رحلة غامضة لـ “طائرة يوم القيامة” الأخطر في العالم.. هل تمهد أمريكا لضربة نووية؟

في خطوة أثارت دهشة المراقبين وأطلقت سيلًا من التكهنات، رُصدت طائرة الطوارئ الجوية الأهم في الترسانة العسكرية الأمريكية، المعروفة باسم “طائرة يوم القيامة”، وهي تقوم برحلة نادرة ومفاجئة من لويزيانا إلى قاعدة أندروز في ماريلاند مساء الثلاثاء.

ووفقًا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، تزامن التحرك، الذي وصفه خبراء بأنه “استثنائي”، مع ارتفاع كبير في وتيرة التهديدات بين الولايات المتحدة وإيران، ومع مؤشرات على دعم أمريكي غير مشروط للعملية العسكرية الإسرائيلية ضد طهران.

رسالة في السماء

وقامت طائرة بوينج E-4B “نايت ووتش”، وهي طائرة 747 مُعدلة مُصممة للعمل أثناء الحرب النووية وحالات الطوارئ الوطنية، برحلة جوية غير معلنة يوم الثلاثاء من قاعدة باركسديل الجوية من مدينة بوسير في ولاية لويزيانا عند الساعة 5:56 مساء بتوقيت واشنطن، وحلقت بمحاذاة ساحل المحيط الأطلسي قبل أن تقوم بمناورة حول حدود ولايتي فرجينيا وكارولاينا الشمالية، لتحط في قاعدة أندروز الساعة 10:01 مساء.

وجاءت هذه الرحلة، التي استغرقت ما يزيد قليلًا عن أربع ساعات، في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وقد فسرها بعض الخبراء على أنها إشارة إلى زيادة الاستعداد العسكري استجابة لسيناريوهات المواجهة النووية المُحتملة.

رحلة استراتيجية تثير الدهشة

وما لفت الانتباه هو استخدام الطائرة لنداء طيران غير مألوف: ORDER01 بدلًا من إشارة النداء المعتادة ORDER6، ما أثار تساؤلات عما إذا كانت الرحلة تحمل دلالات استراتيجية غير معلنة.

وأظهرت بيانات تتبع الطيران أن الطائرة كانت قد أقلعت في وقت سابق من اليوم ذاته من منطقة قريبة من ويندو روك، أريزونا، قبل أن تتجه إلى لويزيانا، في عملية توحي بتخطيط معقد متعدد المراحل.

ورغم أن سلاح الجو الأمريكي لم يؤكد بعد طبيعة هذه الرحلة، إلا أن بعض المراقبين يعتبرونها خطوة استراتيجية، تتماشى مع مخاوف الولايات المتحدة من التهديدات النووية المحتملة الصادرة من طهران.

القيادة تحت النار.. طائرة “البنتاجون الطائر”

وطائرة الـE-4B، التي تُعرف غالبا بـ”البنتاجون الطائر”، ليست مجرد طائرة رئاسية فاخرة، بل تُعد مركز قيادة جوي متكامل، صُمم للعمل في ظل أسوأ السيناريوهات مثل الحرب النووية أو الهجمات الإرهابية واسعة النطاق. كما أنها مزودة بدروع نووية وحرارية، قادرة على الصمود أمام النبضات الكهرومغناطيسية، والهجمات السيبرانية، وحتى الانفجارات النووية القريبة.

وتحتوي الطائرة على غرف قيادة، قاعات مؤتمرات، مراكز معلومات وتحليل، ومساكن للراحة مزودة بأسِرة – مصممة لإيواء كبار المسؤولين مثل الرئيس، ووزير الدفاع، وهيئة الأركان المشتركة، كما أنها تضم شبكة اتصالات ضخمة تتألف من 67 طبقا وهوائيا، مما يتيح التواصل الفوري مع القادة العسكريين والمدنيين حول العالم.

ويُمكن للطائرة البقاء محلقة لمدد تصل لأسبوع كامل دون هبوط، بفضل قدرتها على التزود بالوقود جوا، ما يجعلها أداة مثالية لضمان استمرارية القيادة في حالة انهيار البنية التحتية الأرضية لأي سبب.

