لا يصومون ويشربون الكحول ويقدسون هؤلاء.. ماذا تعرف عن العلويين في سوريا؟

تعرض الكثير من العلويين في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية لموجة من العنف الطائفي استهدف مناطقهم في الساحل السوري.
وبحسب تقارير فقد سقط أكثر من 340 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، على يد مسلحين وقوات أمن مرتبطة بالإدارة الجديدة في سوريا.
ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، جاءت هذه التطورات بعد اندلاع اشتباكات بين قوات الأمن ومجموعات مسلحة مرتبطة بالنظام السابق في محافظة اللاذقية ذات الغالبية العلوية، الأقلية الدينية التي ينتمي إليها رئيس النظام المخلوع بشار الأسد. وامتدت أعمال القتل إلى مناطق جبلة وبانياس ومناطق أخرى ذات كثافة علوية.
مخاوف من استهداف العلويين
مع انتشار الأخبار، عجّت منصات التواصل الاجتماعي، السبت، بصور ومنشورات نعي لأشخاص من الساحل قُتلوا في هذه الأحداث.
وتزامن ذلك مع إعلان السلطة الجديدة عن حملة أمنية صارمة ضد من وصفتهم بـ”المتمردين المرتبطين بنظام الأسد”، بعد أن أسفرت اشتباكات الخميس عن مقتل عشرات من أفراد الأمن.
في المقابل، أقر مسؤولون في الإدارة الجديدة بوقوع “انتهاكات” خلال العمليات العسكرية، مرجعين ذلك إلى تدخل مجموعات مدنية غير منظمة استغلت الفوضى.
لكن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، اعتبر أن “ما يجري ليس مجرد ملاحقة لمسلحين، بل عمليات قتل طائفية تهدف إلى تهجير العلويين من مناطقهم”.
العلويون في سوريا
ينتمي العلويون في سوريا إلى الساحل السوري، حيث تتركز تجمعاتهم في محافظتي اللاذقية وطرطوس، إلى جانب وجودهم في مناطق أخرى مثل حمص وحماة وريف دمشق. ويُنظر إلى الساحل باعتباره المعقل الأساسي لعائلة الأسد التي حكمت البلاد لنحو خمسة عقود.
ويُقدّر عدد العلويين في سوريا بنحو 1.7 مليون نسمة، أي حوالي 9% من سكان البلاد ذات الغالبية السنية. وخلال حكم حافظ الأسد ومن بعده نجله بشار، كان العلويون يشكّلون ركيزة أساسية للنظام، حيث تبوأوا مناصب عليا في المؤسسات العسكرية والأمنية.
تاريخ العلويين
ظهر المذهب العلوي في القرن التاسع الميلادي على يد محمد بن نصير، الذي قيل إنه كان تلميذًا للإمام الحسن العسكري، وهو ما جعل البعض يطلق عليهم اسم “النصيريين”.
وتعرّض العلويون للاضطهاد عبر التاريخ، باستثناء فترات محدودة مثل العهد الحمداني.
وفي عام 1920، منحت فرنسا العلويين منطقة حكم ذاتي خلال فترة الانتداب، قبل أن تسعى لاحقًا إلى دمجهم في الدولة السورية.
وخلال خمسينيات القرن الماضي، التحق العديد من العلويين بالمؤسسة العسكرية، ليصبحوا جزءًا من التيار القومي العربي وحزب البعث، وصولًا إلى حكم البلاد بعد انقلابي 1963 و1966.
معتقدات العلويين
تختلف المعتقدات العلوية عن التيارات الإسلامية التقليدية. إذ يؤمن العلويون بفكرة التوحيد مع وجود تجليات إلهية، ويُقدّسون ثلاث شخصيات رئيسية: النبي محمد، الإمام علي، والصحابي سلمان الفارسي. كما يؤمنون بتناسخ الأرواح، وهي عقيدة تميزهم عن المذاهب الإسلامية الأخرى.
يتهم بعض خصوم العلويين الطائفة بأنها تؤلّه الإمام علي، لكن العلويين ينفون ذلك، معتبرين أن علي بن أبي طالب يحمل “مسحة إلهية”.
ورغم أن العلويين يعرّفون أنفسهم اليوم كجزء من الشيعة الاثني عشرية، فإن طقوسهم وممارساتهم تختلف، حيث لا يؤدون الصلوات في المساجد، ولا يصومون شهر رمضان، كما يسمحون بشرب الكحول، وتحتفل الطائفة بأعياد المسلمين والمسيحيين معًا.
مستقبل العلويين في ظل التغيرات الجديدة
منذ وصول الإدارة الجديدة إلى الحكم في ديسمبر الماضي، تحاول السلطة طمأنة الأقليات، بمن فيهم العلويون. إلا أن المخاوف لا تزال قائمة لدى أبناء الطائفة، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في الساحل، حيث يخشى الكثيرون أن يكونوا عرضة لعمليات انتقامية بسبب ارتباطهم الطويل بحكم الأسد.
ومع استمرار الاضطرابات في سوريا، يبقى مستقبل العلويين مفتوحًا على احتمالات متعددة، وسط تصاعد التوترات الطائفية التي تهدد النسيج الاجتماعي للبلاد.
اقرأ أيضا
بعد أحداث الساحل.. هل تسقط سوريا في دوامة العنف الطائفي ؟