صراع نفوذ أم خلافات؟ كواليس إقالة عوض بن مبارك رئيس حكومة اليمن الشرعية

أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، السبت، قبول استقالة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك وتعيين وزير المالية سالم صالح بن بريك خلفًا له.
ويأت القرار في وقت تعاني فيه الحكومة الشرعية من ضغوط داخلية متفاقمة، وانقسامات مزمنة، وسط حرب لا تزال رحاها دائرة، وإنْ خفت صوتها مؤقتًا.
إقالة عوض بن مبارك وصراع النفوذ في حكومة الشرعية
بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ”، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي القرار الجمهوري رقم 156 لسنة 2025، الذي قضى بتعيين بن بريك رئيسًا لمجلس الوزراء، مع الإبقاء على التشكيلة الحكومية الحالية دون تعديل، الأمر الذي فتح باب التساؤلات: هل نحن أمام انتقال سلس للسلطة، أم أن رئيس الحكومة السابق أُجبر على ترك منصبه بفعل صراع الصلاحيات والنفوذ داخل السلطة الشرعية؟
عوض بن مبارك يعلن تفاصيل استقالته
في منشور على منصة “إكس”، أعلن بن مبارك استقالته بعد لقاء جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي، مبررًا قراره بـ”عدم تمكينه من ممارسة صلاحياته الدستورية، خاصة ما يتعلق بإجراء التعديلات الحكومية الضرورية”، ما يشير إلى وجود أزمة ثقة بين رئاسة الحكومة ومجلس القيادة، لا سيما بعد رفض الأخير طلب بن مبارك بإقالة 12 وزيرًا ضمن الطاقم الحكومي.
ورغم إشارته إلى “إنجازات” حققها في ملفات الإصلاح المالي والإداري ومحاربة الفساد، إلا أن بيان الاستقالة بدا وكأنه رسالة سياسية موجهة، تعكس حجم الإحباط من آلية إدارة الحكم داخل السلطة الشرعية، وتشي بمحاولة لتحميل الآخرين مسؤولية إخفاقات مزمنة تعاني منها الدولة اليمنية.
خلافات عوض بن مبارك ورشاد العليمي
نقلت وكالة “رويترز” عن ستة مصادر حكومية يمنية أن الخلاف العميق بين بن مبارك ورشاد العليمي هو الذي أطاح بالأول من منصبه، بعدما طالب بصلاحيات أوسع على حساب مجلس القيادة.
ووفقًا لهذه المصادر، فإن الأزمة بلغت ذروتها حينما قرر بن مبارك وقف ميزانيات عدة وزارات، بينها الدفاع، بدعوى “وجود فساد واسع داخل الحكومة والمجلس الرئاسي”.
بن مبارك.. من اختطاف الحوثيين إلى صراع الكواليس
يُعرف أحمد عوض بن مبارك في الأوساط اليمنية والدولية كشخصية سياسية واجهت محطات مفصلية. فقد خُطف عام 2015 من قبل جماعة الحوثي أثناء عمله مديرًا لمكتب الرئيس عبد ربه منصور هادي،
وذاع صيته حينها كرمز من رموز الدولة اليمنية المتداعية. شغل لاحقًا منصب وزير الخارجية، قبل أن يُعيَّن في فبراير 2024 رئيسًا للوزراء.
لكن طموحاته السياسية، كما يرى بعض المراقبين، تجاوزت الدور التقليدي لرئيس الحكومة، واصطدمت برؤى مختلفة داخل مجلس القيادة، ما جعله في حالة صراع دائم مع بعض أعضائه.
وبحسب مراقبون فإن بن مبارك “أراد أن يكون أكثر من مجرد رئيس وزراء، وكان يطمح لسلطات تنفيذية تكاد توازي صلاحيات الرئاسة”.
تعيين بن بريك رئيسا جديدا للحكومة اليمنية
تعيين سالم صالح بن بريك، وزير المالية السابق، يُنظر إليه من قبل مراقبين على أنه محاولة لإعادة التوازن داخل السلطة الشرعية، خصوصًا بعد تصاعد الخلافات مع بن مبارك.
فالرجل معروف بنهج هادئ وغير صدامي، وهو ما قد يساهم في تخفيف الاحتقان داخل المطبخ السياسي اليمني، لا سيما في ظل ضغوط دولية متزايدة على الحكومة لضمان الحد الأدنى من الانسجام المؤسسي، في مواجهة تحديات الداخل والخارج.
ووفق خبراء فإن “رحيل بن مبارك يمثل خطوة ضرورية نحو تقليل الانقسامات الداخلية، ويفتح الباب أمام حقبة سياسية أكثر هدوءًا، ولو مؤقتًا، داخل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا”.
ويبدو أن استمرار حكومة بن مبارك، التي اتسمت قراراتها بالتصلب أحيانًا، لم يعد يلبي الحاجة إلى مقاربة أكثر مرونة مع هذا التعقيد الإقليمي والدولي، وهو ما قد يكون أحد العوامل غير المعلنة التي سرّعت إزاحته من المشهد.
اقرا أيضا
وسط مخاوف من فقدان نفوذها.. هل تنجح إيران في توحيد القوى الشيعية بـ العراق؟