قراصنة إيران يشعلون حربا إلكترونية غير مسبوقة ضد إسرائيل.. رسائل تحذير واختراقات خطيرة تربك المستوطنين

في خضم العملية العسكرية المكثفة التي أطلقتها إسرائيل ضد إيران تحت اسم “عملية الأسد الصاعد”، شهدت الساحة الرقمية تصعيدا حادا، تمثل في موجة هجمات إلكترونية غير مسبوقة شنتها مجموعات قرصنة مرتبطة، على الأغلب، بالحكومة الإيرانية.
ووفقا لما رصدته شركة “رادوير” للأمن السيبراني، فقد ارتفع النشاط السيبراني بنسبة 700% خلال يومين فقط من بدء القصف الإسرائيلي، مما يشير إلى دخول الصراع مرحلة جديدة وخطيرة على مستوى الفضاء الرقمي.
استهداف الهواتف المحمولة وحملات تضليل متطورة
ومن أبرز تطورات هذه الحرب الرقمية، هجوم سيبراني استهدف الهواتف المحمولة لمستوطنين الإسرائيليين، حيث تلقت آلاف الأجهزة رسائل نصية مزيفة حملت توقيع “قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية”، تحذر من أخطار وهمية كالهجوم على الملاجئ أو وقف إمدادات الوقود. هذه الرسائل اعتُبرت محاولة لترويع المدنيين ونشر الفوضى، ضمن استراتيجية متقدمة للحرب النفسية.
وأكدت شعبة الأمن السيبراني الإسرائيلية أن هذه الرسائل مزيفة، داعية إلى تجاهلها وعدم مشاركتها أو التفاعل معها. وقالت: “من المهم التوضيح أن مجرد استلام الرسالة لا يُسبب أي ضرر للهاتف المحمول”، مشددة على أن الجهات الإيرانية تقف على الأرجح وراء هذه الهجمات.
استهداف إعلامي مباشر وأوامر بإخلاء قنوات تلفزيونية
وفي تطور متزامن، أفادت وكالة “فارس” الإيرانية أن إيران أصدرت إنذارا بإخلاء مقرات قناتي 12 و14 الإسرائيليتين، ردا على استهداف التلفزيون الرسمي الإيراني. وتشير التقارير إلى أن هذه التحركات جزء من استراتيجية شاملة لإرباك الإعلام الإسرائيلي وتقييد قدرته على التأثير في الرأي العام.
حملة إسرائيلية مكثفة ورد إيراني بصواريخ باليستية
وبدأت الحرب في ساعات فجر يوم الجمعة، حين شنت إسرائيل عملية عسكرية استهدفت منشآت نووية وعسكرية في طهران، ما أدى إلى اغتيال عشرات القادة الإيرانيين والعلماء النوويين. وقد ردت إيران سريعا بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية نحو إسرائيل، مستهدفة البنية التحتية الحيوية والمناطق السكنية في تصعيد خطير للصراع بين البلدين.
رادوير: الهجمات السيبرانية تتصاعد بوتيرة متسارعة
وأكد رون ميران، نائب رئيس قسم استخبارات التهديدات السيبرانية في “رادوير”، أن الهجمات الإيرانية في الفضاء الرقمي تمثل ردا استراتيجيا على القصف الإسرائيلي، قائلا: “إيران اليوم أكثر ميلاً للرد بالهجمات الإلكترونية”.
