درون لإنقاذ الأرواح.. السعودية تحدث نقلة نوعية غير مسبوقة في خدمات الحج

في موسم حج استثنائي لهذا العام، كشفت المملكة العربية السعودية عن نقلة نوعية كبيرة في مستوى الرعاية الصحية المقدمة لضيوف الرحمن، مستندة إلى تطور تقني غير مسبوق ورؤية استراتيجية واضحة تسعى إلى تحويل تجربة الحج إلى نموذج عالمي في الوقاية والاستجابة الطبية.

جاء ذلك خلال كلمة لوزير الصحة السعودي، فهد الجلاجل، في ندوة الحج الكبرى، حيث سلط الضوء على ما وصفه بـ”تحوّل شامل في منظومة الرعاية”، مؤكداً أن الابتكارات الطبية أصبحت جزءا أساسيا في خدمة الحجاج، مدفوعة بتوجيهات القيادة السعودية.

 درون الحج.. تختصر الوقت من 90 دقيقة إلى 6

في إعلان وصفه مراقبون بأنه “تاريخي”، كشف الجلاجل عن استخدام الطائرات دون طيار (الدرون) لنقل الإمدادات الدوائية إلى المستشفيات الميدانية في المشاعر المقدسة. وقال:

“كان يستغرق إيصال الأدوية للمستشفيات ساعة ونصف، والآن بفضل هذه التقنية المتقدمة، لا يتجاوز الوقت 6 دقائق”. ويعني هذا التحول في زمن الاستجابة إنقاذ الأرواح، خاصة في حالات الطوارئ والعمليات الحرجة، حيث يكون عامل الوقت حاسما.

عملية قلب ومتابعة عن بُعد: الواقع الطبي الجديد

ولم تتوقف الابتكارات عند النقل، بل امتدت إلى الرعاية بعد العمليات، كما يروي الوزير قصة حاج أُجريت له عملية قسطرة قلبية في المشاعر، وتمت متابعة حالته عن بعد باستخدام ساعة ذكية ترصد مؤشرات الجسم الحيوية، كالنبض، ونسبة الأكسجين، والضغط.

“في اليوم التالي خرج الحاج من المستشفى، وكانت بياناته الصحية تُعرض مباشرة على شاشات الأطباء في المدينة الطبية”. وتمثل هذه الحالة دمجا عمليا بين التكنولوجيا المتقدمة والرعاية الصحية، وترفع من مستوى الأمان الطبي أثناء أداء المناسك.

وحدة سكتات دماغية متنقلة تنقذ حاجا في دقائق

وفي إنجاز آخر يعكس سرعة الاستجابة الطبية، تم إنقاذ حياة حاج أوغندي يبلغ من العمر 66 عاما بعدما أصيب بسكتة دماغية أثناء الصلاة داخل الحرم. وتم نقله خلال 16 دقيقة فقط، وتقديم الرعاية الكاملة خلال 36 دقيقة، وهو معدل وصفه الوزير بأنه “يتجاوز المعايير العالمية”، مؤكدا: “خرج الحاج من المستشفى خلال 24 ساعة بصحة تامة”.

السلوك الصحي: ثلاثية وقائية شاملة

واختتم وزير الصحة كلمته بالتأكيد على أن الوقاية لا تقل أهمية عن العلاج، مبرزاً ما وصفه بـ”ثلاثية السلوك الصحي” والتي تشمل الوقاية عبر التحصينات وشهادة الاستطاعة والوعي بمخاطر الشمس وأهمية شرب الماء، والالتزام بالتعليمات التنظيمية والتفويج.

وأضاف أن : “ما تقدمه المملكة لضيوف الرحمن اليوم هو نموذج عالمي للرعاية الوقائية والعلاجية… خدمة الحاج شرف، وابتكارنا لأجله مسؤولية شرعية وإنسانية ووطنية”.

تحسين بيئة الحج: تلطيف حراري وتقنيات ذكية

وتزامنا مع موجة الحر المتوقعة، كثّفت المملكة جهودها لخلق بيئة مريحة للحجاج عبر مشاريع تبريد ذكية، منها؛ تركيب آلاف المراوح المزودة برشاشات ضبابية في المشاعر وتوسعة شبكات المياه المبردة، وتشغيل مظلات عملاقة مزودة بأنظمة تبريد متطورة، وإدخال أنظمة استشعار حراري تتحكم بالتبريد والرذاذ حسب الحاجة. وتهدف هذه التقنيات إلى تقليل الإجهاد الحراري وتحسين جودة الحياة أثناء أداء المناسك.

اقرأ أيضا.. طي صفحة الماضي.. السعودية وقطر تقدمان دعمًا ماليًا كبيرًا لتعافي سوريا

البنية التحتية الصحية: أرقام تعكس الجاهزية

وفي كلمته خلال الندوة، أكد وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة أن المملكة نفذت سلسلة من المشاريع النوعية التي تشمل: تظليل أكثر من 170 ألف متر مربع، وزراعة 20 ألف شجرة، وإنشاء مسارات مطاطية لتسهيل الحركة، وتجهيز 15 وحدة إسعاف متنقلة و71 نقطة تدخل سريع، وتوزيع 64 مجمعا صحيا في المشاعر.

وأكد أن هذه الجهود تأتي ضمن رؤية المملكة 2030، مشددا على أن ندوة الحج الكبرى باتت منصة معرفية تُظهر التكامل بين الجهات المختلفة لخدمة الحجاج.

درون الحج.. صورة مشرقة لرعاية شاملة

وتعكس هذه المبادرات والإنجازات التزام السعودية بتحقيق أعلى معايير السلامة والراحة لضيوف الرحمن، وتُجسّد شعار “خدمة الحاج شرف لنا” بصورة عملية وإنسانية. كما شدد عدد من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للحج والعمرة والزيارة على أن ما تقدمه المملكة للمسلمين في العالم هو استمرار لعطاء كريم منذ تأسيس الدولة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى