رسالة تاريخية.. أوجلان يدعو العمال الكردستاني إلى حل نفسه وإلقاء السلاح

دعا عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني، في رسالة جديدة وجهها من سجنه في جزيرة ببحر مرمرة إلى حل الحزب وإلقاء السلاح.

وجاءت هذه الدعوة في وقت حساس للغاية بالنسبة للملف الكردي في تركيا، حيث يعاني الأكراد في البلاد من صراع طويل الأمد مع السلطات التركية.

رسالة تاريخية من السجن

في الرسالة التي قرأها حزب مؤيد للأكراد في تركيا، أكد أوجلان أنه يتحمل “المسؤولية التاريخية” لهذه الدعوة.

وقال إن “حزب العمال الكردستاني وُلد في القرن العشرين في ظل ظروف عنيفة ومعقدة”، مضيفًا أن الحزب تأثر بشكل كبير بالأيديولوجيات الاشتراكية التي كانت سائدة في تلك الحقبة.

وأوضح أن الحزب قد فقد أهميته بسبب الانهيار الداخلي للاشتراكية الواقعية وتراجع سياسة إنكار الهوية الكردية في تركيا.

وأشار أوجلان إلى أن حزب العمال الكردستاني، الذي بدأ كحركة مسلحة ضد السلطات التركية بهدف إنشاء دولة كردية، قد عانى من التكرار المفرط، وأصبح من الضروري حله بعد مرور أكثر من أربعة عقود من الصراع، وأكد أن “الوقت قد حان لإعادة تنظيم العلاقة التاريخية بين الأتراك والأكراد بروح الأخوة”.

رسالة اوجلان والدعوة إلى السلام والديمقراطية

وأضاف أوجلان أن الحلول القومية المتطرفة مثل إنشاء دولة قومية كردية أو الفيدرالية أو الحكم الذاتي لا تلبي احتياجات المجتمع الكردي الحقيقية.

وأكد أن “الاحترام الكامل للهوية، وحرية التعبير، والتنظيم الديمقراطي” هي أسس ضرورية لبناء مجتمع ديمقراطي يشمل جميع الفئات، مشيرًا إلى أن هذا يتطلب فضاءً سياسيًا ديمقراطيًا.

وشدد على أن “القرن الثاني للجمهورية التركية لن يتحقق إلا بالديمقراطية، ولا يوجد طريق آخر سوى التوافق الديمقراطي”.

وفيما يتعلق بالحالة الراهنة في تركيا، رحب أوجلان بالدعوات التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب الحركة القومية، والتي أبدت استعدادًا لإيجاد حلول سلمية.

ودعا جميع المجموعات المسلحة إلى التخلي عن السلاح، مؤكداً أن “حزب العمال الكردستاني يجب أن يحل نفسه” في خطوة تاريخية تهدف إلى إنهاء الصراع الدامي.

 رد فعل الحكومة التركية على رسالة أوجلان

في أول تعليق رسمي من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، قال نائب رئيس الحزب، إفكان علاء، إن “جوهر الدعوة هو إلقاء السلاح وحل المنظمة الإرهابية”.

وأضاف علاء أن تركيا ستتحرر من القيود التي فرضها الصراع إذا استجابت المنظمة لهذه الدعوة وألقت سلاحها، وأوضح أن هذا يعد خطوة مهمة نحو إنهاء الإرهاب الذي عانت منه تركيا على مدار عدة عقود.

 التاريخ الطويل للصراع الكردي التركي

تأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، ومنذ ذلك الحين شهدت تركيا صراعًا مسلحًا مستمرًا مع الحزب، بدأت العمليات المسلحة في عام 1984، وكان هدف الحزب هو إنشاء دولة كردية مستقلة في المناطق التي يقطنها الأكراد في جنوب شرق تركيا.

وخلف هذا الصراع أكثر من 40 ألف قتيل وأدى إلى دمار واسع في المنطقة. وقد صنفت أنقرة، إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية.

وكانت هناك دعوات سابقة من أوجلان للهدنة في بداية القرن الحالي، وكذلك في عام 2013، ولكن تلك الدعوات باءت بالفشل نتيجة لعدم التوصل إلى اتفاق حقيقي بين الأطراف المتنازعة، ما أدى إلى تجدد أعمال العنف.

 هل تكون هذه المرة مختلفة بين تركيا والأكراد؟

وفق مراقبون فمن غير الواضح ما إذا كانت هذه الدعوة ستؤدي إلى تحولات حقيقية في الصراع الكردي التركي، ففي الماضي، كانت جهود السلام تبوء بالفشل بسبب عدم الثقة بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، إضافة إلى الانقسامات داخل الحركة الكردية نفسها.

ولكن مع تطور المواقف السياسية في تركيا والمنطقة، تزداد الآمال في أن يكون هذا التحول نقطة انطلاق جديدة نحو السلام المستدام.

ستظل التحديات الكبرى أمام هذه الدعوة، من بينها كيفية تنفيذ الحلول العملية التي تضمن الأمن والسلام لجميع الأطراف المعنية، سواء من خلال إصلاحات سياسية ديمقراطية أو تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأكراد في تركيا.

اقرأ أيضا

تركيا تترقب رسالة تاريخية من أوجلان.. هل يفعلها الزعيم الكردي؟

زر الذهاب إلى الأعلى