طائرات التزود بالوقود تعبر الأطلسي باتجاه الشرق الأوسط.. هل تستعد واشنطن لتوسيع مشاركتها في الحرب؟

شهدت الأيام الأخيرة تطورًا لافتًا في تموضع القوات الجوية الأمريكية، تمثل في نشر عدد غير مسبوق من طائرات التزود بالوقود من طرازي KC-135 وKC-46 عبر المحيط الأطلسي، انطلاقًا من قواعد في البرّ الرئيسي للولايات المتحدة، باتجاه مواقع أقرب إلى مسرح العمليات في الشرق الأوسط.

ووفقًا لتقارير رُصدت في الساعات الأخيرة، فقد تجاوز عدد هذه الطائرات المنتشرة 30 طائرة، وهو رقم غير مسبوق من حيث الحجم والزمن في سياق دعم عمليات محتملة ذات طابع هجومي أو دفاعي في المنطقة.

دعم مباشر لإسرائيل أم استعداد لمشاركة أمريكية أوسع؟

رغم عدم صدور إعلان رسمي بشأن طبيعة مهمة هذه الطائرات، تُشير المعطيات إلى احتمالين رئيسيين، أولهما أن تكون مخصصة لتوفير التزود الجوي بالوقود لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي، خصوصًا في ظل استمرار الضربات ضد أهداف إيرانية.

وثانيًا، وربما الأهم، هو أن تكون هذه الطائرات معدّة لدعم مقاتلات وقاذفات أمريكية في حال اتخذت واشنطن قرارًا بالانخراط العسكري المباشر في الحرب الجارية.

ويُذكر أن أمريكا تُشارك فعليًا في الأعمال القتالية، من خلال نشر منظومات دفاع جوي متقدمة مثل THAAD ومدمّرات Aegis، لمواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية الإيرانية المُطلقة على إسرائيل.

كما أفادت مصادر بتقديم دعم استخباراتي أمريكي مباشر، وتوجيه دقيق للأسلحة الإسرائيلية عبر منظومات الأقمار الصناعية.

الاعتماد الإسرائيلي على التزود الجوي بالوقود

رغم امتلاك سلاح الجو الإسرائيلي لمقاتلات F-15 ذات مدى طويل يتيح لها تنفيذ غارات داخل العمق الإيراني دون الحاجة إلى التزود بالوقود، إلا أن الغالبية الساحقة من الأسطول الجوي الإسرائيلي تتكوّن من مقاتلات F-16، التي تعاني من مدى محدود، حتى عند تزويدها بخزانات وقود خارجية واستخدامها لصواريخ جوّالة بعيدة المدى.

وهذا النقص في المدى يفرض اعتمادًا شبه كامل على دعم التزود الجوي بالوقود، سواء من الولايات المتحدة أو من دول غربية مشاركة في هذا الجهد العملياتي غير المعلن حتى الآن.

مقارنة في القدرات: الفجوة بين الطائرات الغربية والشرقية

تُعاني الطائرات الغربية، بشكل عام، من قصور في مدى العمليات مقارنةً بنظيراتها الصينية والروسية. فعلى سبيل المثال، يبلغ نصف قطر القتال لمقاتلة F-35 حوالي 1000 كيلومتر فقط، مقابل ما يزيد عن 2000 كيلومتر للطائرة الصينية J-20 أو الروسية Su-34.

وهذه المحدودية تفرض على الجيوش الغربية – وفي مقدمتها القوات الأمريكية – توفير بنية تحتية لوجستية معقّدة للتزود بالوقود جوًا، تُعدّ ضرورية لأي عمليات عسكرية عميقة ضد خصوم بحجم إيران.

التهديدات الإيرانية تُقيّد حرية المناورة الأمريكية

يُرجّح أن ضعف قدرة حاملات الطائرات الأمريكية على العمل بالقرب من إيران بسبب خطر الضربات الصاروخية سيجعل من الصعب الاعتماد على طلعات تنطلق من حاملات قريبة.

وهذا ما يفسّر أهمية توفير منظومة متكاملة لدعم العمليات الجوية عبر مسافات بعيدة من قواعد ثابتة، مدعومة بطائرات التزود بالوقود.

ورغم أن واشنطن تُظهر التزامًا تقليديًا راسخًا بأمن إسرائيل، إلا أن الانخراط النشط في الحرب ينطوي على مخاطر كبيرة، أبرزها قدرة إيران على استهداف القواعد الأمريكية المنتشرة في الخليج العربي، العراق، الأردن، وحتى في مناطق بجنوب أوروبا.

ترسانة إيران الباليستية: عنصر الردع الرئيسي

تُعتبر الترسانة الإيرانية من الصواريخ الباليستية أحد أبرز عناصر الردع في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة مع ما أظهرته من قدرة على اختراق الدفاعات الجوية المعقدة، ودقتها العالية في إصابة الأهداف. وهو ما يُفسّر الحذر الأمريكي في إعلان أي مشاركة هجومية واسعة، مقابل الاكتفاء حتى الآن بدور الدعم العملياتي والاستخباراتي.

الولايات المتحدة تُمهّد لسيناريوهات مختلفة

يبقى نشر هذا العدد الكبير من طائرات التزود بالوقود مؤشرًا مهمًا على أن الولايات المتحدة تُمهّد الأرضية لعدة سيناريوهات، بدءًا من دعم الحملة الإسرائيلية، مرورًا بتوسيع مظلة الحماية الجوية لإسرائيل، وصولًا إلى احتمال تدخل مباشر.

ومع احتدام المواجهة بين إسرائيل وإيران، وتعدد جبهات التصعيد، فإن أي تحرّك جديد للطائرات الأمريكية سيُراقب عن كثب، كونه قد يُحدد مسار الحرب في المرحلة القادمة.

اقرأ أيضاً.. هل تتدخل أمريكا في الحرب ضد إيران؟ سيناريو قصف المواقع النووية واحتمالات التصعيد

زر الذهاب إلى الأعلى