جاهزية عسكرية أم إشارة استراتيجية؟

ورغم أن البنتاجون يعتبر رحلات E-4B جزءا من الفحوصات الروتينية لاستعداد الأسطول، إلا أن خبراء استراتيجيين يرون أن توقيت الرحلة وظروفها السياسية يحملان أبعادا أكثر من مجرد تدريب.

وأشار محللون إلى أن تحليق الطائرة تزامن مع تصريحات نارية من المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي رفض بشكل قاطع الدعوات الأمريكية لـ”استسلام غير مشروط”.

وقال خامنئي في أول بيان متلفز، عقب حملة القصف الإسرائيلية الأخيرة: “هذه الأمة لن ترضخ لأحد… والسلام المفروض كالحرب المفروضة، سنقاومهما معا”. مشددا على أن أي تدخل عسكري أمريكي “سيجلب أضرارًا لا يمكن إصلاحها”، موجّها تحذيرا مباشرا لإدارة ترامب، ومشيرا إلى أن “اللغة التهديدية” لن تُجدي نفعا مع إيران.

سلاح أمريكي استراتيجي في قلب العاصفة

وتحتفظ الولايات المتحدة بأربع طائرات من طراز E-4B، يتمركز معظمها في قاعدة أوفوت الجوية في نبراسكا، لكن يجري نقلها بانتظام إلى قواعد مختلفة للحفاظ على الجاهزية.

بالإضافة إلى أدوارها الحربية، دعمت هذه الطائرات مهمات الاستجابة للكوارث المدنية، بما في ذلك خلال إعصار أوبال عام ١٩٩٥، بل وعملت كمقرات متنقلة لرؤساء الولايات المتحدة، وأبرزهم الرئيس جورج دبليو بوش في أحداث ١١ سبتمبر.

ورغم لقبها المخيف “طائرة يوم القيامة”، فإن طائرة E-4B ليست مخصصة فقط لأسوأ السيناريوهات حيث تُستخدم أيضا في مهمات دبلوماسية وعسكرية حساسة تتطلب أقصى درجات الأمان، لا سيما في الرحلات الخارجية لكبار المسؤولين في البنتاجون.

من التصعيد الكلامي إلى الدماء

مع تفاقم المناخ الجيوسياسي، بدأت تداعياته تظهر على الأرض. فقد قُتل ما لا يقل عن 224 شخصًا في إيران منذ أن بدأت إسرائيل حملتها الأخيرة للقصف، والتي ورد أنها تهدف إلى تعطيل القدرات النووية الإيرانية. وقد وصف قادة طهران هذه الضربات بأنها “خطأ فادح”، متوعدين بالرد وعواقب طويلة المدى.

ويحذر المراقبون من أن التحركات الرمزية – مثل تحليق طائرة E-4B المفاجئ – يمكن أن تكون بمثابة رادع أو تثير المزيد من التصعيد. وحذر مارك ألموند، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، من مغبة التورط في زعزعة استقرار النظام الإيراني، مستندا إلى دروس تاريخية تشير إلى أن إسقاط الأنظمة في الشرق الأوسط غالبا ما يؤدي إلى فوضى لا يمكن تخيلها.

اقرأ أيضًا.. قبل الحظر.. أمريكا تمهل 36 دولة بينها مصر وسوريا لمراجعة إجراءات السفر

رسالة قوة أم محاولة ردع؟

في الوقت الذي تبقى فيه تفاصيل الرحلة طي الكتمان، يقرأها كثيرون على أنها جزء من استراتيجية “القوة الاستباقية”، عبر إظهار قدرة الولايات المتحدة على السيطرة والرد السريع في أي لحظة.

ولكن هذا التحرك يحمل أيضا خطر التصعيد غير المحسوب، خاصة في منطقة يتقاطع فيها النفوذ الأمريكي والإسرائيلي مع الخطوط الحمراء الإيرانية.

زر الذهاب إلى الأعلى