرحلة الحالية في العلاقات الأمريكية الإيرانية تُبرز التوازن الهش بين الدبلوماسية والقوة، والتأثير الشخصي الذي لا يزال الرئيس ترامب يمارسه على النتيجة.