حرب السودان.. التطهير العرقي والعنف المستهدف للمجتمعات غير العربية في دارفور
القاهرة (خاص عن مصر)- أدت الحرب الأهلية المستمرة في السودان، والتي اندلعت في أبريل 2023، إلى عواقب مدمرة، وخاصة بالنسبة للسكان غير العرب ذوي البشرة الداكنة في السودان.
وفقا لتقرير الجارديان، عادت أعمال العنف العرقي إلى الظهور في دارفور، حيث استهدفت الميليشيات المتحالفة مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية هذه المجتمعات بشكل منهجي.
وتعكس الفظائع التي ارتكبت خلال هذا الصراع عنف أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كانت ميليشيات مماثلة مسؤولة عن الإبادة الجماعية ضد الجماعات غير العربية.
الإرث الوحشي للصراع العرقي في السودان
شاركت حسنة إبراهيم أرباب، إحدى الناجيات من هذا العنف، رواية مروعة عن الفظائع التي شهدتها أثناء فرارها نحو حدود تشاد، كانت أرباب قد عانت بالفعل من فقدان ابنها، الذي احترق حتى الموت عندما أضرمت قوات الميليشيا النار في خيمته.
بينما كانت تحاول الفرار مع عائلتها، نجت بصعوبة من هجوم بالرصاص، وأُعدم أقاربها، “إذا كنت أسودًا، فقد انتهيت”، هكذا تأملت أرباب، في التقاط الواقع القاتم الذي يواجهه السودانيون ذوو البشرة الداكنة في دارفور اليوم.
اتُهمت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، والتي تتألف في المقام الأول من مجموعات عربية، بشن حملة تطهير عرقي، تستهدف على وجه التحديد العرقيات غير العربية مثل المساليت والبرغو والزغاوة.
وقد شارك الناجون من مخيمات اللاجئين في تشاد، مثل أرباب، روايات مباشرة عن هذه المذابح، مما لفت الانتباه إلى الاستهداف العرقي المستمر.
اقرأ أيضا.. وداع تاريخي.. جميع رؤساء الولايات المتحدة الخمسة الأحياء يتحدون في جنازة جيمي كارتر
روايات الناجين.. المذابح والتطهير العرقي
تسلط شهادة أرباب الضوء على هشاشة بقاء السودانيين ذوي البشرة الداكنة في المنطقة، في بعض الحالات، نجا أفراد من مجموعتها العرقية البرغو، ولكن في حالات أخرى، تم إعدامهم بوحشية على أساس عدم قدرتهم على التحدث باللغة الصحيحة.
وأدى هذا المستوى المروع من العنف إلى إدانة واسعة النطاق، وبحسب نعيمة مقادم، وهي ناجية أخرى من مجتمع برقو، فقد قُتل إخوتها في دارفور بسبب عرقهم فقط، كما تعرضت مقادم للضرب، وتجاهل مهاجموها ادعاءها بأنها ليست جزءًا من مجموعة المساليت المستهدفة، ولحسن الحظ، نجت من الاغتصاب، لكن كثيرين آخرين لم يحالفهم الحظ.
وأدت هذه الأعمال العنيفة، التي ارتكبتها في المقام الأول قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها، إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين.
وقد أدان المجتمع الدولي العنف، ووصفت الولايات المتحدة رسميًا تصرفات قوات الدعم السريع بأنها إبادة جماعية.
وردًا على ذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف أيضًا باسم حميدتي، لدوره في الفظائع الواسعة النطاق، وصرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن قوات الدعم السريع وحلفاءها مسؤولون عن نمط من العنف العرقي، والذي تصاعد منذ بدء الحرب.
دور قوات الدعم السريع والمساءلة الدولية
أدانت الأمم المتحدة ومنظمات دولية مختلفة العنف ووثقت معاناة المدنيين السودانيين، ولعبت الأمم المتحدة دوراً فعالاً في الإبلاغ عن العنف الجسدي والعنف القائم على النوع الاجتماعي على نطاق واسع، بما في ذلك التعدي والاستعباد الجنسي، الذي ارتكبته قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية.
وعادت قوات الدعم السريع، التي عُرفت في البداية بدورها في ميليشيات الجنجويد خلال صراع دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلى الظهور كمرتكب رئيسي لهذه الفظائع، حيث وصف المراقبون الدوليون أفعالها بأنها إبادة جماعية.
على الرغم من حجم العنف، فقد كافح المجتمع الدولي للاستجابة بشكل مناسب، لقد عانت الجهود الإنسانية للأمم المتحدة في السودان من نقص حاد في التمويل، وتواجه المنطقة أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، مع نزوح أكثر من 8 ملايين شخص، بالإضافة إلى ذلك، يحتاج أكثر من 30 مليون سوداني، بما في ذلك ملايين الأطفال، إلى المساعدة بشكل يائس.
الأزمة الإنسانية والنضال من أجل البقاء
وصل الوضع في السودان إلى نقطة حرجة، مع عدم وجود مسار واضح للسلام أو الاستقرار، وأدى الصراع إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المروعة بالفعل في السودان، وتعرقلت الجهود الرامية إلى تخفيف معاناة الملايين بسبب الموارد المحدودة.
لقد خلق العنف المنهجي الذي تمارسه قوات الدعم السريع ضد المدنيين أرضًا خصبة لمزيد من الفظائع، حيث لا تظهر أي علامات على تراجع الصراع.
وبينما يتحمل سكان السودان ذوي البشرة الداكنة وطأة هذه الهجمات الوحشية، يراقب العالم بقلق متزايد.
وفي حين تم فرض عقوبات وإدانة دولية على قوات الدعم السريع، فإن حجم العنف لا يزال ينذر بالخطر، والحاجة إلى استجابة عالمية منسقة أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، ويستمر النضال من أجل البقاء، ويواجه ضحايا العنف العرقي في السودان مستقبلًا غير مؤكد.