سجن صيدنايا يتحول إلى سوق شعبي.. ماذا يحدث في سوريا؟

أثار تحويل سجن صيدنايا، الذي يعرف بأنه من أكثر السجون وحشية في سوريا، إلى موقع لأنشطة تجارية وترفيهية جدلاً واسعاً بين السوريين.
وانتشرت صور ومقاطع فيديو تُظهر أكشاك بيع متنقلة وإعلانات تجارية داخل السجن، ما دفع العديد من الناشطين والصحفيين إلى انتقاد هذه الخطوة واعتبارها محاولة لطمس معالم الانتهاكات التي شهدها المكان لعقود.
سجن صيدنايا أشهر مراكز الاعتقال في سوريا
يعد سجن صيدنايا أحد أشهر مراكز الاعتقال في سوريا، حيث وثّقت منظمات حقوقية محلية ودولية عمليات تعذيب ممنهج وإعدامات جماعية داخله، حتى أطلقت عليه منظمة العفو الدولية لقب “المسلخ البشري”.
ورغم سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، إلا أن تداعيات إرثه لا تزال واضحة، خاصة في ملف المعتقلين والمفقودين، الذين ما زال مصير عشرات الآلاف منهم مجهولاً حتى اليوم.
أكشاك سجن صيدنايا تثير الجدل في سوريا
مع انتشار الصور ومقاطع الفيديو التي أظهرت تحوّل السجن إلى سوق شعبي، عبر العديد من السوريين عن استيائهم، واعتبروا ما حدث محاولة لتشويه ذاكرة الضحايا والتقليل من فظائع الماضي.
صور من سجن #صيدنايا تظهر تسويقاً تجارياً لبعض المُنتجات على جُدران السجن .
هذا الذي حلَّ بإرث الذين أعادونا إلى الديّار ولم يعودوا. #عليكم_اللعنة— مُحَمّد الخَليِّل (@mohammad19857) February 14, 2025
في هذا الإطار، نشر حساب على منصة إكس، يُعرف صاحبه باسم محمد الخليل وهو مختص بعلم الآثار والتاريخ، صوراً تُظهر أكشاكا صغيرة وملصقات إعلانية داخل السجن، وعلّق قائلاً: “صور من سجن صيدنايا تظهر تسويقاً تجارياً لبعض المنتجات على جدران السجن… هذا الذي حل بإرث الذين أعادونا إلى الديار ولم يعودوا”.
الصحفية رفيف السيد وصفت ما حدث بأنه “وقاحة وعبثية في التعامل مع أحد أكثر الأماكن دموية في سوريا”، معتبرة أن تحويل السجن إلى موقع تجاري يمثّل إهانة لذكرى الضحايا الذين فقدوا حياتهم داخله.
من جانبه، قال الصحفي وسيم الإخوان إن هناك جهات تحاول استغلال مأساة المكان لتحقيق مكاسب مالية، واصفاً الأمر بأنه “طمس متعمّد للذاكرة الجماعية”.
#إعلانات لشركات مواد غذائية وعراضة أمام سجن #صيدنايا..تريدون كسب المال وزيادة أرباحكم من أمام هذا المكان الذي قتل فيه الآلاف وتم كبسهم في المسالخ البشرية.. ألم تتابعوا الحماقة المرتكبة عند طلاء أحد السجون في #اللاذقية التي أزعجت كل السوريين..ألا تخجلوا من أنفسكم.#سوريا pic.twitter.com/17aGlhey78
— Waseem Al Ekhwan وسيم الإخوان (@WaseemEkh) February 14, 2025
مخاوف من طمس الأدلة في سجن صيدنايا
إلى جانب الجدل حول تحويل سجن صيدنايا إلى سوق شعبي، برزت مخاوف من أن يكون ما يحدث جزءاً من محاولات أوسع لطمس الأدلة المتعلقة بجرائم النظام السابق.
وليست هذه المرة الأولى التي تُثار فيها مخاوف مشابهة، ففي يناير الماضي تداول ناشطون مقطع فيديو لفريق تطوعي يُدعى “سواعد الخير” وهو يقوم بطلاء جدران أحد السجون في اللاذقية.
وبعد حملة انتقادات واسعة، اضطر الفريق إلى حذف الفيديو وإغلاق صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي.
دعوات لحماية السجون في سوريا
في ظل هذه التطورات، أصدرت عشرات المنظمات الحقوقية المعنية بالمفقودين والمعتقلين بياناً مشتركاً دعت فيه السلطات الجديدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية مواقع الاعتقال من أي عبث أو استغلال تجاري، والتعامل معها كمواقع شهدت جرائم ضد الإنسانية، مطالبة بإغلاقها أمام العامة لحين إجراء تحقيقات رسمية وحفظ جميع الأدلة المرتبطة بها.
كما دعت منظمات دولية، بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، إلى تأمين جميع الوثائق والملفات الاستخباراتية المتعلقة بالفظائع التي ارتُكبت داخل السجون السورية، بما في ذلك الأدلة التي يمكن استخدامها مستقبلاً في أي محاكمات لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
سوريا بين المحاسبة والمصالحة
ووفق تقارير ففي الوقت الذي يسعى فيه السوريون لمعرفة مصير المفقودين والمعتقلين السابقين، تثير مشاهد تحويل السجون إلى مواقع تجارية تساؤلات حول جدية التعامل مع إرث النظام السابق، وما إذا كانت هذه الممارسات تعكس توجهاً رسمياً نحو المصالحة دون محاسبة، أم أنها مجرد تجاوزات فردية تستدعي تصحيحاً عاجلاً.
اقرأ أيضا
مصرف سوريا المركزي ينفي الأرقام المتداولة حول شحنة الأموال القادمة من روسيا