قفزة في أسعار النفط بعد شائعات الهجوم الإيراني الوشيك على إسرائيل
القاهرة (خاص عن مصر) – شهدت أسواق النفط العالمية ارتفاعاً حاداً في الأسعار مؤخراً على خلفية تقارير تتحدث عن احتمالية تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، حيث أشار تقرير نشره موقع “أكسيوس” إلى استعداد إيران لتنفيذ هجمات عبر الأراضي العراقية ضد أهداف إسرائيلية باستخدام جماعات مسلحة مدعومة منها.
وأثار هذا التقرير مخاوف من اندلاع أعمال حربية جديدة قد تؤثر على استقرار المنطقة وإمدادات النفط، مما أعاد التركيز على هشاشة السوق أمام أي صراعات جديدة في الشرق الأوسط.
ارتفاع أسعار النفط وتغيرات السوق
وتأثرت أسعار النفط بشكل فوري بعد تداول الأنباء حول الهجوم الإيراني المحتمل، حيث قفز خام “برنت” بنسبة تصل إلى 2% ليتجاوز سعره حاجز الـ 74 دولاراً للبرميل، كما ارتفع خام “غرب تكساس” الوسيط إلى نحو 71 دولاراً.
يأتي هذا الارتفاع بعد فترة من التراجع في الأسعار بداية الأسبوع بسبب هجوم إسرائيلي محدود استهدف منشآت إيرانية في رد على هجوم صاروخي وقع في مطلع أكتوبر.
وقد أشار المحللون إلى أن هذا التراجع السريع كان نتيجة للتوجه نحو عوامل السوق الأساسية الضعيفة، والتي تأثرت بشكل محدود بتداعيات الأحداث السياسية حتى جاء التقرير الأخير ليعيد تسليط الضوء على حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وفقًا لوكالة بلومبرج.
اقرأ أيضًا: مع ارتفاع أسعار الذهب عالميًا.. إلى أين يتجه المعدن الأصفر؟
امتداد الصراع والتصعيد
وأفاد التقرير بأن إيران قد تقوم بتنفيذ هجوم باستخدام جماعات مسلحة تدعمها في العراق، معتمدين في هذا الهجوم على طائرات مسيرة وصواريخ باليستية، مما يعكس تصاعدًا ملحوظًا في التكتيكات المستخدمة للتأثير على الأوضاع الإقليمية.
وترى إسرائيل أن هذا التحرك الإيراني يمثل تهديداً مباشراً لأمنها، حيث ينطوي على توسيع ساحة النزاع إلى الأراضي العراقية واستخدام قوات بالوكالة، وهو ما يعقد الوضع ويضيف تحديات جديدة لجيش الإحتلال الإسرائيلي الذي شدد على أنه سيرد “بشدة” على أي اعتداءات إيرانية جديدة.
تأثيرات الهجوم الإسرائيلي على أسعار النفط
وعلى الرغم من الارتفاع الحالي في أسعار النفط، فإن بداية الأسبوع كانت قد شهدت تراجعاً في الأسعار بعد الهجوم الإسرائيلي المحدود على منشآت إيرانية، حيث اعتُبر هذا الهجوم رداً على استهداف إيراني في وقت سابق من الشهر.
وأدى ذلك التراجع في الأسعار إلى انحسار العلاوة التي كانت تفرضها التوترات العسكرية، مع تحويل تركيز السوق نحو الأسس الاقتصادية، حيث أشارت مؤسسات مالية، مثل “ستاندرد تشارترد”، إلى أن استقرار السوق جاء بشكل أسرع مما هو متوقع.
وقد حذرت المؤسسة من أن السوق قد تكون على وشك مواجهة ضغوط جديدة في حال استمرار التوترات.
تحركات دبلوماسية لتهدئة الوضع
وتزامنت التوترات المتزايدة بين إيران وإسرائيل مع جهود دبلوماسية تسعى إلى تخفيف حدة النزاع، حيث وردت تقارير عن مقترح تقوده الولايات المتحدة لإنهاء النزاع المستمر بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، والذي يشكل أحد أبرز محاور التوتر في المنطقة.
وقد أبدت إسرائيل استعدادها للنظر في هذا المقترح على الرغم من تأكيد الجيش الإسرائيلي على استعداده للرد على أي هجوم إيراني محتمل، مما يعكس رغبة الأطراف في تهدئة الأوضاع مع الاحتفاظ بخيارات الردع العسكري مفتوحة.
تحليلات السوق واستشراف المستقبل
وفي سياق التحليل الاقتصادي، أكدت فاندانا هاري، مؤسسة شركة “فندا إنسايتس” المتخصصة في أبحاث السوق ومقرها سنغافورة، أن سوق النفط لا يمكنها تجاهل علامات التصعيد في الشرق الأوسط، لكنها تشير إلى أن كلاً من إسرائيل وإيران يبدو أنهما يسعيان لتجنب الانزلاق نحو حرب شاملة قد تتسبب في تداعيات واسعة.
ورغم هذه المحاولات للتهدئة، فإن السوق العالمية تترقب عدداً من الأحداث الحاسمة التي قد تلعب دوراً كبيراً في تحديد مسار أسعار النفط خلال الفترة المقبلة.
اقرأ أيضًا: 3 تقارير ستحدد موقف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من وتيرة خفض أسعار الفائدة
أحداث اقتصادية وجيوسياسية مرتقبة
ومن بين الأحداث المؤثرة التي تترقبها السوق، تأتي الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث تشكل سياسات الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط أحد العوامل الحاسمة في إدارة النزاعات في المنطقة.
كما ينتظر العالم الاجتماع المرتقب للهيئة التشريعية العليا في الصين، الذي قد يسفر عن قرارات تؤثر على الطلب العالمي على الطاقة، نظراً لدور الصين الحيوي في استيراد النفط.
وبالإضافة إلى ذلك، يترقب المستثمرون إعلان منظمة “أوبك+” بشأن سياسات الإنتاج المستقبلية، حيث من المحتمل أن تبدأ المنظمة إعادة إنتاج النفط تدريجياً اعتباراً من ديسمبر المقبل، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على توازن العرض والطلب في السوق.
سيناريوهات مستقبلية وتأثيرها على السوق
وتطرح التطورات الأخيرة عدة سيناريوهات قد تؤثر على أسعار النفط في المستقبل القريب، إذ أن استمرار التوترات بين إيران وإسرائيل قد يؤدي إلى ارتفاع في أسعار النفط نظراً للقلق المتزايد حول استقرار إمدادات النفط من المنطقة.
وفي حال تنفيذ الهجوم المتوقع من جانب إيران عبر الأراضي العراقية، فإن الرد الإسرائيلي قد يتسبب في تصعيد قد يؤثر على طرق النقل البحرية في الخليج العربي، التي تعد شرياناً حيوياً لنقل النفط إلى الأسواق العالمية.
ومن جهة أخرى، في حال نجاح الجهود الدبلوماسية في تهدئة الأوضاع، فإن ذلك قد يؤدي إلى استقرار نسبي في السوق، مما يسهم في عودة الأسعار إلى مستويات أكثر استقراراً.
وتبقى سوق النفط تحت وطأة تقلبات الأحداث في الشرق الأوسط، حيث تلقي التوترات بين إيران وإسرائيل بظلالها على الأسعار وتزيد من حدة المخاوف حول استقرار المنطقة، وفي الوقت الذي تتوجه فيه الأنظار إلى الجهود الدبلوماسية للتخفيف من التصعيد، يبقى احتمال اندلاع نزاع أوسع قائماً، مما يضع السوق في حالة ترقب لأي تغيرات جديدة.