“دول بلا استثمار”.. تقرير أممي يكشف غياب الاستثمارات الأجنبية عن 5 دول في 2024

كشف تقرير الاستثمار العالمي لعام 2025 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) عن غياب تام للاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) في خمس دول عربية وآسيوية خلال عام 2024، وهي السودان، ليبيا، اليمن، سوريا، وأفغانستان، حيث لم تسجل هذه الدول دولارًا واحدًا من التدفقات الاستثمارية في العام الماضي.
غياب الاستقرار يطرد الاستثمار
بحسب التقرير، فإن غياب الاستثمارات في هذه الدول يعود بالأساس إلى استمرار النزاعات المسلحة، وانهيار مؤسسات الدولة، وغياب البيئة القانونية والاقتصادية الآمنة، وهو ما يجعل رؤوس الأموال تنأى عن دخول أسواقها.
ففي السودان، تسبب الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023 في تدمير البنية التحتية والمؤسسات المالية، وتهجير الملايين داخليًا وخارجيًا. أما ليبيا، فرغم ثروتها النفطية الهائلة، لا تزال تعاني من انقسام سياسي حاد، وانعدام الرؤية الاستثمارية الموحدة.
اليمن.. 14 عامًا من القطيعة الاقتصادية
لم تُسجّل اليمن أي تدفقات استثمار أجنبي مباشر منذ عام 2010، لتدخل بذلك عامها الرابع عشر دون جذب دولار واحد من رؤوس الأموال العالمية. ويرجع ذلك إلى الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2015، وما تبعها من انهيار المؤسسات المالية، وانقسام السلطة، وتآكل البنية التحتية.
ورغم التوصل إلى هدنة جزئية في بعض المناطق، إلا أن غياب الاستقرار السياسي، والانهيار التام لسوق الطاقة والبنوك، واستمرار العقوبات الدولية، يحول دون أي محاولات لاستعادة الثقة الاستثمارية في المدى القريب.
سوريا.. مؤشرات عودة بعد قطيعة استمرت منذ 2011
لم تُسجّل سوريا أي تدفقات استثمار أجنبي مباشر للعام الثالث عشر على التوالي، رغم استعادة النظام السوري السيطرة الميدانية على معظم الأراضي. لا تزال البلاد تخضع لعقوبات غربية مشددة، وتشهد انهيارًا حادًا في قيمة الليرة السورية، وغيابًا شبه تام للبيئة الآمنة التي تسمح بعودة المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.
لكن عام 2025 قد يُمثّل بداية تحول اقتصادي محتمل في سوريا، مع بدء تبلور مؤشرات على فك العزلة المالية الدولية تدريجيًا.

ففي خطوة استثمارية نوعية، وقّعت سوريا مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار مع شركة “موانئ دبي العالمية” (DP World)، لتطوير محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس، إلى جانب تأسيس مناطق صناعية وحرة وموانئ جافة داخل البلاد.
يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان الولايات المتحدة عن تخفيف جزئي للعقوبات المفروضة على دمشق، وإصدار ترخيص عام يتيح إعادة ربط النظام المالي السوري بشبكة “سويفت” الدولية.
وبالفعل، نفّذ مصرف سوريا المركزي أول عملية تحويل دولي منذ اندلاع الحرب، من بنك سوري إلى مصرف في إسبانيا، فيما يُنتظر تنفيذ تحويل مالي مباشر مع أحد المصارف الأمريكية خلال الأسابيع المقبلة.
وتُعد هذه الخطوات التمهيدية بداية محتملة لإعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي، مع توقعات واقعية ببدء استقبال استثمارات أجنبية لأول مرة منذ عام 2011، إذا استمر مسار الانفتاح الاقتصادي الدولي.
أفغانستان.. الاقتصاد المُعلّق
منذ استيلاء حركة طالبان على الحكم في كابول عام 2021، توقفت جميع أشكال الاستثمار الأجنبي والدعم الدولي. ولم تسجل أفغانستان أي تدفقات مالية تُذكر، في ظل غياب خطة اقتصادية واضحة، ورفض عالمي للاعتراف الرسمي بالسلطة الحالية.
القارة تنمو.. وهؤلاء خارج المعادلة
يأتي غياب هذه الدول في وقت سجلت فيه القارة الإفريقية ككل نموًا استثماريًا قياسيًا بنسبة +75%، وبلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي نحو 97 مليار دولار في 2024، بقيادة دول مثل مصر (47 مليار دولار) وإثيوبيا (3.9 مليار دولار) وكوت ديفوار (3.8 مليار دولار)، في حين تبقى دول النزاع والصراع وعلى رأسها السودان وليبيا خارج هذا التحول.
تحديات الاستقرار قبل الاقتصاد
يشير خبراء التنمية والاستثمار إلى أن هذه الدول بحاجة أولًا إلى وقف الحروب، وبناء مؤسسات شرعية، وفرض سيادة القانون، وإعادة تأهيل البنية التحتية، قبل أن تتمكن من استعادة مكانتها على خارطة الاستثمار العالمي.
اقرأ أيضًا: ميتسوبيشي اليابانية تعتزم توريد أول قطار مترو للخط الرابع مايو 2026