ورصدت “رادوير” أنشطة سيبرانية متعددة تشمل اختراق البيانات، نشر البرمجيات الخبيثة، هجمات حجب الخدمة (DDoS)، بالإضافة إلى حملات تضليل معلوماتية واسعة النطاق تستهدف الرأي العام الإسرائيلي، وتستعين في تنفيذها بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
أكثر من 150 مجموعة هاكرز تشارك في الهجمات
وبحسب تقرير منظمة “فالكون فيدز Falcon Feeds”، هناك أكثر من 150 مجموعة قرصنة تشارك في هذا الصراع السيبراني، وتستهدف أكثر من 100 منها البنية التحتية الإسرائيلية. من بين هذه المجموعات، تبرز مجموعة “حنظلة”، المرتبطة بإيران، والتي أعلنت مسؤوليتها عن تسريب أكثر من تيرابايتين من البيانات من شركات إسرائيلية كبرى، مثل شركة الطاقة “ديليك” وشركة البناء “واي جي نيو عيدان”.
كذلك، زعمت المجموعة أنها اخترقت مزود اتصالات إسرائيلي وأرسلت رسائل إلكترونية جماعية إلى العملاء تتضمن تحذيرات كاذبة بهجمات صاروخية، في محاولة واضحة لبث الذعر وتخريب الثقة بالمؤسسات الرسمية.
جهات فاعلة أخرى تنضم للمواجهة السيبرانية
ومن ضمن المجموعات التي نشطت مؤخرا، برزت جماعة “السيد حمزة”، والتي استهدفت مواقع إلكترونية تابعة لشركات أمنية ودفاعية إسرائيلية وأمريكية وبريطانية. كما ظهرت تهديدات من جماعات أخرى مثل “الشبح العربي” و”فريق بنجلاديش الغامض”.
استعادة ذاكرة “ستوكسنت”: الخلفية التاريخية للنزاع السيبراني
ويعود تاريخ المواجهة السيبرانية بين إسرائيل وإيران إلى عام 2010، مع اكتشاف فيروس “ستوكسنت” الذي عطل أجهزة الطرد المركزي في منشآت إيران النووية، ويُعتقد أنه تم تطويره بالتعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ومنذ ذلك الحين، بدأت إيران في بناء بنية تحتية سيبرانية هجومية، استهدفت خلالها منشآت في الغرب وإسرائيل.
وخلال السنوات الأخيرة، نفذت مجموعات مثل APT34 (OilRig) وAPT39 (Remix Kitten)، هجمات تجسس واختراقات لبنية تحتية مهمة، معتمدين على التصيد الاحتيالي، ثغرات يوم الصفر، والهندسة الاجتماعية كأدوات رئيسية.
توصيات عاجلة من رادوير للمؤسسات الإسرائيلية
وحذرت “رادوير” المؤسسات الإسرائيلية من مخاطر تصاعد الحرب السيبرانية، وقدمت سلسلة من التوصيات العاجلة؛ من بينها تكثيف الرقابة على الشبكات ونقاط النهاية، تصحيح جميع الأنظمة المتصلة بالإنترنت، تطبيق المصادقة متعددة العوامل، رفع درجة الاستعداد في فرق الاستجابة للطوارئ، وتطوير خطط لمكافحة الأخبار المضللة والتنسيق مع وسائل إعلام موثوقة.
اقرأ أيضا.. تحذيرات متبادلة لسكان طهران وتل أبيب.. من ينتصر في معركة الرعب بين إسرائيل وإيران؟
الفضاء الرقمي يتحول إلى ساحة حرب شاملة
وتعكس هذه الموجة من الهجمات الإلكترونية مدى خطورة تطور الصراعات في العصر الرقمي، حيث أصبحت الحرب السيبرانية أداة مركزية للانتقام وردع الخصوم، ويُتوقع أن تستمر هذه الهجمات وأن تتسع رقعتها لتشمل المزيد من القطاعات الحيوية في إسرائيل والمنطقة.
وتُظهر التحذيرات والتحليلات الصادرة عن شركات الأمن السيبراني أن الصراع الحالي لا يُخاض فقط في الجو وعلى الأرض، بل في قلب البنية التحتية الرقمية. وبينما تستمر الحرب العسكرية، تبدو الحرب السيبرانية أكثر توغلًا، وأقل توقعًا، وربما أشد خطرًا على المدى الطويل.