روسيا تسارع لتعزيز قواعدها في ليبيا بعد انهيار نظام الأسد
القاهرة (خاص عن مصر)- مع انهيار نظام الأسد في سوريا، تعمل روسيا على تكثيف وجودها العسكري في ليبيا، مما يشير إلى تحول في تركيزها الاستراتيجي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وفقا لتقرير تليجراف، يواجه الكرملين حالة من عدم اليقين المتزايدة بشأن موطئ قدمه في سوريا، وينقل موارد الدفاع ويكثف أنشطته في شمال إفريقيا لحماية مصالحه ونفوذه.
التحركات العسكرية الروسية إلى ليبيا
كشفت بيانات تتبع الرحلات الجوية عن ارتفاع في رحلات الشحن العسكرية الروسية إلى ليبيا، منذ 8 ديسمبر، اليوم الذي سقطت فيه دمشق في أيدي المتمردين بقيادة الإسلاميين، طارت ثلاث طائرات روسية على الأقل من بيلاروسيا إلى ليبيا.
هبطت أحدث رحلة في بنغازي في وقت مبكر من يوم السبت، مما يسلط الضوء على إلحاح روسيا على تعزيز وجودها في شرق ليبيا.
أوضح جليل حرشاوي، المتخصص في شمال إفريقيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أن انهيار نظام الأسد من المرجح أن يؤدي إلى تسريع خطط موسكو في ليبيا، “يبدو أن التحديات في سوريا تدفع روسيا إلى تكثيف وجودها في شرق ليبيا، حتى لو لم يكن ذلك جزءًا من خطتها الأصلية قبل أسابيع فقط”، كما ذكر الحرشاوي.
وأضاف أن البصمة العسكرية الروسية المتنامية في ليبيا تبدو الآن أكثر عرضة للخطر، مما دفع إلى نشر مواد دفاعية إضافية.
اقرأ أيضا.. كارثة غرق ناقلة روسية في البحر الأسود تثير قلقًا بيئيا.. تسرب 4300 طن من النفط
ليبيا: نقطة انطلاق استراتيجية
تلعب ليبيا دورًا محوريًا في استراتيجية روسيا المتوسطية، استثمر الكرملين بكثافة في تجديد القواعد الجوية الليبية، مما مكنه من نشر القوة العسكرية على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط الجنوبي.
كما تعمل ليبيا كمركز رئيسي لطموحات موسكو الأوسع في إفريقيا، كونها الدولة الأفريقية الوحيدة التي لديها رحلات عسكرية روسية مباشرة ومتواصلة.
وبعيدًا عن ليبيا، يمتد نفوذ روسيا إلى الدول المجاورة مثل الجزائر وتونس ومصر، حيث تحافظ على علاقات قوية، يكمل هذا التموضع الاستراتيجي في شمال إفريقيا وجودها الطويل الأمد في سوريا، وخاصة في مدينتي طرطوس واللاذقية، ومع ذلك، فإن الاضطرابات الأخيرة في سوريا قلبت خطط موسكو رأسًا على عقب.
مستقبل غير مؤكد في سوريا
يمثل سقوط دمشق انتكاسة كبيرة للأجندة العسكرية والجيوسياسية الروسية في سوريا، لسنوات، دعمت موسكو نظام الأسد من خلال القصف المتواصل للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، والآن، مع رحيل الأسد وتشكيل حكومة جديدة، تواجه القوات الروسية مستقبلاً غير مؤكد في البلد الذي مزقته الحرب.
تشير التقارير إلى أن روسيا تقوم بإجلاء المعدات والأفراد من سوريا، بما في ذلك الأنظمة العسكرية المتقدمة مثل نظام صواريخ الدفاع الجوي S-400.
شوهدت شاحنات مدرعة تستعد للمغادرة، بينما غادرت طائرة شحن متجهة إلى ليبيا مؤخرًا قاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية، كما سحب الكرملين بعض الموظفين الدبلوماسيين من سوريا، مما يؤكد تدهور الوضع.
رؤى الخبراء حول التحديات الإقليمية التي تواجه روسيا
لاحظ الحرشاوي أنه في حين قد تحتفظ روسيا بقواعدها الأساسية في سوريا، بما في ذلك المنشأة البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية بالقرب من اللاذقية، فإن الاضطرابات جعلت المنطقة أقل ترحيباً بموسكو، وقال “من الواضح أن الأحداث الأخيرة هناك لم تكن لصالح موسكو”، مؤكداً على التحديات اللوجستية والأمنية التي تواجهها روسيا الآن في سوريا.
التداعيات على استراتيجية روسيا العالمية
يعكس تحول الكرملين إلى ليبيا تصميمه على الحفاظ على وجود استراتيجي في البحر الأبيض المتوسط على الرغم من النكسات في سوريا.
ومن خلال تعزيز قدراتها العسكرية في شمال إفريقيا، تسعى روسيا إلى تأمين نفوذها وموازنة القوى الغربية في المنطقة.
ومع استمرار تطور الوضع في سوريا، من المرجح أن تلعب تصرفات روسيا في ليبيا دوراً حاسماً في تشكيل استراتيجيتها الجيوسياسية الأوسع في السنوات القادمة.