لا تطبيع قبل التحرير.. هل ينجح الشرع في استعادة مرتفعات الجولان من إسرائيل؟

كشفت تقارير صحفية أن الإدارة الجديدة في سوريا برئاسة أحمد الشرع تواجه تحديًا دبلوماسيًا معقدًا يتمثل في إدارة مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، وسط إصرار سوري على استعادة الجولان مقابل أي خطوة نحو التطبيع.
مصادر إسرائيلية رفيعة كشفت لصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن تل أبيب بدأت تلمس جدية متزايدة من دمشق في سعيها للتوصل إلى اتفاق سلام، لكنها في المقابل تشكك في إمكانية تحقيق أي اختراق سياسي ما لم يشمل الاتفاق انسحابًا إسرائيليًا من مرتفعات الجولان. التي احتلتها إسرائيل في حرب يونيو 1967 وضمتها لاحقًا في خطوة لم تحظَ باعتراف دولي واسع، تُمثل بالنسبة لدمشق خطًا أحمر في أي تفاوض.
وبحسب الصحيفة، فإن الولايات المتحدة تم إبلاغها بتفاصيل المفاوضات الجارية، التي تتجاوز الترتيبات الأمنية التقليدية، وتدخل في عمق القضايا السيادية، في وقت تزداد فيه مؤشرات قرب التوصل إلى اتفاق شامل مع نهاية العام 2025.
عين إسرائيل على توقيع اتفاقيات إبراهيم
في السياق ذاته، من المقرر أن يتوجه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، إلى واشنطن خلال الأيام المقبلة، لمناقشة التطورات المتعلقة بإمكانية انضمام سوريا إلى “اتفاقيات إبراهيم”.
ديرمر، المقرّب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وصاحب العلاقة الوطيدة بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيسعى -وفق مصادر إسرائيلية- إلى تثبيت موقف تل أبيب الرافض لأي انسحاب من الجولان، حتى مقابل السلام.
وتزامن ذلك مع تصريحات مثيرة لترامب قال فيها إنه رفع جزءًا من العقوبات عن سوريا “بناءً على طلب دول صديقة في المنطقة”، ولفتح الباب أمام فرص سلام جديدة، ملمّحًا إلى أن دمشق قد تكون مستعدة لتغييرات كبيرة إذا حصلت على مقابل سياسي حقيقي.
الشرع يكشف شروط التطبيع مع إسرائيل
في المقابل، نقلت مصادر سورية مطلعة أن الشرع يرفض فكرة التطبيع دون استعادة الأراضي المحتلة، ويشدد في جميع الاجتماعات المغلقة على أن الانسحاب الإسرائيلي من الجولان يمثل “جوهر أي اتفاق”.
وتؤكد المصادر أن مفاوضات غير مباشرة تُدار حاليًا بوساطة دولية، وتهدف إلى صياغة إطار أولي يفضي إلى إعلان مشترك بأن “سوريا وإسرائيل لم تعودا في حالة حرب”، مقابل إعادة انتشار القوات الإسرائيلية من المناطق التي توغلت فيها بعد سقوط النظام السابق في ديسمبر 2024، خاصة في محيط المنطقة العازلة وجبل الشيخ.
الجولان بين الشرع وإسرائيل
ورغم الانفتاح الظاهري في الخطاب الإسرائيلي، لا تزال القيادة السياسية في تل أبيب متشددة تجاه مسألة الجولان. فقد أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في مؤتمر صحفي أن بقاء إسرائيل في مرتفعات الجولان “شرط أساسي لأي اتفاق سلام أو تطبيع”، مضيفًا أن الاعتراف السوري بـ”السيادة الإسرائيلية” على الجولان ينبغي أن يكون جزءًا من أي اتفاق مستقبلي.
وفي مقابلة تلفزيونية، صرّح ساعر: “إذا أُتيحت لإسرائيل فرصة لإبرام اتفاق سلام مع سوريا دون المساس بالجولان، فهذا يُعدّ إنجازًا تاريخيًا”، رافضًا في الوقت ذاته أي حديث عن انسحاب حتى لو كان تدريجيًا أو رمزيًا.
هل تصبح الجولان”حديقة للسلام” بين سوريا وإسرائيل
بحسب تقارير صحفية فرغم التصريحات المتشددة، كشف مصدر سوري أن المقترحات المطروحة على الطاولة تشمل “تحويل مرتفعات الجولان إلى منطقة سلام خالية من السلاح والسيادة”، على أن يجري انسحاب إسرائيلي تدريجي من المواقع التي احتلتها بعد 2024.
وتبقى مسألة السيادة القانونية على الجولان غير محسومة، في ظل تباين بين الأطراف حول شكل الاعتراف المتبادل والضمانات الأمنية.
معركة الشرع الحقيقية مع إسرائيل
ويري مراقبون أن الشرع يخوض واحدة من أعقد المعارك الدبلوماسية في تاريخ سوريا الحديث، إذ يواجه ضغوطًا دولية للتطبيع مقابل السلام، دون أن يتنازل عن مبدأ “التحرير أولًا”.
وفي المقابل، تسعى إسرائيل لفرض معادلة جديدة: “سلام مقابل بقاء”، وليس “سلام مقابل انسحاب”، كما جرت العادة في مفاوضات ما بعد 1973.
اقرا أيضا.. اغتيال الحاج يونس “ظل سليماني”.. هل بدأت إسرائيل حربًا سرية على نخبة فيلق القدس؟