لتعزيز رواتب جنودها ودفاعها الجوي.. زيلينسكي يناشد أوروبا: نحتاج الأموال وليس الأسلحة فقط

ناشد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، القادة الأوروبيين بشكل مباشر لتقديم مساعدات مالية لزيادة أجور القوات الأوكرانية المحاصرين، على أمل أن تُسهم زيادة الرواتب في معالجة أزمة تجنيد حرجة مع استمرار الحرب مع روسيا.
في ظل تزايد الإرهاق والاستياء في الداخل، تواجه حكومة زيلينسكي تحديًا هائلًا يتمثل في استقطاب ما يصل إلى 30 ألف مجند جديد شهريًا – وهو هدف نادرًا ما تحققه، مع تفاقم المخاوف بشأن التجنيد الإجباري والتسريح وعدم اليقين بشأن مدة الحرب في المجتمع الأوكراني.
ركز الحلفاء الغربيون حتى الآن دعمهم على توفير الأسلحة والمعدات، وليس على تغطية رواتب العسكريين. لكن زيلينسكي، في حديثه للصحفيين في كييف، أصرّ على أن “أفراد الجيش أنفسهم يمكن أن يكونوا السلاح الذي يحمي الجميع”، مُشيرًا إلى تحوّل في استراتيجيته الدبلوماسية في ظل سعي أوكرانيا لتعزيز التجنيد التطوعي ورفع الروح المعنوية بين القوات التي عانت أكثر من ثلاث سنوات من الصراع.
عجز الميزانية والتسابق على الأسلحة
يُشكّل الوضع المالي المتردي لأوكرانيا جوهر مناشدة زيلينسكي. فقد خلّف المجهود الحربي عجزًا سنويًا في الميزانية قدره 40 مليار دولار، مع الحاجة إلى 25 مليار دولار إضافية على الأقل سنويًا لتصنيع الدفاع – بما في ذلك عناصر حيوية مثل الصواريخ والطائرات بدون طيار وأنظمة الحرب الإلكترونية.
هناك حاجة ماسة إلى 6 مليارات دولار لزيادة إنتاج الطائرات بدون طيار محليًا، ومن المتوقع أن يصل إجمالي العجز في العام المقبل إلى 65 مليار دولار.
كما يُجري زيلينسكي محادثات مع قادة رئيسيين – رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس حلف شمال الأطلسي مارك روته، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ومسؤولين أمريكيين – بشأن حزم دعم جديدة.
في حين وافقت واشنطن على شراء طائرات مسيرة أوكرانية الصنع، يسعى زيلينسكي إلى عقود أكبر بكثير، تتراوح قيمتها بين 10 و30 مليار دولار، لزيادة الإنتاج.
الدفاع الجوي: كييف تسعى إلى المزيد من صواريخ باتريوت
في ساحة المعركة، زاد تكثيف روسيا لقصفها الصاروخي والطائرات المسيرة من الضغط على الدفاعات الجوية الأوكرانية. وأكد زيلينسكي أن ألمانيا والنرويج تعهدتا بتقديم ثلاثة أنظمة صواريخ باتريوت، لكن هناك حاجة إلى سبعة أنظمة أخرى على الأقل لحماية سماء البلاد.
هو يتفاوض الآن مع مسؤولين هولنديين وحلفاء آخرين لسد الفجوة، مؤكدًا أن الدفاع الجوي المتفوق أمر بالغ الأهمية لإبطاء تقدم روسيا وحماية أرواح الأوكرانيين.
أزمة التجنيد والاستياء العام
لا يزال نقص التجنيد مصدر قلق رئيسي. وقد أدت مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت تُظهر عمليات احتجاز قسري من قِبل مسؤولي التجنيد العسكري إلى تأجيج الإحباط العام، ولم يحل خفض سن التجنيد من 27 إلى 25 عامًا المشكلة. زيلينسكي، رافضًا أي تخفيضات إضافية، مستشهدًا بالحقائق الديموغرافية ونقص الدعم الشعبي.
في المقابل، تواصل روسيا استقطاب عشرات الآلاف من الجنود شهريًا برواتب سخية ومكافآت توقيع، مما يُمكّن موسكو من تجنب التعبئة الجماهيرية غير الشعبية والاضطرابات الاجتماعية في الداخل.
على خطوط المواجهة: إشارات متضاربة وضغوط متزايدة
زعم زيلينسكي أن القوات الأوكرانية أبطأت الزخم الروسي، لكن المحللين العسكريين الأوكرانيين يقدمون تقييمًا أكثر جدية.
أفادت مجموعات مثل DeepState وFrontelligence Insight أن القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة لها منذ عام، وخاصة بالقرب من بوكروفسك وكوستيانتينيفكا، حيث تُسبب عمليات القصف المكثف والتسلل ضغطًا شديدًا على خطوط الدفاع الأوكرانية.
هناك مخاوف متزايدة من أن روسيا قد تعبر قريبًا إلى منطقة دنيبروبيتروفسك، وهو ما يُحذر زيلينسكي من أنه سيمنح موسكو المزيد من الانتصارات النفسية والإعلامية.
محادثات السلام: التقدم والعقبات
جاءت تصريحات الرئيس الأوكراني بعد جولة ثالثة من محادثات السلام مع المفاوضين الروس في إسطنبول. وبينما اقتربت المناقشات من ترتيب قمة محتملة مع فلاديمير بوتين، أوضح مسؤولو الكرملين أن أي اجتماع من هذا القبيل يجب أن يكون بمثابة خطوة أخيرة في اتفاق أوسع.
صرح المتحدث الروسي ديمتري بيسكوف قائلاً: “هل يمكن إنجاز عملية معقدة كهذه في 30 يومًا؟ بالطبع لا”، مشيرًا إلى مفاوضات مطولة في المستقبل.
اقرأ أيضا.. عقارات أبوظبي تشهد طفرة.. بيع أغلى منزل مقابل 109 ملايين دولار أمريكي
إصلاحات مكافحة الفساد والتحديات السياسية
في خضم الحرب، يواجه زيلينسكي أيضًا اضطرابات سياسية داخلية. فبعد الجدل الدائر حول قانون يضع وكالات مكافحة الفساد الرئيسية تحت سيطرة المدعي العام، والذي أثار أكبر احتجاجات منذ الغزو، قدم زيلينسكي تشريعًا جديدًا لاستعادة الاستقلال الكامل للمكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) ومكتب المدعي العام المتخصص في مكافحة الفساد (SAPO).
من المقرر مناقشة مشروع القانون المعدل، الذي يفرض إجراء عمليات فحص أمني للموظفين الذين لديهم صلات بروسيا، في البرلمان في نهاية يوليو.
أعرب كلٌّ من المكتب الوطني للأمن القومي (NABU) ومكتب الأمن العام (SAPO) عن دعمهما لمشروع القانون الجديد، مما يُبرز كفاح الإدارة المستمر للحفاظ على ثقة الغرب وشرعيتها المحلية في زمن الحرب.