دور مصر الاستراتيجي في الصومال.. استقرار دولة على حافة الهاوية
مصر في الصومال..تحدث بهدوء حاملا عصا
تمثل مشاركة مصر المستمرة في الصومال نهجًا دقيقًا وحازمًا، حيث توازن استراتيجيًا بين الدبلوماسية والدعم العسكري لمنع الصومال من الانزلاق إلى مزيد من عدم الاستقرار، وذلك بحسب تحليل محمد فريد، ومحمد ماهر في موقع ذا ناشونال انتريست.
تأتي هذه المشاركة الحاسمة في وقت تستعد فيه الصومال للانتقال من بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) إلى بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم واستقرار الصومال (AUSSOM) المعتمدة حديثًا بحلول يناير 2025.
بحسب خاص عن مصر، باعتبارها واحدة من بعثات حفظ السلام الثالثة للاتحاد الأفريقي في البلاد، يُنظر إلى بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم واستقرار الصومال على أنها الأمل الأخير للصومال في الاستقرار، والدور المصري في هذا الإطار محوري.
الصراعات المستمرة في الصومال وتهديد حركة الشباب
منذ انهيار حكومتها في عام 1991، ظلت الصومال دولة تعاني من الصراع الداخلي والصعوبات الاقتصادية والتهديدات المستمرة من الجماعات المتطرفة، وخاصة حركة الشباب. وعلى الرغم من الجهود الدولية المتعددة، بما في ذلك عملية بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال الحالية، تواصل حركة الشباب السيطرة على مناطق ريفية شاسعة ولديها القدرة على تنفيذ هجمات مميتة في المدن الكبرى، كما رأينا في تفجير أغسطس 2024 في مقديشو الذي أودى بحياة 32 مدنياً. كما تكافح الحكومة الفيدرالية الصومالية لفرض سلطتها على المناطق شبه المستقلة مثل أرض الصومال وبونتلاند، مما يزيد من تعقيد مسار البلاد نحو الاستقرار.
في الوقت نفسه، تواجه الصومال أزمة إنسانية، حيث يحتاج ما يقرب من 7 ملايين شخص إلى المساعدة بسبب الجفاف المتكرر وعقود من الصراع. والتحديات هائلة، والانتقال من بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم واستقرار الصومال محفوف بالمخاوف. ويخشى كثيرون أن يؤدي الانتقال السيئ التنفيذ إلى خلق فراغ في السلطة، مما يسمح للشباب باكتساب المزيد من الأرض – وهو الوضع الذي عازمة مصر على منعه.
الدور المتوسع لمصر في حفظ السلام الصومالي
يمتد اهتمام مصر بالصومال إلى ما هو أبعد من الاستقرار الإقليمي؛ فهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بحماية مصالحها الجيوسياسية في البحر الأحمر وقناة السويس. في ظل عدم الاستقرار المستمر في الصومال، ترى مصر تهديدًا مباشرًا لهذه المصالح. ومع المخاوف من أن الصومال قد تعاني من انهيار على غرار أفغانستان، اتخذ المسؤولون المصريون خطوات استباقية لسد الفجوة التي خلفها رحيل قوات بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال.
أقرا أيضا.. قمة مجده السياسي.. السيسي يقود مصر إلى صدارة الساحة العالمية
ولهذه الغاية، عززت مصر مشاركتها من خلال بروتوكول للتعاون العسكري مع الصومال، وتوفير الأسلحة والمعدات والتدريب لدعم الجيش الوطني الصومالي. ومن خلال المساهمة بقوات وموارد عسكرية في بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، تسعى مصر إلى منع حركة الشباب من تعزيز سلطتها وضمان الحفاظ على سيادة الصومال.
إرث بعثات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي
بدأ تاريخ الصومال المضطرب مع جهود حفظ السلام بقيادة الاتحاد الأفريقي مع بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال في عام 2007، تلاها بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في عام 2022. وفي حين نجحت هذه البعثات في طرد حركة الشباب من المدن الكبرى، إلا أنها فشلت في معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة الجذور التي لا تزال تغذي العنف. إن الدعم الدولي المحدود وقضايا التمويل المزمنة قد قوضت هذه البعثات، مما ترك بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال مع المهمة الشاقة المتمثلة في استعادة الاستقرار حيث تعثرت البعثات السابقة.
إن نجاح بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال سوف يعتمد على أكثر من مجرد الانتصارات العسكرية. يجب على الصومال بناء مؤسسات سياسية مرنة، وتحسين الحكم، والمصالحة مع المناطق المتمتعة بالحكم الذاتي إذا كانت تأمل في تأمين السلام الدائم.
استراتيجية مصر الدبلوماسية والعسكرية: موازنة القوى في القرن الأفريقي
إن مشاركة مصر في الصومال تعكس استراتيجيتها الأوسع في القرن الأفريقي، حيث يعد الحفاظ على الاستقرار أمرًا بالغ الأهمية لأمنها الوطني. وفي حين تتبنى مصر نهجًا دبلوماسيًا في العلاقات الإقليمية، فإن وجودها العسكري يؤكد التزامها بحماية السيادة الصومالية.
هذه الاستراتيجية ليست خالية من التعقيدات. إن مشاركة إثيوبيا في الشؤون الصومالية، وخاصة تعاملاتها المثيرة للجدل مع منطقة أرض الصومال المنفصلة، تضيف طبقة أخرى من التوتر. وقد قوبلت اتفاقية تطوير الموانئ بين إثيوبيا وأرض الصومال في بربرة، والتي تتجاوز الحكومة الفيدرالية الصومالية، بمعارضة شرسة من الصومال ومصر. وقد أدى هذا إلى توتر العلاقات وإبراز ديناميكيات القوة المعقدة التي تلعب دورًا في المنطقة.
وبعيدًا عن الصومال، فإن النزاع المستمر بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبي يعقد سياستها الخارجية في منطقة القرن الأفريقي. ولا تكمن مخاوف مصر في حق إثيوبيا في التنمية ولكن في عدم وجود اتفاق ملزم قانونًا يضمن أمن مصر المائي من نهر النيل، شريان الحياة لشعبها.