تمتلكها أمريكا فقط.. ما الأسلحة المستخدمة في الضربة الأمريكية على إيران؟

في تصعيد دراماتيكي للتوترات في الشرق الأوسط، أمر الرئيس دونالد ترامب بشن غارة جوية على المنشآت النووية الإيرانية، والتي أسفرت عن تدمير موقع فوردو النووي، أحد أكثر المواقع سرية وتحصينا في إيران، باستخدام 12 قنبلة خارقة للتحصينات، إلى جانب 30 صاروخ توماهوك أُطلقت من غواصات أمريكية متمركزة على بُعد 400 ميل (حوالي 643 كيلومتر).

وفي تصريح حصري لقناة “فوكس نيوز”، كشف مراسل القناة شون هانيتي تفاصيل الضربة لأول مرة، حيث نقل عن محادثة حصرية مع ترامب عقب الهجمات، والتي تم تأكيدها لاحقا من قبل مسؤولين أمريكيين. وأكد هؤلاء المسؤولون أن الموقع الإيراني فوردو قد “اختفى”، في إشارة إلى أن المنشأة قد تم تدميرها بشكل كامل.

وأُشيد بهذا الهجوم العسكري – الذي وصفه البعض بأنه نقطة تحول – كرد مباشر على طموحات إيران النووية، لكنه ترك الخبراء والاستراتيجيين العسكريين والمحللين الجيوسياسيين يتساءلون عن تداعيات مثل هذه الضربة عالية المخاطر وأثرها على مسار البرنامج النووي الإيراني، بحسب صحيفة “ديلي ميل”.

الضربة الأمريكية.. كيف شلّت الولايات المتحدة القدرات النووية الإيرانية؟

اشتملت الضربة الأمريكية على مجموعة من الأسلحة المتطورة، بما في ذلك قاذفات الشبح B-2، وهي الطائرة الوحيدة القادرة على إطلاق قنبلة GBU-57 الخارقة للذخائر الضخمة (MOP)، وهي قنبلة خارقة للتحصينات تزن 30 ألف رطل.

واستُخدمت هذه القنابل، التي تعتمد على القوة الحركية والوزن لاختراق الأهداف المدفونة بعمق قبل الانفجار، بطريقة لم تُشاهد من قبل في القتال.

وأشار خبراء عسكريون إلى أن قدرة قنبلة MOP على الاختراق بعمق 200 قدم تحت سطح الأرض قبل تفجيرها، جعلتها سلاحا مثاليا لضرب منشآت خفية محصنة مثل منشأة فوردو للتخصيب النووي.

ومن خلال نشر 12 قنبلة في نفس الوقت، كانت العملية تهدف إلى التأكد من القضاء على أي إمكانية لإعادة بناء أو إصلاح الموقع النووي.

وقامت قاذفات الشبح B-2، التي تُعد من أغلى الطائرات في الترسانة الأمريكية، برحلة شاقة دامت 37 ساعة للوصول إلى الأهداف، حيث تم تزويدها بالوقود أثناء الطيران عدة مرات في طريقها من قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري.

وورد أن إسرائيل، التي سبق أن شنت غارات جوية على مواقع نووية إيرانية، طلبت المساعدة الأمريكية في هذه المهمة تحديدا. إلا أن الهجوم لم يتوقف عند فوردو، إذ نشرت الولايات المتحدة أيضا صواريخ توماهوك، التي أُطلقت من غواصات، لتدمير موقعين نوويين إضافيين في إيران؛ ما يعكس عزم الولايات المتحدة على ضرب البرنامج النووي الإيراني بشكل شامل.

خطوة عسكرية عالية المخاطر.. التداعيات الاستراتيجية

وتثير العملية العسكرية، التي تتضمن أسلحة متطورة وباهظة الثمن، تساؤلات جوهرية حول التأثير طويل المدى لمثل هذه الضربة.

قاذفات الشبح B-2، التي تبلغ تكلفة كل منها نحو مليار دولار، تم استخدامها في عملية غير مسبوقة. ويُشير نشرها، إلى جانب استخدام قنابل خارقة للتحصينات نادرا ما تستخدم في القتال، إلى تصعيد خطير.

ويقول بعض المحللين العسكريين إن تدمير فوردو يُمثل انتكاسة كبيرة للبرنامج النووي الإيراني، ولكنه يزيد أيضا من خطر الانتقام.

