قائمة الدول العربية “الأكثر متعة” في 2025.. من يتصدر؟
في استطلاع دولي حديث أجرته مجلة يو إس نيوز آند وورلد ريبورت، تم تصنيف الدول بحسب ما يراه المشاركون من حيث “المتعة” التي تقدمها الدولة للمقيمين والزوار. وقد احتلت مصر موقعا مميزا ضمن هذا التصنيف، لتتجاوز المفهوم التقليدي للسياحة في العالم العربي، وتعيد تأكيد مكانتها كأحد أكثر بلدان المنطقة جذبًا للتجارب الثقافية والترفيهية.
ورغم أن “المتعة” ليست المفهوم الأول الذي يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العالم العربي، إلا أن نتائج التصنيف تكشف صورة مختلفة ومعقدة، حيث برزت العديد من الدول العربية كمحطات غنية بالتجارب السياحية والثقافية المتنوعة.
اللافت في هذه النتائج ليس فقط وجود الدول العربية، بل أيضا تنوع عوامل الجذب لديها، من الإرث الحضاري العريق إلى البنية التحتية الحديثة والمبادرات السياحية الطموحة، والتي تعكس تحولًا مستمرًا في سردية المنطقة.
المغرب.. مزيج حضاري فريد في بوابة إفريقيا
تصدر المغرب القائمة العربية بجدارة، وجاء في المرتبة الـ26 بفضل تنوعه الثقافي والحضاري، واندماجه الطبيعي بين الشرق والغرب. فمدينة مراكش التاريخية وأسواقها التقليدية، وشواطئ الصويرة التي تجذب هواة ركوب الأمواج، ليست مجرد معالم سياحية، بل تجسيد لثقافة حية متجذرة في أعماق التاريخ.
وتفخر المملكة باستقلالها الذي حافظت عليه طويلا حتى أصبحت محمية فرنسية بين 1912 و1956، وهو ما عزز من هويتها الفريدة. كما أن موقعها الجغرافي بين أوروبا وأفريقيا، وناتجها المحلي البالغ 141 مليار دولار، يجعل منها مركز جذب سياحي وثقافي متنامٍ.
مصر.. أصالة التاريخ ومكانة لا تُنسى
ومن بين دول المنطقة، تحتفظ مصر بمكانة استثنائية كمهد للحضارات وهو ما جعلها تأتي في المرتبة الـ27. فالأهرامات، نهر النيل، والمواقع الأثرية من الأقصر إلى أسوان، ليست مجرد معالم بل مصادر إلهام وروايات حية تتجسد في كل زاوية.
ورغم التحديات الاقتصادية والسياسية، فإن مصر تواصل لعب دورها المحوري كمركز ثقافي وسياحي إقليمي وعالمي.
بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وتاريخها الذي يمتد آلاف السنين، وسكانها البالغ عددهم أكثر من 113 مليون نسمة، وناتج محلي إجمالي يصل إلى 396 مليار دولار أمريكي، لا تزال مصر واحدة من أبرز الدول العربية التي تجمع بين الأصالة والانفتاح، والتجربة الغنية التي تلبي مختلف الأذواق.
الإمارات.. حيث تُصمم المتعة من المستقبل
مثلت الإمارات العربية المتحدة، التي جاءت في المرتبة الـ33 نموذجا فريدا في إعادة تعريف المتعة والسياحة من خلال الابتكار. من برج خليفة في دبي إلى الجزر الاصطناعية ومنحدرات التزلج الداخلية، حولت الإمارات صحراءها إلى وجهة عصرية عالمية.
وبتعداد سكاني يبلغ 9.52 مليون وناتج محلي للفرد يتجاوز 83 ألف دولار، استطاعت الدولة أن توظف ثروتها النفطية لبناء اقتصاد متنوع، مع قطاع سياحي مزدهر يؤكد أن الترفيه يمكن أن يكون وليد الرؤية والطموح.
