سيناء في عيد تحريرها .. كيف أصبح الجيش المصرى ينتشر في ربوعها
سيناء اليوم تختلف كثيرا عن قبل 10 سنوات، ففي عام 2014، تحدث المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي عن تواجد الجيش المصري في سيناء واتفاقية السلام مع إسرائيل التي وقعت في عام 1979، وقال السيسي “نحن نفعل ما نريد وإذا أستلزم الأمر تعديل إتفاقية كامب ديفيد فسوف نقوم بتعديلها والجميع يعرف أن مصر دولة قوية ذات سيادة مستقلة”، وهو ماحدث بالفعل بعد أن تم تعديل بنود الإتفاقية الأمنية في عام 2021 من خلال سياسة فرض الأمر الواقع التي أتبعتها الدولة المصرية، حيث أصبح تواجد وإنتشار تشكيلات الجيش المصري بكامل تسليحها علي ربوع شبه جزيرة سيناء أمر حتمي وواقع مفروغ منه.
وكان إطلاق مصر للعملية الشاملة للقضاء علي البؤر الإرهابية بشمال ووسط سيناء إشارة واضحة علي قدرة الجيش المصري علي الإنتشار في ربوع شبه جزيرة سيناء بكافة المعدات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والطائرات المقاتلة وأخري لمهام الإستطلاع والحرب الإلكترونية والمسيرات والمروحيات، دون وجود ما يعيق ذلك، حيث يؤكد هذا الحجم الهائل من القوات المصرية بمعداتها وتسليحها الثقيل الذي انتشر لأول مرة داخل المنطقة (ج) الملاصقة للحدود مع إسرائيل وإستمر تواجده حتي بعد إنتهاء الحرب علي الإرهاب، ان قيود تحديد أعداد القوات في إطار اتفاقية كامب ديفيد أصبحت هي والعدم سواء.
وفي عام 2018، وخلال العملية الشاملة لمكافحة الإرهاب، أعلن رئيس أركان القوات المسلحة آنذاك الفريق محمد فريد حجازي، ان عدد القوات المشاركة في العمليات العسكرية في شمال شرق سيناء، قد بلغ 88 كتيبة، ما يعادل 24 ألفا و630 مقاتلا مصريا و 800 مركبة مختلفة الأنواع، تنتشر بهدف محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي المصري والحفاظ علي سيادة الدولة المصرية، وذكر الفريق محمد فريد ان كتائب قوات الدفاع الجوي تقوم بمهام تأمين القوات المشاركة في العمليات علي الإتجاه الإستراتيجي الشمالي الشرقي “شبه جزيرة سيناء”، إلي جانب مشاركة 230 طائرة ومروحية من مختلف الأنواع في العمليات، وتجدر الإشارة أن إتفاقية كامب ديفيد كانت سابقا تمنع تواجد أي طائرات حربية مصرية في سيناء، وهو ما أكد بما لا يدع مجال للشك ان مصر لها الكلمة الأولي والأخيرة عندما يتعلق الأمر بأمنها القومي ولا يستطيع أحد تقييدها تحت أي ذريعة.
الطيران الحربي المصري في القلب منها
ومنذ عدة سنوات، قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة رسمية إلي إحدي القواعد الجوية بشبه جزيرة سيناء، وهي قاعدة المليز الجوية، معلنا بذلك التشغيل الفعلي لأول قاعدة جوية للطيران الحربي المصري في سيناء، والتي أصبح يتمركز بها طائرات مقاتلة لأول مرة منذ عام 1967.
وظهر خلال زيارة الرئيس السيسي لقاعدة المليز الجوية، عددا من المقاتلات متعددة المهام من طراز F-16 بلوك 52، والمروحيات الهجومية من طراز اباتشي، وطائرات الدعم النيراني ومراقبة الحدود من طراز إيرتراكتو، وشهدت القاعدة خلال السنوات الماضية عملية تطوير شاملة إلي جانب إقامة مطار مدني دولي ملحق بها يعرف بأسم “مطار البردويل الدولي”.