وقد أصدر المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، تحذيرات شديدة اللهجة من “ضرر لا يُمكن إصلاحه” للولايات المتحدة إذا استمرت الضربات على الجمهورية الإسلامية.

ووصف مسؤولون إيرانيون، بمن فيهم المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي، الضربات بأنها “وصفة لحرب شاملة في المنطقة”، ما يعكس التحذيرات الإيرانية من التصعيد العسكري.

وتضع هذه التهديدات الإيرانية العالم أمام تحديٍ كبير. فبينما كان ترامب يعول على القوة العسكرية لردع إيران، فإن الواقع قد يتطور إلى مواجهة مفتوحة بين الطرفين. وهذا يطرح تساؤلات حول فعالية الخيار العسكري في مواجهة طموحات إيران النووية، خاصة مع التصريحات المتشددة من كلا الجانبين.

الضربة الأمريكية.. التداعيات الجيوسياسية الأوسع

ويُعد توقيت هذه الضربات حاسما. فالوضع في الشرق الأوسط غير مستقر منذ أشهر، مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران. وكانت إسرائيل قد شنت بالفعل غارات جوية شلت الدفاعات الجوية الإيرانية، مما أدى إلى مزيد من تدهور البنية التحتية النووية للبلاد.

ومع ذلك، فإن منشأة فوردو – إحدى أكثر المواقع الإيرانية تحصينا – تتطلب وسائل عسكرية متطورة، وهو ما تمت تلبيته عبر القنابل الخارقة للتحصينات.

وأكد خبراء عسكريون أن قدرة قنابل MOP على اختراق وتدمير الأهداف المدفونة عميقا تجعلها الحل الأمثل لتدمير منشأة مثل فوردو، التي لم تكن رمزا لطموحات إيران النووية فحسب، بل كانت أيضا من أكثر المواقع صعوبة في الهجوم.

وتعزز الضربة التصور بأن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام كل الوسائل العسكرية المتاحة في حال لم تستجب إيران للضغوط الدبلوماسية، بينما تزيد من تعقيد المفاوضات المستقبلية.

الولايات المتحدة وإيران.. الطريق إلى صراع متصاعد

ويأتي قرار ترامب بالموافقة على الهجوم كجزء من استراتيجية أوسع نطاقا لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. تاريخيا، كانت الولايات المتحدة تأمل أن يُجبر التهديد بالقوة العسكرية، إلى جانب المفاوضات الدبلوماسية، قادة إيران على التخلي عن طموحاتهم النووية.

ومع ذلك، وبعد سنوات من المفاوضات الفاشلة وتصاعد التوتر، يبدو أن الخيارات العسكرية قد احتلت مركز الصدارة.

في حين تُصر الولايات المتحدة على التزامها بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، تُصر طهران باستمرار على عزمها مواصلة برنامجها النووي، رغم العقوبات الدولية والتهديدات بالعمل العسكري. وهذا الجمود لا يترك مجالا كبيرا للحل الدبلوماسي، لا سيما مع الخطاب المتشدد من كلا الجانبين.

السابقة الخطيرة التي أرستها ضربة ترامب

وتُمثل الضربة الجوية على المنشآت النووية الإيرانية لحظة فارقة في السياسة الخارجية الأمريكية، مع إمكانية تشكيل مستقبل الدبلوماسية النووية والعلاقات الدولية.

اقرأ أيضا.. على خطى البحرين.. دولة خليجية جديدة تتأهب وتفعّل خطة الطوارئ بعد التصعيد الأمريكي في إيران

في حين قد ترى إدارة ترامب في الضربات ردا ضروريا على التهديد الوجودي الذي تشكله طموحات إيران النووية، إلا أنها ترسي أيضا سابقة خطيرة للاشتباكات العسكرية المستقبلية.

ويراقب الخبراء العسكريون والمحللون الجيوسياسيون عن كثب تداعيات هذه الإجراءات، مع التركيز بشكل خاص على احتمالية التصعيد في المنطقة. ويظل خطر اندلاع صراع شامل، ناجم عن سوء تقدير أو سوء تفاهم، خطرا حقيقيا وقائما.

زر الذهاب إلى الأعلى