رغم المليارات.. مصر وتونس لا تظهران اهتماما باتفاقية الهجرة مع الاتحاد الأوروبي
دول شمال أفريقيا مترددة بشأن التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة
أظهرت مصر وتونس اهتماما محدودا بالتوصل إلى اتفاقيات شاملة مع الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة والتنقل والتعاون الأمني، وفقا لما نشره موقع أوروأوبزرفر، رغم تلقي مساعدات مالية كبيرة من الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة غير النظامية وتعزيز مراقبة الحدود.
بحسب خاص عن مصر، ووفقا لوثيقة سرية صاغتها الحكومة المجرية، التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، ونشرتها مجموعة Statewatch المؤيدة للشفافية، تحجم الدولتين في شمال أفريقيا عن إضفاء الطابع الرسمي على التعاون الأوسع مع الاتحاد الأوروبي، على الرغم من الاستفادة من مليارات الدولارات من تمويل الاتحاد الأوروبي.
يسلط التقرير الضوء على الجهود الجارية التي يبذلها مسؤولو الاتحاد الأوروبي لتعزيز السيطرة على الهجرة مع ليبيا، وهي دولة تأثرت بشدة بصراع أهلي طويل الأمد ومقسمة بين حكومتين متنافستين.
مساعدات مالية كبيرة ومشاركة محدودة
كان الحد من عبور المهاجرين من شمال إفريقيا إلى أوروبا أحد الموضوعات الرئيسية التي ركزت عليها أورسولا فون دير لاين كرئيسة للمفوضية الأوروبية. ولتحقيق هذه الغاية، أبرم الاتحاد الأوروبي صفقات بقيمة تزيد عن 8 مليارات يورو مع تونس وموريتانيا ومصر بين عامي 2023 و2024. وقد صُممت هذه الاتفاقيات لمعالجة إدارة الحدود ومكافحة التهريب والاتجار بالبشر وتعزيز مسارات الهجرة القانونية.
ومع ذلك، يشير التقرير المجري إلى أن مصر أظهرت القليل من الحماس لتوقيع بيان مشترك بشأن الهجرة والتنقل مع الاتحاد الأوروبي، حتى بعد تلقي 200 مليون يورو كجزء من اتفاقية بقيمة 7.4 مليار يورو.
أقرا أيضا.. صادرات مصر من الموالح تتجاوز 2 مليون طن لأول مرة
يشير التقرير إلى أن “الجانب المصري لم يُبدِ بعد اهتمامه بإبرام بيان مشترك بشأن الهجرة والتنقل”. وعلاوة على ذلك، ورد أن مصر لم تبد أي استعداد للتفاوض على اتفاقية دولية تمكن من تبادل البيانات الشخصية مع اليوروبول، وكالة إنفاذ القانون التابعة للاتحاد الأوروبي.
وعلى نحو مماثل، لم تشارك تونس، على الرغم من اتفاقها البالغ 8 مليارات يورو، بنشاط في المفاوضات بشأن التعاون الأمني مع اليوروبول. ويزداد الوضع تعقيدا بسبب الرئيس التونسي المستبد قيس سعيد، الذي وافق في عام 2023 على اتفاق للسيطرة على الهجرة مع الاتحاد الأوروبي، لكنه أعاد في وقت لاحق 150 مليون يورو كمساعدات مالية، واصفا المبلغ بأنه “سخيف”.
التحديات مع تونس والدولة المنقسمة في ليبيا
يعكس إحجام تونس عن تبني اتفاق الهجرة مع الاتحاد الأوروبي بشكل كامل تحديات اقتصادية وسياسية أوسع نطاقا في البلاد. فبعد رفض الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي، أبرم الرئيس سعيد اتفاقا مع فون دير لاين في يوليو 2023. ومع ذلك، فإن التوترات بشأن المساعدات المالية وشروط الاتفاق قد خيمت على تقدم اتفاق الهجرة.
من ناحية أخرى، أصبحت ليبيا، التي أصبحت الآن نقطة المغادرة الأساسية للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر وسط البحر الأبيض المتوسط، أكثر انخراطا في المناقشات مع الاتحاد الأوروبي. وبحسب التقرير، فإن 56% من المهاجرين الذين حاولوا العبور إلى أوروبا من شمال أفريقيا في النصف الأول من عام 2024 غادروا ليبيا.
في يونيو 2024، زار وفد من الاتحاد الأوروبي طرابلس لمناقشة “أجندة الهجرة الشاملة” مع حكومة الوحدة الوطنية المدعومة من الأمم المتحدة. كما عقدت محادثات في بنغازي، مقر الحكومة المنافسة في شرق ليبيا التي يدعمها الجيش الوطني الليبي. وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أن “العلاقات تتطور بشكل ديناميكي وإيجابي بشكل عام” مع كلا الفصيلين.
العلاقات مع شمال أفريقيا مفتاح لسياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي
يسلط التقرير الضوء على التوازن الدقيق الذي يجب على الاتحاد الأوروبي تحقيقه في إدارة اتفاقيات الهجرة مع دول شمال أفريقيا. وفي حين تم توجيه تمويل كبير نحو مصر وتونس، فإن إحجامهما عن الانخراط في تعاون أكثر رسمية يثير المخاوف بشأن فعالية هذه الشراكات على المدى الطويل.
في ليبيا، وعلى الرغم من عدم الاستقرار السياسي المستمر، يظل الاتحاد الأوروبي متفائلاً بأنه يمكنه تعزيز التعاون الأعمق في مجال السيطرة على الهجرة. وتعتمد استراتيجية الاتحاد الأوروبي الأوسع على منع الهجرة غير النظامية من مصدرها وخلق مسارات هجرة قانونية أكثر أمانًا.