سلاح الأحلام في سوريا..كيف ساعدت المنامات حافظ الأسد وأسقطت بشار ؟
في كتابه “الأسد والصراع على الشرق الأوسط” تحدث الكاتب والصحفي البريطاني باتريك سيل عن استخدام النظام السوري بقيادة حافظ الأسد لسلاح الأحلام أو المنامات في السيطرة على خصومه التخلص منهم.
وبحسب الكاتب، لم يكتفِ نظام حافظ الذي حكم سوريا خلال الفترة (1930-2000) بالقبضة الأمنية الحديدية والقوة العسكرية الغاشمة لفرض سيطرته على سوريا، بل لجأ إلى سلاح نفسي وسياسي فريد من نوعه وهو سلام “المنامات”. التي لم تكن هذه مجرد أحلام عابرة، بل تحولت إلى أدوات دعائية فعالة، استخدمها النظام ببراعة لتبرير قراراته الحاسمة، وتصفية خصومه، وترسيخ شرعيته، وامتد هذا النهج بشكل أو بآخر إلى عهد ابنه بشار.
بتهمة إهانة الرئيس.. هل يمهد أردوغان للمصالحة مع الكرد باعتقال المتطرف أوزداغ؟
وفق الكتاب الذي استند لمذكرات شخصيات مقربة من النظام السوري، فقد وظف النظام “المنامات” في لحظات مفصلية من تاريخ سوريا الحديث.
منام الزوجة.. الشرارة الأولى لحكم الأسد
ظهر استخدام سلاح المنامان، قبيل انقلاب عام 1970، الذي مهد لوصول حافظ الأسد إلى السلطة، كان الرجل يعيش لحظات عصيبة. ففي مؤتمر حزب البعث، كان خصمه اللدود صلاح جديد يُحيك المؤامرات لإقصائه.
ويتحدث الكتاب عن” كيف عاد حافظ إلى منزله في تلك الليلة، مهمومًا وقلقًا من المصير المجهول، وهنا يظهر “المنام” الأول. تروي الروايات أن زوجة الأسد، أنيسة مخلوف، طلبت منه أن يخلد إلى النوم. وعندما استيقظ، أخبرته بحلم رأته، بشرته فيه بانتصاره على أعدائه، وبأنه سيصبح “أقوى زعيم عربي”. هذا “المنام”، بحسب سيل، كان قبل يومين فقط من استيلاء الأسد على السلطة واعتقال خصومه.
لم يكن هذا مجرد مصادفة. فقد استُخدم “منام” الزوجة كدليل على “اختيار السماء” لحافظ ومنحه قوة دفع معنوية هائلة في لحظة حاسمة.
منام الوزير.. حماية نظام الأسد
وبحسب الكاتب لم يكن عام 1970 اللحظة الوحيدة التي استُخدم فيها “المنام” كأداة سياسية. ففي عام 1984، واجه نظام الأسد تهديدًا وجوديًا آخر، هذه المرة من داخل العائلة نفسها. فقد حاول رفعت، شقيق حافظ، الانقلاب عليه. وشهدت دمشق انتشارًا كثيفًا للقوات العسكرية الموالية للطرفين، وكانت البلاد على شفا حرب أهلية.
في هذه الظروف المتوترة، ظهر “منام” آخر، هذه المرة من وزير الدفاع مصطفى طلاس. يروي طلاس في كتابه “مرآة حياتي” كيف حلم في تلك الفترة العصيبة بحلم من ثلاثة أجزاء، انتهى بانتصار جيش الأسد. وقد تزامن هذا “المنام” مع أحداث حقيقية كانت تجري على الأرض، حيث كان رفعت قد أصدر أوامر بإطلاق قذائف، ثم سرعان ما تراجع عنها.
يُعلّق طلاس على هذه الأحداث قائلًا: “وهكذا كانت العناية الإلهية تحرس مبنى القيادة العامة”. هنا، لم يستخدم “المنام” لتبرير الوصول إلى السلطة، بل لحماية النظام القائم في وجه تهديد داخلي.
منام بثينة شعبان تلميع صورة الأسد بعد وفاته
بعد وفاة حافظ الأسد عام 2000، ظهر “منام” ثالث، هذه المرة من مترجمته بثينة شعبان. تروي شعبان في كتابها “عشرة أعوام مع حافظ الأسد” أنها رأته في المنام بعد وفاته بعام، حيث طلب منها كتابة كتاب عنه لتصحيح صورته في الغرب.
هنا، تحوّل “المنام” إلى أداة لتلميع صورة حافظ بعد وفاته، ومحاولة تحسين “سمعته” في الخارج.
الامتداد إلى بشار.. ونهاية “المنامات”:
لم يغب استخدام “المنامات” عن عهد بشار الأسد. ففي بداية الثورة السورية عام 2011، انتشرت روايات عن أحلام رآها مقربون من النظام، بشرت بانتصاره وعودته “مظفراً”. لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا. فبعد سنوات من الحرب والدمار، انتهى المطاف ببشار إلى الفرار إلى روسيا، ليُثبت الواقع أن “المنامات” لا تستطيع أن تغير الحقائق على الأرض.
اقرا أيضا.. مكالمة مع ترامب ووزير خارجيته.. هل يرسم محمد بن سلمان خارطة سياسة أمريكا الخارجية؟