خفض أم تثبيت؟ انقسام توقعات المحللين حول قرار سعر الفائدة الأسبوع المقبل

انقسمت توقعات 11 بنك استثمار حول مصير أسعار الفائدة في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري لهذا العام، والمقرر انعقاده خلال الأسبوع المقبل، هذا الانقسام الحاد يعكس التحديات التي تواجه صناع القرار في ظل تشابك العوامل المحلية والدولية، مما يجعل القرار المرتقب محل ترقب واسع في الأوساط الاقتصادية والمالية.

فريق تثبيت سعر الفائدة: درع وقائي ضد التضخم والمخاطر الخارجية

التسويات اللحظية
البنك المركزي المصري – أرشيفية

اقرأ أيضا.. حالة الطقس اليوم في مصر: تساقط أمطار وعاصفة جوية

يرى فريق من المحللين أن البنك المركزي سيبقي على أسعار الفائدة دون تغيير، مستندين في ذلك إلى مجموعة من العوامل الحاسمة، على رأسها الضغوط التضخمية المتوقعة خلال الفترة المقبلة، وخاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يشهد عادة ارتفاعًا في الطلب على السلع الغذائية، مما قد ينعكس على معدلات التضخم.

كما يحذر هؤلاء من تأثير السياسات الحمائية الأمريكية بقيادة دونالد ترامب، والتي قد تؤدي إلى تقلبات حادة في الأسواق العالمية، وبالتالي تؤثر على الاقتصاد المصري، مما يجعل تثبيت الفائدة خيارًا احترازيًا لحماية استقرار العملة المحلية ومنع أي تدفقات رأسمالية خارجة قد تضر بالاقتصاد.

دعاة خفض سعر الفائدة: التيسير النقدي لتعزيز الاستثمار والنمو

على الجانب الآخر، يدعو فريق آخر من المحللين إلى خفض الفائدة، مقترحين خفضًا يتراوح بين 100 و200 نقطة أساس. يستند هذا الرأي إلى عدد من العوامل، أبرزها التباطؤ الأخير في معدلات التضخم، والذي يمنح البنك المركزي هامشًا للمناورة نحو سياسة نقدية أكثر تحفيزًا للنمو.

كما أن البنوك المصرية بدأت في خفض الفائدة على شهادات الادخار، مما يعكس اتجاهاً عاماً نحو التيسير النقدي، وهو ما يعزز الرؤية الداعمة لخفض الفائدة بهدف تحفيز الاستثمار وخفض تكلفة الاقتراض، سواء بالنسبة للشركات أو للحكومة التي تواجه أعباء ديون متزايدة.

العوامل الخارجية: الاقتصاد العالمي في بؤرة التأثير

لا يمكن النظر إلى قرار الفائدة بمعزل عن التطورات الاقتصادية العالمية، حيث تلعب التوترات التجارية بين القوى الكبرى، وتقلبات أسعار النفط، والسياسات النقدية للبنوك المركزية العالمية دورًا جوهريًا في تحديد اتجاه السياسة النقدية المصرية.

كما أن التطورات الجيوسياسية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، تُضيف بُعدًا آخر للمشهد، إذ يؤثر الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة على تدفقات الاستثمار الأجنبي، وعلى مستوى المخاطر التي يواجهها الاقتصاد المصري.

تباين آراء الخبراء: كل السيناريوهات مطروحة أمام قرار سعر الفائدة 

يؤكد محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في “إي إف جي هيرميس”، أن تثبيت الفائدة هو الخيار الأكثر ترجيحًا، مشددًا على أن البنك المركزي لن يُقدم على أي خفض قبل أن يتراجع التضخم إلى ما دون 20%.

ويرى أن التحدي الرئيسي أمام البنك المركزي يتمثل في تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.

في المقابل، يتبنى عمرو الألفي، رئيس استراتيجيات الأسهم في “ثاندر للتداول”، رؤية مغايرة، حيث يتوقع خفضًا يصل إلى 200 نقطة أساس، مستندًا إلى تراجع معدلات التضخم، وتحسن المشهد الجيوسياسي في المنطقة، خاصة بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب انخفاض عقود مخاطر الائتمان السيادية المصرية في الأسواق العالمية، مما يعكس تحسنًا في ثقة المستثمرين.

تداعيات القرار المرتقب: تأثير مباشر على الأسواق والاقتصاد

سيكون لقرار الفائدة المرتقب تداعيات واسعة النطاق على مختلف القطاعات الاقتصادية.

ففي حال خفض الفائدة، سيؤدي ذلك إلى تحفيز الاستثمار وتقليل تكلفة الاقتراض، مما يدعم النمو الاقتصادي، ويُخفف من أعباء الدين الحكومي، أما في حالة تثبيت الفائدة، فسيظل العائد على أدوات الدين المصرية جاذبًا للمستثمرين الأجانب، مما يدعم استقرار العملة المحلية، لكنه قد يُبقي تكلفة الاقتراض مرتفعة، وهو ما قد يُبطئ وتيرة النشاط الاقتصادي.

في ظل هذا المشهد المتداخل، يبقى قرار البنك المركزي المصري مفتوحًا على جميع الاحتمالات، وسط ترقب الأسواق والمستثمرين لما ستسفر عنه مداولات لجنة السياسة النقدية، في اجتماع يُنتظر أن يكون من الأكثر حساسية وأهمية منذ بداية العام.

زر الذهاب إلى الأعلى