صاروخ إسكندر الروسي يدمر بطارية باتريوت أمريكية في أوكرانيا- هل تتغير قواعد الاشتباك؟

في تطور لافت ضمن مجريات الصراع العسكري المستمر في أوكرانيا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تنفيذ ضربة دقيقة باستخدام صاروخ باليستي من طراز “إسكندر-إم”، استهدفت خلالها موقعاً لمنظومة الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت” في مقاطعة دنيبروبيتروفسك، وتحديدًا بالقرب من مستوطنة أوردزونيكيدزه.

صاروخ إسكندر الروسي يدمر رادار نظام باتريوت الأمريكي

وبحسب البيان الروسي، أسفرت الضربة عن تدمير رادار متعدد المهام من طراز AN/MPQ-65، بالإضافة إلى كابينة قيادة ومنصتي إطلاق، فيما أظهرت لقطات مصورة نُشرت عبر تيليغرام انفجارًا كبيرًا تخلله وميض قوي وانفجارات ثانوية، يُرجح أنها نتيجة لتدمير صواريخ كانت مخزّنة في الموقع.

ورغم عدم صدور تأكيدات مستقلة من الجانب الأوكراني أو الغربي حتى الآن، فإن الضربة تُعيد تسليط الضوء على هشاشة الدفاعات الجوية الثابتة أمام التهديدات الباليستية عالية السرعة.

“إسكندر-إم”: رأس حربة الضربات الدقيقة الروسية

يُعد “إسكندر-إم” من أبرز أسلحة الضربات التكتيكية في الترسانة الروسية، ويتميز بقدرته على ضرب أهداف استراتيجية بسرعة تفوق 6 ماخ، ومدى يصل إلى نحو 500 كيلومتر.

يمتلك الصاروخ نظام توجيه متقدماً يعتمد على مزيج من الملاحة بالقصور الذاتي، ونظام تحديد المواقع العالمي، والملاحة المعتمدة على التضاريس، ما يمنحه دقة إصابة تُقدّر ببضعة أمتار فقط.

ومن أبرز مميزات “إسكندر” قدرته على تنفيذ مناورات مراوغة في المرحلة النهائية من الطيران، ما يجعل عملية اعتراضه تحدياً حقيقياً حتى لأكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورًا، مثل “باتريوت”.

“باتريوت” في مرمى النيران: نقاط قوة تكشف نقاط ضعف

يمثل نظام “باتريوت” حجر الأساس في الدفاع الجوي الأمريكي، حيث يُستخدم لاعتراض الطائرات، والصواريخ الجوالة، والصواريخ الباليستية قصيرة المدى.

ويعتمد في عمله على الرادار AN/MPQ-65، الذي يتميز بتقنية المسح الإلكتروني النشط وتغطية بزاوية 360 درجة، وقدرة على تتبع عشرات الأهداف في آنٍ واحد.

ورغم كفاءته العالية في الاشتباك مع الأهداف الجوية، إلا أن طبيعة النظام الثابتة، وحاجته للتشغيل المستمر للرادار، تُعد من أبرز نقاط ضعفه، إذ تجعله عرضة للرصد والاستهداف باستخدام وسائل الحرب الإلكترونية أو الصواريخ الباليستية الدقيقة، كما حدث في هذه الضربة.

اقرأ أيضاً: فيديو ثانيتان يفضح شبكة الدفاع الجوي للمفاعل “نطنز” في إيران

الاستطلاع والهجوم: تكتيك روسي متكامل

بحسب مراقبين، يبدو أن الضربة الروسية نُفذت بعد عملية استطلاع دقيقة اعتمدت على مزيج من صور الأقمار الصناعية، وطائرات بدون طيار مثل “أورلان-10″، بالإضافة إلى قدرات الحرب الإلكترونية التي قد تكون استخدمت لرصد انبعاثات الرادار الخاصة بالباتريوت.

ويُرجح أن صاروخ “إسكندر-إم” أُطلق من منصة متنقلة ضمن المناطق التي تسيطر عليها روسيا، على بُعد لا يتجاوز 200 كيلومتر من الهدف، ليصل إلى موقعه في غضون دقائق قليلة، ما حدّ بشكل كبير من فرص رد فعل الدفاعات الأوكرانية.

خسارة استراتيجية أم ضربة معزولة؟

لا تزال التداعيات الكاملة لهذه الضربة غير واضحة، في ظل غياب تأكيدات من الجانب الأوكراني أو حلفائه الغربيين .. ومع ذلك، فإن خسارة بطارية باتريوت واحدة – يُقدر ثمنها بما يزيد عن مليار دولار – قد تُعد ضربة استراتيجية لشبكة الدفاع الجوي الأوكرانية، التي تعتمد على عدد محدود من هذه الأنظمة لتأمين البنية التحتية الحيوية ومراكز القيادة والإمداد.

ويُشير مراقبون إلى أن روسيا كثّفت خلال الأشهر الماضية من استهدافها لمنظومات الدفاع الجوي الغربية، في إطار ما يُعرف بعمليات “قمع الدفاعات الجوية المعادية” (SEAD)، بهدف تمهيد الأجواء لهجمات لاحقة باستخدام صواريخ أو طائرات.

التحدي المستمر: مستقبل الدفاع الجوي في حرب تكنولوجيا عالية

الهجوم يُسلط الضوء على التحول الكبير في ميزان القوى العسكري الحديث، حيث باتت حتى أكثر الأنظمة الدفاعية تطورًا عرضة للضربات إذا لم تُدمج ضمن شبكة دفاع متعددة الطبقات، مدعومة بقدرات استخباراتية واستطلاعية مرنة.

وقد سبق أن تعرضت منظومات “إس-400” الروسية في العمق الروسي لهجمات صاروخية أوكرانية، وهو ما يُشير إلى أن مسرح الحرب في أوكرانيا بات مختبرًا مفتوحًا لاختبار مدى صمود الأنظمة الدفاعية والهجومية الحديثة على حد سواء.

تشير الضربة الروسية الأخيرة إلى أن السباق بين سيف الضربات الدقيقة ودرع الدفاعات الجوية لا يزال مستمراً، وأن معادلة “الضربة أولاً” قد تمنح الأفضلية في معارك لا تُمنح فيها فرصة ثانية.

وبينما يُراقب الغرب هذه الضربات بحذر، يبقى التحدي الأكبر هو مدى قدرته على تعويض خسائر مكلفة ورفع كفاءة أنظمة الدفاع أمام التهديدات الروسية المتزايدة تعقيدًا ودقة.

اقرأ أيضًا: هل تفوز مصر بتصنيع أجزاء من “رافال” محليًا أم تتجه لصفقة مقاتلات صينية؟

زر الذهاب إلى الأعلى