حروب المياه.. مصر وإثيوبيا تتصادمان في الأمم المتحدة بشأن نهر النيل

مصر أثيوبيا نهر النيل

وصل النزاع الطويل الأمد بين مصر وإثيوبيا حول بناء سد النهضة الإثيوبي علي نهر النيل إلى منعطف حرج، وفقا لما نشرته مجلة ذا جازيل.

تصاعدت التوترات بين البلدين، في الأسابيع الأخيرة حيث لجأت الدولتان إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمعالجة مخاوفهما. تؤكد مصر أن سد النهضة يشكل تهديدًا خطيرًا لأمنها المائي، بينما تزعم إثيوبيا أن القاهرة تسعى إلى الحفاظ على احتكار غير عادل لمياه النيل.

مخاوف مصر: الأمن المائي والمساءلة القانونية

في الأول من سبتمبر 2024، تقدمت مصر رسميًا بطلب إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مؤكدة أن سد النهضة قد يقوض أمنها المائي. تعتمد مصر بشكل كبير على النيل، الذي يوفر حوالي 90٪ من مياهها العذبة. وبحسب القاهرة، فإن أي تغيير كبير في تدفق النهر قد يخلف آثاراً كارثية على الزراعة والصناعة وإمدادات مياه الشرب.

يتمثل الشاغل الرئيسي لمصر في أن سيطرة إثيوبيا الأحادية الجانب على عمليات السد، دون اتفاق ملزم قانوناً بشأن إدارة المياه، قد تجعل دول المصب، وخاصة مصر، عرضة لنقص المياه.

في رسالتها إلى مجلس الأمن، اتهمت مصر إثيوبيا بانتهاك القانون الدولي من خلال خلق “وضع فعلي على الأرض” من خلال ملء خزان السد من جانب واحد.

أقرا أيضا.. مصر: أفريقيا الأكثر تضرراً من أزمة الشرق الأوسط 

كانت مصر تدفع باتجاه إطار ملزم قانوناً من شأنه أن ينظم عمليات سد النهضة لضمان تدفق المياه بشكل يمكن التنبؤ به. ومع ذلك، قاومت إثيوبيا مثل هذه المطالب، واعتبرتها انتهاكاً لسيادتها.

تحذيرات مصر ليست جديدة؛ فقد سعت منذ فترة طويلة إلى الوساطة الدولية، وخاصة من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، للضغط على إثيوبيا لتقديم تنازلات. ويزعم بعض الخبراء أن تواصل مصر مع دول مثل الصومال يزيد من تعقيد الديناميكيات، مما يثير شكوك إثيوبيا في الدوافع الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للقاهرة.

موقف إثيوبيا: السيادة الاقتصادية والحكم الذاتي الإقليمي

من جانبها، تظل إثيوبيا حازمة في دفاعها عن مشروع سد النهضة، الذي تعتبره ضروريًا للتنمية الوطنية. ويمثل السد، الذي من المتوقع أن يكون أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، رمزًا للسيادة الإثيوبية والاكتفاء الذاتي. وهو يمثل جهدًا ضخمًا لرفع ملايين الإثيوبيين من براثن الفقر من خلال توفير الكهرباء الموثوقة وتحسين البنية التحتية للمياه.

في رسالتها إلى مجلس الأمن الدولي، رفضت أديس أبابا اتهامات مصر، مشيرة أن القاهرة تسعي إلى إدامة احتكارها لنهر النيل. وتؤكد إثيوبيا أنها لها كل الحق في تسخير النيل الأزرق، بحجة أن هيمنة مصر على النهر ظلت لفترة طويلة.

وأعرب المسؤولون الإثيوبيون عن إحباطهم من إصرار مصر على ما يرون أنه سيطرة مفرطة على مورد يتدفق عبر دول متعددة. أكدت وزارة الخارجية الإثيوبية أن السد لن يؤثر بشكل كبير على مستويات المياه في مجرى النهر بمجرد اكتماله، وأن إثيوبيا اتخذت خطوات لضمان عدم إلحاق عمليات السد الضرر بالدول المجاورة.

في حين أن النزاع حول سد النهضة الإثيوبي الكبير يشكل محور المواجهة الدبلوماسية الحالية، إلا أنه لا يحدث في فراغ. إن التوترات الإقليمية الأوسع نطاقًا تؤدي إلى تفاقم الصراع، وخاصة العلاقات المتنامية بين مصر والصومال واتفاقية إثيوبيا مع أرض الصومال. وتضيف هذه التطورات، التي تنطوي على التعاون العسكري والاتفاقيات الاقتصادية، طبقة أخرى من التعقيد إلى وضع محفوف بالمخاطر بالفعل.

، بحسب خاص عن مصر، أثارت شراكة مصر مع الصومال الدهشة في أديس أبابا، حيث لديها القدرة على تغيير ميزان القوى في منطقة القرن الأفريقي. وفي الوقت نفسه، أدت تعاملات إثيوبيا مع أرض الصومال إلى توتر العلاقات بشكل أكبر، نظرًا للوضع الحساس لأرض الصومال في السياسة الإقليمية. هذه التحالفات، إلى جانب قضية سد النهضة الإثيوبي الكبير غير المحلولة، تزيد من خطر عدم الاستقرار الإقليمي وحتى احتمال المواجهة العسكرية.

لا تزال إمكانية حل نزاع سد النهضة دبلوماسيا بعيدة المنال. وفي حين عرضت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وغيرهما من الجهات الفاعلة الدولية الوساطة، فإن المفاوضات بين مصر وإثيوبيا تعثرت مرارا وتكرارا. ومن بين العقبات الرئيسية إحجام إثيوبيا عن الالتزام باتفاقيات ملزمة تحد من استخدامها المستقبلي لنهر النيل. من ناحية أخرى، تصر القاهرة على أنه بدون مثل هذه الضمانات، فإن أمنها القومي معرض للخطر.

وفقا لخبير قانون المياه الدولي الدكتور تاديسي بيلاشو، “التحدي الأساسي هنا هو الثقة. تنظر مصر إلى تصرفات إثيوبيا على أنها متهورة وخطيرة، بينما ترى إثيوبيا مطالب مصر كمحاولة غير عادلة للحد من تنميتها. وبدون إطار من الثقة المتبادلة والتعاون، من الصعب أن نرى كيف يمكن حل هذا الأمر سلميا”.

 

زر الذهاب إلى الأعلى