حكومة الفجيرة تعلن عن اكتشافات أثرية جديدة تعيد كتابة تاريخ الاستيطان البشري في الإمارات
أعلنت حكومة الفجيرة الإماراتية بالتعاون مع باحثين من دائرة السياحة والآثار في الفجيرة، وجامعة يينا الألمانية، وجامعة أكسفورد بروكس في المملكة المتحدة عن اكتشافات أثرية جديدة تشير إلى وجود تواجد بشري قديم يعود لعصور ما قبل التاريخ في الإمارة.
حكومة الفجيرة تعلن عن اكتشافات أثرية جديدة
وأشارت حكومة الفجيرة إلى أن النتائج الجديدة تثبت أن المجموعات البشرية المتنقلة اتخذت من الملجأ الصخري في جبل كهف الدور الواقع بمنطقة حبحب موطناً لها على نحو متكرر منذ حوالي 13000 إلى 7500 عام، حيث ظل الاعتقاد سابقاً أن منطقة جنوب شرق الجزيرة العربية بقيت غير مأهولة بالسكان منذ حوالي 38000 عام عندما سادتها الظروف المناخية الجافة إلى أن أصبح مناخها أكثر رطوبة قبل حوالي 7000 عام.
وتساهم هذه النتائج الجديدة في توسيع نطاق المعرفة التاريخية حول طبيعة التواجد البشري في الإمارة، وسد الثغرات في السجل الأثري لهذه المنطقة، ونفي الافتراضات القديمة حول توقيت الاستيطان البشري فيها.
استيطان بشري قبل الميلاد
وقال سعيد السماحي، مدير دائرة السياحة والآثار بالفجيرة، حرصت الدائرة على ترجمة توجيهات حكومة الفجيرة، عبر مضاعفة الاهتمام بمجال الآثار والتراث وإجراء المسوحات الأثرية وفق الأسس العلمية والمعايير العالمية، بالتعاون مع البعثات الأجنبية العالمية المتخصصة في هذا المجال، حيث دلت المكتشفات الأثرية السابقة على وجود استيطان بشري وأدوات تعود إلى فترة ما قبل الميلاد.
وتابع السماحي: سعت الدائرة إلى توفير كافة الخدمات اللوجستية والعلمية للبعثة الأثرية المتخصصة، وجاءت النتائج لتبين تاريخ الإمارة في عصر ما قبل التاريخ ومابعد التاريخ والتسلسل الزمني الذي مر بها، والذي يشير إلى استقرار الوجود البشري وتواصله في المنطقة، وذلك وفقاً لدراسة وتحليل موقع كهف الدور بمنطقة حبحب.
اقرأ أيضاً.. كشف أثري بضريح الأغاخان غرب أسوان
بدوره قال المهندس علي قاسم، مدير عام مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية، نفخر بهذا الاكتشاف الأثري الجيولوجي المهم الذي يعيد كتابة تاريخ الوجود البشري في إمارة الفجيرة، حيث أثمر هذا التعاون الذي جمع خبراء عالميين ومؤسسات بحثية مرموقة عن نتائج غير مسبوقة سلطت الضوء على ثراء وغني تراث الإمارة الجيولوجي والأثري.
وأضاف، يؤكد هذا الاكتشاف الأثري على أهمية الجهود التي تبذلها حكومة الفجيرة بتوجيهات الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، واهتمام ومتابعة الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، لحماية وتوثيق المواقع الجيولوجية والأثرية في الإمارة، والتزام المؤسسة بتعزيز الوعي بأهمية هذه الموارد القيمة من خلال برامج تعليمية ومشاريع بحثية، لضمان استدامتها والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
وتابع مدير عام مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية، إن هذه الاكتشافات لا تعزز فقط فهمنا لتاريخ منطقتنا، بل تضع الفجيرة في مقدمة المواقع الرئيسية للبحث الأثري والجيولوجي، ما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون العلمي والسياحة الثقافية في الإمارة، ونثمن جهود جميع الشركاء والباحثين التي ساهمت في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي.
