كندا قد تتخلى عن برنامج تسليحها وترضخ لشراء المقاتلات الشبحية الأمريكية| ما الأسباب والضغوطات؟

ارتفعت تكلفة شراء كندا لـ88 طائرة مقاتلة من طراز F-35 إلى 27.7 مليار دولار، بزيادة تقترب من 50% مقارنة بالتقدير السابق البالغ 19 مليار دولار الذي أُعلن في عام 2022، حسب ما كشفه تقرير حديث للمدقق العام الكندي.
هذا الارتفاع المفاجئ دفع رئيس الوزراء مارك كارني للتفكير بإعادة تقييم الصفقة وربما تقليصها لصالح خيارات أوروبية أقل تكلفة.
تكاليف صفقة F-35 ترتفع لمستوى قياسي .. عوامل اقتصادية ولوجستية تعمّق الفجوة
يشير التقرير الذي أعدته كارين هوجان – المدقق العام الكندي – إلى أن التضخم، وتقلبات أسعار الصرف، وارتفاع الطلب العالمي على الذخائر، كانت من أبرز أسباب تجاوز الميزانية.
وأشار التقرير إلى حاجة إضافية تُقدّر بـ5.5 مليار دولار لتحقيق القدرة التشغيلية الكاملة، ما يعني أن إجمالي تكلفة البرنامج قد تتجاوز 33 مليار دولار.
ضعف الرقابة على المشروع يثير انتقادات
أثار التقرير تساؤلات حول كفاءة إدارة وزارة الدفاع الوطني الكندية، حيث أشار إلى فشلها في مراقبة المتغيرات الاقتصادية المؤثرة على التكاليف.
وقد نُقل عن التقرير: “كان ينبغي على وزارة الدفاع مراقبة التضخم وأسعار الصرف عن كثب، لكنها لم تفعل ذلك دائمًا”.
قدرات فائقة للمقاتلة F-35
تُعد طائرة F-35 من أكثر المقاتلات تطورًا في العالم، وتتميز بتقنيات شبحية ورادارات متقدمة وقدرة على تنفيذ مهام متعددة في بيئات متنازع عليها.
لكنها في المقابل، تعتمد بشكل كبير على البنية التحتية الأمريكية للصيانة وتحديث البرمجيات، مما يُثير مخاوف تتعلق بالاستقلالية التشغيلية لكندا على المدى الطويل.
- المقاتلة F-35A
الحاجة إلى بدائل تُعيد فتح النقاش
مع تصاعد الكُلفة والضغوط السياسية، برزت خيارات أخرى مثل الطائرة السويدية “Gripen E/F”، التي تُعد أرخص بنسبة تصل إلى 60% على مدار دورة حياتها مقارنةً بالإف-35، وفقًا لتقديرات “جينز” لعام 2024.
كما أن الطائرة الفرنسية “رافال” تُعتبر خيارًا مرنًا من حيث الأداء والتكلفة، خاصةً مع استعداد فرنسا لتقديم دعم تقني وتصنيعي محلي.
مشكلات البنية التحتية ونقص الطيارين تعرقل التنفيذ
أبرز تقرير المدقق العام تأخيرات كبيرة في بناء قواعد جوية في “كولد ليك” و”باغوتفيل”، تأخرت لأكثر من ثلاث سنوات عن الجدول الزمني، ما يهدد إدماج الطائرات الجديدة في الخدمة.
كما يُثير نقص الطيارين المؤهلين قلقًا متزايدًا، نظرًا لصعوبة التدريب على هذه الطائرة المتقدمة.
وقد أثارت أرقام التكلفة الجديدة موجة من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثيرون عن غضبهم من سوء التخطيط، ونقل أحد المستخدمين: “السرب يحتاج 16 طائرة، ستحصلون على 12 فقط في الدفعة الأولى .. ارتفعت الكلفة من 19 إلى 27 مليارًا!”.
هل تدفع كندا ثمن صفقة المقاتلات الشبحية لأمريكا ؟
يرى محللون أن كندا تُعيد ارتكاب أخطاء الماضي، مشيرين إلى أزمة إدخال طائرة CF-18 في الثمانينيات، التي قوبلت وقتها بتشكيك حول كلفتها وجدواها، رغم أنها خدمت لاحقًا في عمليات بارزة كحرب الخليج وليبيا.
إلا أن تهديدات مثل مقاتلات Su-57 الروسية وJ-20 الصينية تفرض الحاجة لمقاتلة جيل خامس مثل F-35 من أمريكا.
ولهذه الأسباب قد تتجه كندا للرضوخ للصفقة رغم ارتفاع تكلفتها لما يقرب من 50% لحاجتها إلى سد فجوة كبيرة في سباق التسلح أمام روسيا والصين، والذي يفرض على أوتاوا ضرورة الإسراع في تنفيذ الصفقة.
تجارب دولية تُضيء الطريق أمام أوتاوا
في حين مضت دول كأستراليا والنرويج في تفعيل أساطيلها من F-35 رغم التحديات المالية، اتجهت دول أوروبية مثل ألمانيا وسويسرا لاختيارها بعد تقييم مطوّل.
هذه التجارب تعكس المعضلة التي تواجهها كندا: موازنة التفوق التكنولوجي مع السيطرة على التكاليف والسيادة الصناعية.
السياق الجيوسياسي يزيد الضغوط
يزيد التوتر في العلاقات الكندية الأمريكية، لا سيما إثر تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول كندا كـ”الولاية 51″، من الضغوط على الحكومة لاتخاذ قرارات تقلل من الاعتماد على واشنطن، وتُعزز استقلالية الدفاع الكندي.
يُثير تصاعد تكلفة صفقة مقاتلات F-35 تساؤلات متزايدة في الأوساط السياسية والإعلامية الكندية حول ما إذا كانت أوتاوا تتحمّل أعباءً إضافية للصفقة المتأخرة في الحسم .. فهل تدفع كندا ثمن الصفقة كاملة للولايات المتحدة ؟
اقرأ أيضًا: أمين عام حلف الناتو: شبح الحرب يقترب .. وعلى الغرب أن يتعلم الروسية قريبًا