خامنئي يرفض المقترح الأمريكي.. كيف يؤثر ذلك على مباحثات واشنطن وطهران؟

رفض المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، مقترح الأمريكي الأخير بشأن الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، واعتبره متعارضًا بالكامل مع سيادة إيران ومبدأ الاعتماد على الذات، ما يعكس تعقيدًا متزايدًا في مسار المفاوضات بين طهران وواشنطن، وسط وساطة عمانية مستمرة خلف الكواليس.

في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى السنوية الـ36 لوفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله روح الله الخميني، قال خامنئي إن “المقترح الأميركي النووي يتعارض 100% مع إيمان أمتنا بالاعتماد على الذات ومبدأ (نحن قادرون)”.
وأضاف أن طهران “لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم”، مشددًا على أن هذا الأمر يمثل جوهر الصناعة النووية الإيرانية.

موقف طهران من المفاوضات النووية مع واشنطن

تأتي تصريحات خامنئي في وقت تتواصل فيه مباحثات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة عبر وسطاء، كان آخرهم سلطنة عُمان، في محاولة لكسر الجمود الذي يخيم على الملف النووي منذ انهيار الاتفاق الأصلي عام 2018 عقب انسحاب واشنطن منه.
وقال خامنئي: “حتى في أحدث جولة من المفاوضات النووية التي توسطت فيها عُمان، تتعارض جميع المقترحات الأمريكية تماماً مع مبدأ (نستطيع)”.

البرنامج النووي الإيراني… نقطة اللاعودة

أكد المرشد الإيراني أن “الصناعة النووية تعتبر عديمة الفائدة دون القدرة على تخصيب اليورانيوم”، مضيفًا أن امتلاك التكنولوجيا دون إمكانية التخصيب يشبه “امتلاك النفط دون القدرة على تكريره”.

واعتبر أن الرضوخ للشروط الأمريكية يعني الارتهان مجددًا للخارج في ملف حساس وحيوي كإنتاج الطاقة النووية.

دبلوماسي إيراني: المقترح الأمريكي غير قابل للتطبيق

في السياق ذاته، نقلت وكالة “رويترز” عن دبلوماسي إيراني رفيع، يوم الإثنين، أن بلاده تتجه نحو رفض المقترح الأمريكي الأخير بشأن الملف النووي، واصفًا إياه بـ”غير القابل للتنفيذ”، خاصة وأنه “لا يتضمن أي تخفيف في موقف واشنطن من تخصيب اليورانيوم ولا يراعي مصالح طهران”.
ويشير هذا التصريح إلى تصاعد حدة الموقف الإيراني الرسمي من السياسات الأمريكية، وهو ما يعقّد إمكانية التوصل إلى تسوية قريبة.

كيف يؤثر رفض خامنئي على مسار التفاوض بين طهران وواشنطن؟

يرى مراقبون أن تصريحات خامنئي تمثل إعلانًا صريحًا عن سقف المواقف الإيرانية، ما يصعّب مهمة الوسطاء الإقليميين والدوليين، ويضيق هامش المناورة أمام صانعي القرار في واشنطن.
فالمرشد، الذي يُعد صاحب الكلمة الفصل في الملفات السيادية، وضع شرطًا غير قابل للتفاوض: لا اتفاق دون اعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم.

 هل تملك واشنطن خيارات بديلة مع طهران؟

في المقابل، لم تُظهر الإدارة الأمريكية حتى الآن أي نية لتقديم تنازلات جوهرية في مسألة التخصيب، والتي تعتبرها واشنطن صميم المخاوف من احتمال امتلاك إيران قدرة عسكرية نووية مستقبلًا، رغم تأكيد طهران المتكرر بأن برنامجها سلمي.
ويضع هذا الجمود واشنطن في موقف حرج، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ما يجعل من أي تقدم في الملف النووي الإيراني إنجازًا سياسيًا كبيرًا إن حدث.

هل تتجه الأزمة بين واشنطن وطهران  إلى التصعيد؟

مع تمسك كل طرف بموقفه، وغياب الثقة المتبادلة، تبدو فرص التفاهم ضئيلة في الأفق القريب. ومع تصاعد الضغوط الدولية، خصوصًا من قبل الأوروبيين، قد تُدفع إيران نحو مزيد من خطوات التصعيد، مثل زيادة نسبة التخصيب أو تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يُنذر بدخول الملف النووي مجددًا في نفق مظلم.

ويُرجح أن تشهد المرحلة المقبلة تصعيدًا دبلوماسيًا، وربما إعلاميًا، في ظل استمرار لعبة عضّ الأصابع بين واشنطن وطهران.

ووفق مراقبون فإن تصريحات خامنئي برفض المقترح الأمريكي النووي تنذر بتعقيد المشهد التفاوضي بين طهران وواشنطن، وتضع الوسطاء أمام تحديات حقيقية في تقريب وجهات النظر.

وبين تمسك إيران بتخصيب اليورانيوم، وتخوف واشنطن من نوايا طهران، يبقى مستقبل الاتفاق النووي معلقًا على خيط رفيع، قد يقطعه أي تصعيد غير محسوب.

اقرأ أيضا

من مخيمات إدلب إلى قصور الأسد.. ماذا حقق الشرع بعد 6 أشهر في رئاسة سوريا؟

زر الذهاب إلى الأعلى