رد إيران يهدئ المخاوف ويطمئن الأسواق.. أسعار النفط تنهار وتسجل أكبر خسارة يومية منذ أبريل

شهدتْ أسواق الطاقة تقلُّبًا لافتًا مع تراجع أسعار النفط بنسبة فاقت 7%، مُبددةً مكاسبها الأولية الناجمة عن الذعر. وذلك في أعقاب ردّ عسكري إيراني بدا محسوبًا ومُنسقًا بعناية.
الضربة الصاروخية التي نفذتها طهران ضد قواعد أمريكية في قطر والعراق لم تُسفِر عن إصابات أو خسائر بشرية، وجاءت مسبوقة بتحذير رسمي إلى الحكومة القطرية، ما اعتُبر رسالة قوية لكن غير تصعيدية.
ووفقًا لـ “سي إن إن”، انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط إلى 68.51 دولارا للبرميل، مقارنة بذروتها التي بلغت 78.40 دولارا ليلة الأحد. في هبوط يُعد الأكبر منذ أوائل أبريل، مما يعكس أن الأسواق كانت تتحسب لهجوم واسع قد يُهدد البنية التحتية الحيوية للطاقة في المنطقة.
لكن، مع اتضاح أن الرد الإيراني كان محدودًا ومنسقًا، عادت الثقة نسبيًا إلى المستثمرين.
التنسيق مع قطر.. استراتيجية الرد بلا تصعيد
ووفقًا لمصادر مطلعة، أبلغت إيران قطر مسبقًا بهجماتها الصاروخية المُخطط لها والتي تستهدف قواعد عسكرية أمريكية، بما في ذلك قاعدة العديد الجوية التي تضم قوات أمريكية.
ويبدو أن هذا التنسيق صُمم للحد من الخسائر والحفاظ على “مخرج” لخفض التصعيد، مما يُشير إلى أن إيران كانت على الأرجح تُحاول توجيه رسالة سياسية بدلا من إثارة مواجهة مباشرة.
وأفادت التقارير أن الدفاعات الجوية القطرية اعترضت بنجاح صواريخ إيرانية استهدفت قواعد أمريكية في قطر والعراق، دون الإبلاغ عن إصابات أو وفيات.
وأضافت المصادر أن هذه الخطوة كانت استعراضا للقوة تحت اسم “بشارة الفتح”، إلا أنها حافظت على نبرة ضبط النفس الاستراتيجي.
قطر ترد بحزم: “انتهاك صارخ للسيادة
أدانت قطر تصرفات إيران، ووصفت الضربات الصاروخية بأنها “انتهاك صارخ” لسيادتها ومجالها الجوي. وأصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، تحذيرا شديد اللهجة، مؤكدا حق قطر في الرد المباشر والمتناسب وفقا للقانون الدولي.
وقال الأنصاري: “نؤكد أن دولة قطر تحتفظ بحق الرد… ونحن على ثقة بأن الدفاعات الجوية القطرية أحبطت الهجوم واعترضت الصواريخ الإيرانية بنجاح”.
ويؤكد هذا الرد الدبلوماسي الحاد على الحساسيات الإقليمية الراهنة، واحتمال أن تؤدي أفعال طهران إلى عزلها أكثر، حتى بين جيرانها.
رد فعل الأسواق.. التراجع يبعث على الارتياح الحذر
تلقت الأسواق المالية، التي ارتبكت بادئ الأمر، نبأ اعتراض الصواريخ وغياب الخسائر بارتياح نسبي، ما ساهم في رفع مؤشرات الأسهم الأمريكية، وسط تفاؤل بأن أزمة طاقة عالمية قد جرى تجنّبها مؤقتا.
وهذا التراجع الحاد في أسعار النفط – بنسبة 7.2% – يُشير إلى أن المستثمرين كانوا يتوقعون تصعيدا أكبر أكثر عدوانية، ربما يشمل منشآت نفطية حساسة في الخليج. وكون هذه المنشآت لم تُمس، زاد من قناعة المحللين بأن طهران اختارت الرمزيات على التصعيد.
التداعيات الجيوسياسية.. خطوةٌ مدروسةٌ من جانب إيران
ويُفسر المحللون والمسؤولون الضربة الإيرانية ليس على أنها عمل متهور، بل مناورة مدروسةٌ لإظهار العزيمة دون إثارة صراعٍ أوسع.
وبينما صورت وسائل الإعلام الرسمية في طهران العملية على أنها استعراض للقوة، فإن التنسيق المسبق مع قطر وغياب الخسائر يُشيران إلى جهد مُتعمد لاحتواء التداعيات.
وتبدو الرسالة الصادرة عن طهران ذات شقين: الرد بطريقة تُرضي الضغوط الداخلية والسياسية، مع تجنب حشر نفسها في حرب طويلة الأمد مع الولايات المتحدة وحلفائها.
اقرأ أيضًا.. خطوة تاريخية غير مسبوقة.. أول دولة خليجية تقرّ ضريبة دخل على الأفراد
اختبار ضبط النفس الإيراني يُهدّئ السوق لكن لا يُنهي التوتر
وفي حين تُقدم تطورات يوم الاثنين هدنة مؤقتة، لا تزال التوترات في الخليج مرتفعة. ويُسلط هذا الوضع الضوء على التوازن الدقيق الذي تحاول إيران الحفاظ عليه – تأكيد وجودها عسكريا في الوقت الذي تبحر فيه في مشهد دوليٍ يزداد حذرا من حرب إقليمية.
ويعتمد استمرار هذه اللحظة من ضبط النفس إلى حد كبير على الخطوات التالية التي ستتخذها واشنطن وحلفاؤها، وعلى ما إذا كانت طهران ستواصل سعيها لتحقيق انتصارات رمزية على التصعيدات الاستراتيجية.