ثورة طبية غير مسبوقة.. اكتشاف علمي فريد يمهد لـ علاج السرطان دون ألم أو آثار جانبية

في إنجاز قد يُعيد تشكيل خارطة علاجات السرطان، توصَّل باحثون من كلية الصيدلة في جامعة “تورو” الأمريكية بقيادة البروفيسور، راج كومار، إلى اكتشاف بالغ الأهمية يتعلق بالبنية الجزيئية الدقيقة لمستقبلات الهرمونات الستيرويدية (SHRs).

وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Nature Communications المرموقة، لتعلن عن فتح علمي يُقرب البشرية من علاج السرطان دون آثار جانبية مُنهِكة.

ووفقًا لموقع “ميديكال اكسبرس”، يُعد هذا الاكتشاف بمثابة خطوة حاسمة نحو تطوير أدوية تستهدف الورم فقط دون التأثير على الأنسجة السليمة، وهو ما لطالما شكَّل هدفًا بعيد المنال في عالم الطب السريري.

لماذا تشكّل مستقبلات الهرمونات هدفا رئيسيا في علاج السرطان؟

تُعد مستقبلات الهرمونات الستيرويدية – وهي بروتينات ترتبط بالهرمونات مثل الإستروجين والتستوستيرون – من المحركات الأساسية لنمو أنواع شائعة من السرطان مثل سرطان الثدي، والبروستاتا، والمبيض.

وتعتمد هذه السرطانات على هذه المستقبلات في التغلغل داخل أنظمة الجسم الحيوية وتسريع نمو الخلايا السرطانية.

لكن ما يُعقّد العلاج هو أن الأدوية المتوفرة حاليا لا تفرق بين الخلايا المريضة والسليمة، ما يؤدي إلى آثار جانبية خطيرة.

ويحذر الدكتور كومار قائلا: “أنت تحاول علاج سرطان الثدي، ولكنك في الوقت ذاته تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرحم نتيجة تأثير الدواء على أنسجة سليمة”.

اكتشاف علمي غير مسبوق: رسم البنية التفصيلية للمستقبلات

واعتمد فريق كومار على تقنيات تحليل بروتيومية متقدمة مكنتهم من رصد الفروق الدقيقة على المستوى الجزيئي بين المركبات البروتينية المعقدة داخل الخلايا، وتحديدا عند تفاعل مستقبلات الهرمونات مع عناصر الاستجابة للبروجسترون (PREs).

وتُعد هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من رؤية هذا المستوى من التفاصيل الهيكلية.

ويؤكد كومار: “هذا المستوى من الفهم سيمكننا من تصميم أدوية ذكية تُوجّه بدقة إلى النسيج المصاب فقط”.

خطوة حاسمة.. نقطة تحول في علاجات سرطان الغدد الصماء

تتجاوز آثار بحث كومار الفضول الأكاديمي. فمع فهم أشمل لهياكل مستقبلات الهرمونات الستيرويدية وسلوكها المرتبط بالسياق، أصبح علماء الأدوية الآن في وضع أفضل لتصميم أدوية مستهدفة تقاطع الإشارات المحفزة للسرطان دون إثارة ردود فعل سلبية في الأنسجة السليمة.

ويوضح الدكتور كومار أن “الهدف الأسمى” في علاجات السرطان المرتبطة بالهرمونات هو تحقيق استجابة انتقائية في أعضاء وجينات معينة دون تعريض الجسم كله للخطر. ومع توفر هذه البيانات البنيوية الجديدة، بات بالإمكان تطوير أدوية قادرة على تعطيل مستقبلات الهرمون داخل الورم فقط، مما يقلل إلى أدنى حد من الآثار الجانبية.

وأضاف: “سيُحسن هذا البحث قدرتنا على تعطيل إشارات المستقبلات بدقة، ومن المحتمل أن يُنتج أدوية أكثر فعالية لسرطانات الغدد الصماء بدون آثار جانبية خطيرة”.

من المختبر إلى أمل حقيقي لمرضى السرطان

وأكثر ما يميز هذا الاكتشاف هو إمكانيته تغيير قواعد اللعبة في العلاج السرطاني. فبدلا من استخدام أدوية تهاجم الجسم ككل، سيتمكن الأطباء من وصف علاجات تركز على الخلايا السرطانية فقط، مما يعني فعالية أكبر، وألما أقل، وتخفيفا للمعاناة التي طالما رافقت العلاجات التقليدية.

وبينما يشير الباحثون إلى أن تطبيق هذا الاكتشاف في العيادات لا يزال بحاجة لبعض الوقت، إلا أن الأساس العلمي بات متينا ومبشرا للغاية.

اقرأ أيضا.. اكتشاف طبي مذهل.. فطر “لعنة الفرعون” من سم قاتل إلى علاج واعد لسرطان الدم

إنجاز سويدي موازي يزيد الأمل

وفي سياق متصل، أعلنت جامعة لوند السويدية عن اكتشاف نقطة ضعف جديدة في سرطان الجلد الميلانيني، أحد أخطر أنواع السرطانات، مما يُعزز من الآمال في تطوير أدوية أكثر دقة وفعالية لعلاج الأورام الجلدية أيضا.

ثورة علمية تمهّد لجيل جديد من أدوية السرطان

إن ما توصل إليه فريق كومار لا يُمثل مجرد اكتشاف مخبري، بل هو مفتاح حقيقي لتغيير مسار العلاجات التقليدية. ومن خلال الجمع بين علم البروتيوميات المتقدم والفهم البنيوي العميق للمستقبلات الهرمونية، تفتح هذه الدراسة آفاقا جديدة في مجال الطب الدقيق، حيث يُصبح علاج السرطان أكثر تخصيصا، وأقل إيلاما، وأقرب إلى الشفاء التام.

زر الذهاب إلى الأعلى