صواريخ باليستية تدميرها هائل.. كيف ساعدت كوريا الشمالية إيران في حربها على إسرائيل؟

منذ اندلاع المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وإيران في فجر الجمعة 13 يونيو 2025، بعد سنوات من الصراع، شهدت المنطقة تصعيدًا غير مسبوق في استخدام أسلحة استراتيجية، من بينها الصواريخ الباليستية متوسطة المدى.
في هذه الحرب، كان للترسانة الإيرانية، التي تشكلت على مدى عقود بدعم خارجي، وخاصة من كوريا الشمالية، دور محوري في قلب المعادلات العسكرية.
إحدى أبرز هذه الأدوات: صواريخ “شهاب”، التي تعود أصولها إلى النسخة الكورية الشمالية “رودونغ-1″، والتي دخلت الترسانة الإيرانية منذ التسعينيات.
فكيف ساعدت بيونج يانج طهران على امتلاك هذا السلاح، ولماذا تُعد هذه الصواريخ من أخطر أدوات الحرب الحالية على الجبهة الإسرائيلية الإيرانية؟
بداية التعاون بين كوريا الشمالية وإيران
مع مطلع تسعينيات القرن الماضي، وبعد تجربة مريرة في الحرب العراقية الإيرانية، شرعت إيران في بناء برنامج صاروخي مستقل.
ووجدت طهران في كوريا الشمالية شريكًا مثاليًا، إذ كانت بيونج يانج قد طوّرت نسخًا معدّلة من صاروخ سكود السوفيتي، أبرزها صاروخ رودونغ-1، الذي يتمتع بمدى يتراوح بين 1300 و1500 كم، ورأس حربي يزن نحو 1000 كجم.
بحسب تقارير استخباراتية أمريكية وإسرائيلية، نقلت كوريا الشمالية تكنولوجيا الصواريخ إلى إيران في منتصف التسعينيات، لتنتج إيران أولى نسخها تحت اسم “شهاب-3″، ثم قامت بتطويره تدريجياً حتى بلغت نسخته المتقدمة مدى يتجاوز 2000 كم، ما يضع معظم الأراضي الإسرائيلية ضمن نطاق التهديد.
شهاب 3 .. حجر الزاوية في الترسانة الإيرانية
يُعد صاروخ شهاب 3 من الجيل الأول للصواريخ الإيرانية متوسطة المدى، ويعمل بالوقود السائل.
وقد جرى استخدامه في عدة مناسبات تجريبية وتهديدية، لكن الحرب الحالية كشفت لأول مرة عن استخدامه الفعلي ضد أهداف عسكرية في عمق إسرائيل، بما فيها قواعد في النقب وبئر السبع.
المواصفات التقنية:
المدى: حتى 2000 كم
الرأس الحربي: تقليدي يزن 1000 كجم (قابل للتعديل)
الدقة: تتراوح نسبة الخطأ الدائري (CEP) بين 250 و500 متر
المنصات: منصات إطلاق متحركة على عجلات
الاستخدام: هجوم استراتيجي على قواعد جوية ومواقع حيوية
ورغم أنه لا يتمتع بدقة الصواريخ الغربية الحديثة، فإن قوته التدميرية تجعل منه سلاح ردع فعال، خصوصاً حين يُطلق بأعداد كبيرة أو ضمن “موجات صاروخية”.

حرب الصواريخ .. من الردع إلى التنفيذ
خلال الأيام الأولى من الحرب، أشارت تقارير استخباراتية (منها تقارير مركز جينز الدفاعي ومعهد واشنطن) إلى أن إيران أطلقت عددًا من صواريخ “شهاب” تجاه أهداف داخل إسرائيل، بعضها فشل في الاعتراض رغم وجود القبة الحديدية ومنظومات “مقلاع داوود” و”حيتس-3″.
وسجلت كاميرات المراقبة ومصادر محلية في بئر السبع وأسدود وأطراف النقب انفجارات قوية يُعتقد أنها ناتجة عن صواريخ شهاب.
وفي بعض الحالات، أدى سقوط الصواريخ إلى تعطيل مدارج طائرات ووقوع خسائر مادية في البنية التحتية العسكرية.
كوريا الشمالية .. الشريك المظلم في صراع الشرق الأوسط
لا تقتصر مساهمة كوريا الشمالية على تكنولوجيا “شهاب”، بل يُعتقد أن بيونغ يانغ واصلت دعمها التقني واللوجستي للبرنامج الصاروخي الإيراني عبر شبكة من الوسطاء والشركات الوهمية في شرق آسيا وأفريقيا.
وقد أشار تقرير أممي في 2020 إلى استمرار “نقل تكنولوجيا صاروخية من كوريا الشمالية إلى إيران رغم العقوبات الدولية”.
العديد من الخبراء يرون أن طهران طوّرت لاحقًا نسخًا أكثر تقدمًا مثل “سجيل” و”خرمشهر”، انطلاقًا من القاعدة التقنية التي أرستها كوريا الشمالية في التسعينيات.
كاتب أمريكي: إيران حصلت على تكنولوجيا تجميع الصواريخ الباليستية من كوريا الشمالية
يقول الكاتب بروس إي بكتول أستاذ العلوم السياسية بجامعة أنجيلو بولاية تكساس الأميركية في مقال له بموقع “ناشونال إنترست” إن إيران حصلت على تكنولوجيا تجميع أنظمة الصواريخ الباليستية من كوريا الشمالية.
وأوضح أنه استنادا إلى صور وأوصاف من المنطقة، فإن العديد من الصواريخ المستخدمة في الهجوم الإيراني كانت من الصواريخ التي تسميها طهران “عماد”، وهو صاروخ باليستي متوسط المدى، وهو ليس أكثر من نسخة من صاروخ نودونغ الكوري الشمالي، ويبلغ مداه حوالي 1700 كيلومتر، ويسمح مداه الأطول باستهداف إسرائيل.
وأضاف أنه تم بعد ذلك تطوير ذلك الصاروخ إلى عائلة صواريخ “شهاب” وغيرها، اعتماداً على تكنولوجيا وخبرة واردة من كوريا الشمالية.
تعاون إيران مع كوريا الشمالية يهدد إسرائيل
بعد ثلاثة عقود من التعاون السري بين إيران وكوريا الشمالية، يظهر اليوم بوضوح أن هذا التحالف التقني أفرز منظومة صاروخية قادرة على تهديد العمق الإسرائيلي.
ومع أن شهاب ليس أحدث صاروخ في الترسانة الإيرانية، فإن دخوله حيّز الاستخدام الفعلي في الحرب الحالية يؤكد أن الدعم الكوري الشمالي لإيران كان أعمق وأكثر تأثيرًا مما قُدّر سابقًا.
اقرأ أيضاً.. من التطبيع إلى التحالف.. شراكة عسكرية غير مسبوقة بين المغرب وإسرائيل