قطر.. قوة ناعمة تنمو على أنقاض الرمال
صغيرة بحجمها، كبيرة بتأثيرها، هذا هو الوصف الأمثل لقطر التي عززت مكانتها العالمية من خلال تنظيم بطولة كأس العالم 2022، ومشاريعها الثقافية والرياضية الطموحة، وجاءت قطر في المرتبة الـ43 في فئة المتعة من بيد دول العالم.
ويرى محللون أن قطر، بناتج محلي للفرد يفوق 121 ألف دولار وسكان لا يتجاوزون 2.7 مليون، تمثل نموذجا متميزا في التوازن بين الحداثة والحفاظ على التراث، رغم الانتقادات الحقوقية الموجهة لها.
السعودية.. انفتاح مدروس في ظل مشروع وطني
مع إطلاق رؤية 2030، تسعى السعودية إلى إعادة تعريف هويتها العالمية عبر فتح أبوابها للسياحة والترفيه مما جعلها تأتي في المرتبة الـ64. فمن مشروع “نيوم” المستقبلي إلى منتجعات البحر الأحمر، تتطور المملكة بخطى ثابتة.
وفي الوقت الذي تسعى فيه إلى جذب الزوار، تبقى التحديات قائمة، خاصة في ظل التقاليد المحافظة التي لا تزال تؤثر في نظرة العالم إلى مدى قدرتها على تقديم “المتعة” بمفهومها المعاصر.
البحرين والأردن.. إمكانيات كبيرة ضمن موارد محدودة
رغم صغر حجمهما، إلا أن البحرين والأردن يحتفظان بسحر خاص؛ البحرين بموقعها البحري وقطاعها المالي المتطور جاءت في المرتبة الـ69، والأردن بإرثه الديني والأثري مثل البتراء ووادي رم جاءت في المرتبة الـ74.
وكلا البلدين يفتقر إلى الموارد الطبيعية، لكنه يعوض ذلك بالتركيز على السياحة النوعية التي تستهدف الزوار الباحثين عن التجربة الأصيلة والمعنى.
عُمان والجزائر.. التاريخ الاستراتيجي ينتظر الاكتشاف
في عُمان، التي جاءت في المرتبة الـ78 يندمج البحر والجبل والتاريخ في مشهد سياحي غني. أما الجزائر، فأراضيها الصحراوية الشاسعة وسواحلها المتوسطية تمثل كنزا غير مستغل بالكامل وقد جاءت في المرتبة الـ80.
ورغم التحديات اللوجستية، يرى الخبراء أن هناك فرصة حقيقية في هاتين الدولتين لتعزيز السياحة التجريبية التي يبحث فيها الزوار عن التجربة العميقة لا الترفيه السريع.
لبنان والكويت.. تراث في مواجهة الواقع
يملك لبنان عمقا ثقافيا وطابعا عالميا بفضل تاريخه كمفترق حضارات. لكن الأزمات السياسية والاقتصادية حدت من قدرته على استثمار هذا الإرث في الترفيه والسياحة. وقد جاء في المرتبة الـ 82.
أما الكويت فقد جاءت في المرتبة الـ86، ويعزى ذلك إلى بنيتها الاجتماعية المحافظة وغياب مشاريع ترفيهية بارزة، رغم إمكاناتها الاقتصادية الكبيرة.
اقرأ أيضا.. أبل تدخل السوق السعودية بقوة.. متجر إلكتروني ودعم كامل بالعربية لأول مرة
مستقبل واعد ينتظر الاستثمار الذكي
وتكشف هذه التصنيفات أن “المتعة” لا تقاس فقط بالألعاب أو الحفلات، بل بمزيج من الوصولية، الأمان، الثقافة، والهوية. الدول العربية، بكل ما تحمله من تاريخ وصراعات وتحولات، تسير نحو إعادة تشكيل صورتها عالميا.
استثمارات الحكومات في السياحة والترفيه، إلى جانب رغبتها في التأثير عبر “القوة الناعمة”، قد تقود إلى تحسين مواقعها في المستقبل. لكن هذه الرحلة، كما يقول الخبراء، ليست سريعة، بل تتطلب تخطيطا طويل الأمد وتوازنا دقيقا بين الأصالة والتجديد.