تواجد بشري في جنوب شرق الجزيرة العربية
من جانبه قال الدكتور كنوت بريتزكه، عالم الآثار من جامعة يينا الألمانية الذي أشرف على أعمال التنقيب في الموقع: تلعب الاكتشافات الأثرية الأخيرة في الملجأ الصخري بجبل كهف الدور دوراً مهماً في فهمنا لتاريخ الوجود البشري في الفجيرة.
وأشار بريتزكه إلى أن الأدلة التي كشفها فريق الباحثين الدولي تعيد الجدول الزمني للحضور البشري في المنطقة إلى حوالي 13000 عام مضت، مما يغير المعتقدات السائدة حول أنماط التواجد البشري في جنوب شرق الجزيرة العربية.
تكيف المجموعات البشرية مع مختلف الظروف المناخية
من جانبه قال البروفيسور أدريان باركر، الباحث في مشروع البيئات القديمة، في دراسة لجامعة أكسفورد بروكس بالمملكة المتحدة: تعتبر هذه النتائج ذات أهمية خاصة بالنظر إلى الظروف الجافة التي كانت سائدة في المنطقة خلال تلك الفترة، والتي كان يُعتقد في السابق أنها جعلت المنطقة غير صالحة للسكن حتى ظهور ظروف مناخية أكثر رطوبة قبل حوالي 9000 عام وعدا عن أهمية هذا البحث لتسليط الضوء على التراث التاريخي الغني للفجيرة، كذلك يؤكد على مرونة المجموعات البشرية في تلك الحقبة، وقدرتها على التكيف مع مختلف الظروف المناخية. وتؤكد هذه الاكتشافات على أهمية مواصلة الجهود لحماية ودراسة هذه المواقع الأثرية الثمينة.
وكانت حكومة الفجيرة قد أطلقت مبادرة لتحديد وحماية المواقع الجيولوجية المهمة في الإمارة؛ وفي سياق هذه المبادرة، حددت مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية بالتعاون مع خبراء عالميين أكثر من 30 موقعاً تمتلك خصائصاً جيولوجية مهمة، وقد أثمر هذا المشروع عن اكتشاف مواقع أثرية وفّرت أدلة إضافية على الأنشطة البشرية في هذه المنطقة خلال عصور ما قبل التاريخ.
وكشفت التنقيبات الأثرية التجريبية في الملجأ الصخري بجبل كهف الدور عن ثلاث طبقات تحتوي على أدوات حجرية وعظام حيوانات ومواقد، وقد أشارت عملية التأريخ بالكربون المشع للفحم المأخوذ من هذه المواقد إلى أن الموقع كان مأهولاً عدة مرات منذ حوالي 13000 إلى 7500 عام، مما يجعل هذا الملجأ الصخري أقدم موقع أثري في الإمارة.
ويغطي هذا الاكتشاف الأثري فترة حاسمة في التاريخ البشري، راصداً فترة الانتقال من الصيد وجمع الثمار إلى تربية الحيوانات وإنتاج الغذاء، في الوقت ذاته يعد اكتشاف مواقع تعود لتلك الفترة الزمنية أمراً نادراً في منطقة جنوب شرق الجزيرة العربية، ومن هنا تنبع أهمية اكتشاف التسلسل الأثري في الملجأ الصخري بجبل كاف الدور.
ويرجح الباحثون، أن مجموعات متنقلة في عصور ما قبل التاريخ قد آوت إلى الملجأ الصخري بجبل كهف الدور نظراً لغنى الحجر الجيري والوفرة التي يتمتع بها الجبل على صعيد المواد الخام الحجرية عالية الجودة، والحماية التي يوفرها الملجأ الصخري، بالإضافة إلى كونه يتيح الوصول إلى مجموعة متنوعة من المناطق الطبيعية المحيطة، بما في ذلك السهل الداخلي والسفوح الغربية لجبال الحجر وقنوات الأودية.
وفي خطوة مهمة لدعم جهود البحث الأثري، قام مكتب ولي عهد الفجيرة بالموافقة على مقترح مشروع يهدف إلى إجراء المزيد من الحفريات في الموقع الأثري بجبل كاف الدور، لتنفيذ مسوحات إضافية في المنطقة المجاورة للموقع.