وبحسب تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، تنشر مصر اليوم في سيناء ضعف عدد القوات العسكرية المسموح بها علي أقل تقدير في إطار إتفاقية السلام، حيث يعمل نصف هذا العدد في مناطق حظر سابقا تواجد قوات عسكرية عالية التسليح بها، وتتزود القوات المصرية بالمدفعية والمركبات والدبابات التي لا تسمح بها المعاهدة أيضاً، وهي تشمل ما يقدر بنحو 200 دبابة إضافية تزيد عن عدد الدبابات المسموح به في المنطقة “أ” والبالغ 230 دبابة.
ويضيف المعهد، “تنص المعاهدة على أنه لا يحق للجيش المصري في المنطقة “أ” الواقعة شرق قناة السويس سوى تشغيل منشآت عسكرية لفرقة مشاة واحدة. ومع ذلك، على مدى العقد الماضي، أنشأت مصر مقر قيادة في سيناء للجيشين الثاني والثالث، وكذلك مقر “القيادة الموحدة لمنطقة شرق القناة”، التي تدير عمليات مكافحة الإرهاب في شبه الجزيرة”.
ويردف المعهد، “أكثر من 24 ألف جندياً شاركوا في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال شرق سيناء بحسب تصريحات مصرية رسمية، بالإضافة إلى حوالي 20 ألفاً كانوا يتمركزون في أماكن أخرى من شبه الجزيرة، حيث تشير تقديرات بعض المحللين إلى أعداد أكبر بكثير”.
وكان الرئيس السيسي قد إفتتح مقر القيادة الموحدة لقوات شرق القناة بشبه جزيرة سيناء في عام 2018، وأعلن رسميا أن مركز القيادة الجديد يقام علي عمق 27 مترا تحت الأرض.
تنمية سيناء علي رأس أولويات الدولة المصرية
ولم يقتصر الأمر فقط علي التواجد العسكري للجيش المصري، حيث تدرك القيادة السياسية ومؤسسات الدولة المصرية أن تنمية سيناء لها أبعاد إستراتيجية تسهم في الحفاظ علي الأمن القومي المصري، ومن هذا المنطلق شرعت الدولة في تنفيذ أكبر خطة تنموية بسيناء، حيث بلغ حجم الاستثمارات في هذا الإطار اكثر من تريليون جنيه خلال السنوات الماضية، بينما تستهدف الدولة المصرية ضخ المزيد من الاستثمارات، والتي تقدر بـ400 مليار حنيه خلال الفترة المقبلة.
وشملت المشروعات التي أقامتها الدولة ممثلة في الجيش المصري، مشروعات بنية تحتية غير مسبوقة من طرق وكباري ومحاور ومحطات تحلية مياه البحر ومحطات معالجة مياه الصرف ومحطات الكهرباء وتطوير شبكات المياه والصرف الصحي والغاز الطبيعي وإنشاء المطارات المدنية والمؤانئ والمناطق اللوجيتسية، ومشروعات الإستصلاح الزراعي التي تهدف لإستصلاح وزراعة أكثر من نصف مليون فدان، والمدن الجديدة مثل رفح الجديدة والإسماعيلية الجديدة، ومشروعات الإسكان الإجتماعي بشمال ووسط وجنوب سيناء، والتجمعات التنموية، ومشروعات الرعاية الصحية، التي تمثلت في إنشاء مستشفيات جديدة وتطوير ورفع كفاءة اخري قائمة، ومشروعات التعليم، وتشمل إنشاء مدارس وجامعات جديدة.
هذا بالإضافة لربط سيناء بباقي محافظات الجمهورية من خلال إنشاء 5 أنفاق جديدة اسفل قناة السويس وإقامة مجموعة من الكباري العائمة ومضاعفة أعداد المعديات بنقاط العبور بالقناة، إلي جانب إنشاء خط سكة حديد يمتد من الفردان وحتي مدينة طابا بجنوب سيناء، مرورا بمنطقة شرق بورسعيد، ومدينة بئر العبد، والعريش، ومناطق ومدن وسط سيناء.