شلل رقمي يهز قلب إيران.. أكبر هجوم إلكتروني يشعل جبهة جديدة في الحرب مع إسرائيل

في أحدث بؤرة اشتعال في الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل، ضرب هجوم سيبراني ضخم البنية التحتية المصرفية الإيرانية، اليوم الثلاثاء، مما أدى إلى شلل الخدمات الرقمية وإثارة الذعر بين العامة.

هجوم إلكتروني غير مسبوق

ويبدو أن الهجوم، المنسوب إلى مجموعة القراصنة المؤيدة لإسرائيل “بريداتوري سبارو”، استهدف تحديدا بنك سبه، وهو مؤسسة مالية رئيسية ذات صلات وثيقة بالحرس الثوري.

وجاء هذا الهجوم بعد ساعات فقط من تحذير شلومي بيندر، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، من أنه “سيتم فتح جبهات أخرى قريبا” عقب ما وصفته مصادر إسرائيلية بضربة ناجحة على طهران.

بنك سبه يعاني من الشلل.. توقف خدمات الصراف الآلي

وأبلغ سكان في جميع أنحاء إيران عن أعطال واسعة النطاق في الأنظمة المصرفية، لا سيما في أجهزة الصراف الآلي والخدمات المصرفية الرقمية المرتبطة ببنك سبه.

وظهرت على شاشات العرض في المدن الكبرى رسائل واضحة، منها: “لا يمكنك سحب أموالك من البنك… لقد استثمرها النظام الإيراني في إشعال الحروب”.

فيما أكدت وكالة أنباء فارس الإيرانية الحكومية أن البنية التحتية لبنك سبه قد تعطلت بشكل خطير، مع توقعات بحل المشكلة في غضون ساعات. ومع ذلك، يحذر محللون دوليون في مجال الأمن السيبراني من أن الاختراق قد يكون أوسع نطاقا بكثير.

كما أفادت صحيفة “إيران إنترناشونال” ووسائل إعلام أخرى أن العديد من البنوك، بما في ذلك البنك المركزي الإيراني، تعرضت أيضا لهجوم منسق.

ويشير فقدان البيانات، والشلل الرقمي، والارتباك العام إلى ما يصفه البعض بأنه الهجوم الإلكتروني الأكثر تدميرا في تاريخ إيران.

حظر استخدام الأجهزة المتصلة بالشبكات لتعزيز الأمن السيبراني

ومن جانبها، أعلنت قيادة الأمن السيبراني في إيران عن قرار جديد يقضي بمنع المسؤولين الحكوميين وفرق الحماية المرافقة لهم من استخدام أي أجهزة إلكترونية متصلة بشبكات الاتصالات العامة.

ووفقاً لما نقلته وكالة مهر الإيرانية للأنباء، فإن هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز إجراءات الأمن السيبراني وحماية المعلومات الحساسة للمسؤولين الإيرانيين.

من هي “بريداتوري سبارو”؟

ولدى المجموعة التي تقف وراء الهجوم، “بريداتوري سبارو”، سجل حافل بالعمليات الإلكترونية رفيعة المستوى داخل إيران. وتزعم هذه المجموعة أن بنك سبه استُهدف لدوره في تمويل برامج إيران الصاروخية والنووية.

وتشير رسائلهم إلى حملة استراتيجية تهدف إلى تقويض المؤسسات المحورية لعمليات الحرس الثوري الإيراني.

ويعتقد خبراء الأمن السيبراني أن الهجوم لم يكن رمزيا فحسب، بل كان تكتيكيا أيضا – يهدف إلى زعزعة الثقة في النظام المالي الإيراني خلال فترة ضعف عسكري وسياسي.

تصاعد الصراع.. استهداف أهداف عسكرية ومدنية

وفي الوقت الذي واجهت فيه إيران هجوما رقميا، تصاعدت أيضا ساحة المعركة المادية، حيث أعلن الحرس الثوري الإيراني عبر التلفزيون الرسمي أنه ضرب مركزا للاستخبارات العسكرية للموساد ومنشأة الاستخبارات الإسرائيلية “أمان” في تل أبيب.

ووفقا للبيان، فإن المركز “يحترق حاليا”، على الرغم من أن حجم الأضرار لا يزال غير واضح ولم يتم التحقق منه من مصادر مستقلة.

وفي غضون ذلك، أعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية مسؤوليتها عن اغتيال علي شمخاني، الذي يُزعم أنه رئيس أركان حرب إيران، في أعقاب مقتل غلام علي رشيد، وهو شخصية بارزة أخرى في التسلسل الهرمي العسكري الإيراني.

وتشير هذه الاغتيالات إلى استراتيجية اغتيال مدروسة من قبل القوات الإسرائيلية تستهدف قادة رئيسيين في الحرس الثوري الإيراني.

الخسائر المدنية والأثر الإنساني

وأفادت وسائل إعلام إيرانية أيضا بوفاة معصومة عظيمي، الموظفة في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (IRIB)، متأثرة بجراحها التي أصيبت بها خلال غارة إسرائيلية على المبنى أثناء بث مباشر. كما أصيب عدد من الصحفيين الآخرين.

ويثير هذا الأمر مخاوف بشأن استهداف البنية التحتية المدنية وتزايد الخسائر البشرية جراء الصراع.

خبراء يحذرون: “الحرب الرقمية لم تعد نظرية”

ويصف محللو الأمن السيبراني هذا الهجوم بأنه نقطة تحول في تطور الحرب الحديثة.

كما يظهر إن استخدام الهجمات الإلكترونية لاستهداف المؤسسات المالية الوطنية – مما يشل العمود الفقري الاقتصادي للبلاد دون إطلاق رصاصة واحدة – كيف أصبحت الجبهات الرقمية الآن جزءا لا يتجزأ من الصراع الجيوسياسي.

كما يحذر الخبراء من أن مثل هذه الهجمات لا تعطل الاقتصادات فحسب، بل قد تقوض ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة، وتثير اضطرابات مدنية، وتسرع هروب رؤوس الأموال – وهي قضايا حرجة في بلد كإيران، يعاني بالفعل من عقوبات دولية شديدة وضغوط اقتصادية داخلية.

اقرأ أيضا.. المغرب يشيد أكبر ملعب كرة قدم في العالم استعدادٌا لأولمبياد 2030

صمت وقلق على الأرض

وعلى الرغم من خطورة الوضع، التزمت الحكومة الإيرانية الصمت إلى حد كبير. وبينما وردت أنباء عن تعبئة فرق طوارئ للأمن السيبراني، لم تُصدر أي بيانات رسمية لطمأنة الجمهور.

وفي ظل غياب معلومات موثوقة، تعج منصات التواصل الاجتماعي بالتحذيرات والدعوات لسحب الأموال من البنوك الإيرانية، مما يثير مخاوف من احتمال تدافع المواطنين لسحب مدخراتهم.

تشير تقارير غير مؤكدة إلى طوابير طويلة خارج فروع البنوك العاملة، حيث يتدافع الناس للوصول إلى مدخراتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى