عقل إسرائيل ومنبع تفوقها العلمي.. ما دلالة استهداف إيران لـ معهد وايزمان؟

في تصعيد غير مسبوق، تعرَّض مبنى تابع لمعهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم في مدينة رحوفوت، فجر الأحد، لقصف صاروخي مباشر من إيران، خلَّف أضراراً جسيمة في واحد من أهم رموز التفوق العلمي والتكنولوجي في إسرائيل.

بحسب صحيفة نيويورك تايمز، اندلع حريق في مبنى يحتوي على مختبرات علمية، وسط مخاوف من وجود محتجزين داخله. وأكد طالب دكتوراه إيطالي يُقيم في المعهد أن جزءاً كبيراً من مبنى أبحاث السرطان كان مدمراً، وأن موجات الانفجار حطمت نوافذ الأبنية المجاورة.

معهد وايزمان رمز علمي ومركز للمعارضة

ورغم ارتباط المعهد بالمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، إلا أنه يعتبر من أبرز مواقع المعارضة الأكاديمية في البلاد. فمنذ اندلاع الحرب على غزة، تشهد بوابات المعهد مظاهرات أسبوعية ينظمها علماء وباحثون، يطالبون خلالها بوقف الحرب وإبرام صفقة تبادل أسرى.

تأسس المعهد عام 1934 باسم معهد دانيال سيف، ثم أُعيدت تسميته في 1949 ليحمل اسم حاييم وايزمان، أول رئيس لإسرائيل. ومنذ ذلك الحين، أصبح المعهد مركزاً رئيسياً للبحث العلمي والتعليم العالي في الدولة العبرية.

يقتصر التعليم فيه على برامج الدراسات العليا في مجالات متعددة، أبرزها الفيزياء والكيمياء والرياضيات والذكاء الاصطناعي وعلوم الحاسوب.

معهد وايزمان والجيش الإسرائيلي

يرتبط المعهد بعلاقات متينة مع الجيش وشركات تصنيع الأسلحة الإسرائيلية، أبرزها «إلبيت سيستمز» و«الصناعات الجوية الإسرائيلية».

وتبلغ ميزانيته السنوية نحو 600 مليون دولار، تساهم الدولة فيها بنسبة 25%، فيما تغطي عائدات براءات الاختراع النسبة الأكبر من التمويل.

“معهد وايزمان” في مرمى الصواريخ

تشير تقارير إسرائيلية إلى أن استهداف المعهد تم بشكل مقصود، ردّاً على اغتيال إسرائيل لعلماء نوويين إيرانيين خلال أول يومين من الحرب. فرغم وجود منظومة دفاعية متطورة حول المعهد، نجح صاروخ إيراني في الوصول إلى هدفه بدقة، محدثاً دماراً كبيراً دون وقوع خسائر بشرية، نظراً لحدوث القصف عند الفجر.

بؤرة المشروع الصهيوني

في كتابها “أبراج العاج والفولاذ”، تقول الباحثة مايا ويند إن المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل، وعلى رأسها «وايزمان»، تمثل بؤراً أمامية للمشروع الصهيوني، وتلعب دوراً مزدوجاً كحاضنة علمية ومركز دعم مباشر للمنظومة العسكرية والأمنية.

وتضيف أن هذه المؤسسات باتت جزءاً لا يتجزأ من مجمع صناعي عسكري عالمي، يُسهم في تطوير معدات القمع والمراقبة، وتسويقها عالمياً بوصفها “مجرّبة ميدانياً” في مواجهة الفلسطينيين.

مظاهرات مستمرة ضد الحكومة

منذ بداية الحرب، يتحول المعهد مساء كل سبت إلى نقطة انطلاق لمظاهرات معارضة يقودها العلماء والباحثون. وقد رفع المحتجون شعارات تندد بالحرب وتتهم الحكومة بخدمة “أجندات حزبية وشخصية” على حساب أمن الدولة ومصير الأسرى.

يبدو أن استهداف معهد «وايزمان» لا يندرج فقط في سياق الرد العسكري، بل يحمل أبعاداً رمزية واستراتيجية، باعتباره قلب المشروع العلمي الإسرائيلي ومصدر تفوقه التكنولوجي، وربما يكون هذا الهجوم إيذاناً بمرحلة جديدة من “حرب العقول” بين الطرفين.

ويبقى السؤال المطروح: هل يعيد هذا الاستهداف قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل؟ وهل تنجح إسرائيل في حماية مؤسساتها الحساسة وسط تصاعد غير مسبوق في وتيرة المواجهة؟

اقرأ أيضا: بالفيديو.. أجواء غزة تظهر في تل أبيب| ماذا حدث في “بات يام” بعد صواريخ إيران؟

زر الذهاب إلى الأعلى