حظر المظاهر المسلحة في طرابلس.. هل تنجح خطة استعادة النظام بليبيا؟

أصدر رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، قرارًا رسميًا يقضي بحظر كافة المظاهر المسلحة داخل العاصمة طرابلس، في خطوة وُصفت بأنها محاولة حاسمة لاستعادة هيبة الدولة ومنع الانزلاق نحو جولة جديدة من العنف.
بحسب وسائل إعلام فإن القرار الذي نُشر رسميًا شدد على منع تحركات الألوية والتشكيلات المسلحة “تحت أي ذريعة كانت”، مشيرًا إلى أن فرض النظام العام سيكون حصريًا من مهام مديرية أمن طرابلس والشرطة العسكرية.
وتهدف هذه الخطوة إلى إعادة الاعتبار للمؤسسات الأمنية الرسمية وتقليص نفوذ الميليشيات التي تسيطر على المشهد الأمني منذ سنوات.
تحركات عسكرية مثيرة للقلق في طرابلس
بحسب تقارير صحفية أكدت مصادر قريبة من المجلس الرئاسي أن القرار جاء بعد تسجيل تحركات غير اعتيادية لعدد من الفصائل المسلحة داخل طرابلس ومحيطها خلال الأيام الأخيرة، وسط معلومات استخباراتية عن تحشيدات واستعدادات قتالية قد تؤدي إلى اشتباكات واسعة النطاق بين قوى متنافسة على النفوذ.
التحركات جاءت رغم اتفاق هش جرى التوصل إليه مؤخرًا بين المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ينص على التنسيق الأمني لمنع أي تصعيد في طرابلس. إلا أن مراقبين يؤكدون أن هذا الاتفاق لم تُلتزم به عدد من الميليشيات القوية، التي واصلت تحريك قواتها دون الرجوع إلى السلطات الرسمية.
صراعات الصلاحيات بين الرئاسي والدبيبة
رغم الخطاب الرسمي الذي يظهر انسجامًا بين الرئاسي وحكومة الوحدة، إلا أن الواقع الميداني يُظهر تباينات واضحة، خصوصًا مع استمرار اعتماد حكومة الدبيبة على بعض التشكيلات المسلحة كقوة دعم ميداني.
وفق مراقبون فإن هذا الواقع الميداني يُضعف من فرص تطبيق القرار الرئاسي، ويزيد من تعقيد المشهد الأمني.
قلق شعبي ودولي من تكرار سيناريو الفوضى في طرابلس
تصاعد التوتر في العاصمة أثار موجة قلق محلية، حيث يخشى السكان من عودة الاشتباكات داخل الأحياء السكنية المكتظة، كما حصل في مواجهات سابقة خلفت ضحايا ودمارًا واسعًا.
أما دوليًا، فقد صدرت تحذيرات من بعثة الأمم المتحدة وسفارات دول عربية وغربية من احتمال انزلاق ليبيا مجددًا إلى مربع الفوضى، إذا لم تُفرض سلطة الدولة فعليًا.
كبح جماح الميليشيات في طرابلس
القرار الرئاسي يُعد من الناحية النظرية خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه يواجه على أرض الواقع تحديات تطبيقية معقدة. فالميليشيات لا تزال تفرض سطوتها.
كما أنها تملك من القوة والتمويل ما يجعل مواجهتها دون توافق سياسي شامل أمرًا محفوفًا بالمخاطر. إضافة إلى ذلك، لا تزال العاصمة تعاني من انقسام المؤسسات وتعدد مصادر القرار الأمني.
اختبار حقيقي لهيبة الدولة
في ظل غياب سلطة مركزية قادرة على تنفيذ القرارات السيادية بحزم، يبقى نجاح قرار المنفي مرهونًا بمدى استعداد القوى المسلحة للتراجع، أو بقدرة الدولة على فرض سلطتها بالقوة عبر أدوات مؤسساتية. وهو أمر لا يزال موضع شك في ظل تركيبة السلطة الحالية وتوازنات الميدان المتقلبة.
ووفق مراقبون فإن الأزمة الأمنية في طرابلس تُعيد طرح السؤال الجوهري هل يمكن بناء دولة مستقرة في ظل استمرار السلاح خارج سيطرتها؟ فالمشهد الليبي اليوم يُراوح مكانه بين الرغبة في استعادة النظام، وواقع ميداني تحكمه قوى الأمر الواقع. وكل تأخر في حسم هذه المعادلة، يهدد بإطالة أمد الأزمة وإعادة البلاد إلى دوامة الاحتراب الداخلي.
هل تنجح الخطة في استعادة النظام في طرابلس؟
الرهان الآن على مدى التزام الفصائل المسلحة بقرار الحظر، وعلى قدرة المجلس الرئاسي في تحويل هذا القرار من نص قانوني إلى واقع فعلي.
ويري خبراء إن نجاح الخطة، قد يمهد الطريق لاستقرار طويل الأمد في طرابلس، وربما تفتح نافذة أمل لإعادة توحيد المؤسسات الليبية. أما إذا فشلت، فستكون العاصمة مجددًا على أعتاب مواجهة دامية جديدة، تهدد ما تبقى من أمل في عودة الدولة.
اقرأ أيضا.. جولة سادسة من المفاوضات النووية.. هل تنجح عُمان في إنهاء التوتر بين أمريكا وإيران؟