ليس غزة وحدها… دولة عربية تشهد مجاعة غير مسبوقة | ما القصة

في وقت تتجه فيه أنظار العالم إلى الحرب الدامية في غزة، تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية، كارثة إنسانية غير مسبوقة وسط حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، بالتزامن مع تفشٍّ مروّع لوباء الكوليرا وتوقف شبه كامل للمساعدات الإنسانية.
ويحذر ناشطون محليون من أن المدينة تسير بخطى متسارعة نحو مجاعة محققة، في ظل غياب أي استجابة دولية فاعلة، وتوقف كامل لما يُعرف محليًا بـ”التكايا”، وهي المطابخ الخيرية التي كانت توفر الطعام لآلاف الأسر النازحة والمحتاجة.
خمسة عشر شهرًا من الحصار
دخل حصار مدينة الفاشر شهره الخامس عشر، وسط تدهور متسارع في الوضع المعيشي والصحي. وأفادت مصادر محلية أن قوات الدعم السريع تمنع دخول المواد الغذائية والدوائية، وتعرقل وصول أي قوافل إغاثية من المنظمات الإنسانية، ما جعل عشرات الآلاف من المدنيين عالقين داخل المدينة دون أي مقومات للحياة.
ورغم النداءات المتكررة للمنظمات الدولية، لم تشهد المدينة أي انفراجة في أزمتها، في ظل تجاهل المجتمع الدولي، وانشغاله بملفات إقليمية أخرى، في مقدمتها حرب غزة وأزمة البحر الأحمر.
الكوليرا تفتك بالنازحين في الفاشر
إلى جانب المجاعة، تعاني المدينة من كارثة صحية متفاقمة نتيجة تفشي وباء الكوليرا، حيث وثقت مصادر طبية وفاة 49 شخصًا خلال 24 ساعة فقط داخل معسكرات النزوح، في وقت بلغ فيه إجمالي الإصابات المؤكدة حتى نهاية يوليو أكثر من 2719 إصابة، بينها 93 حالة نُقلت إلى مراكز العزل الطبي، من ضمنهم 11 طفلًا.
وفي ولاية غرب كردفان المجاورة، أعلنت غرفة طوارئ دار حمر تسجيل 250 إصابة جديدة بالكوليرا ووفاة 15 شخصًا داخل مناطق الإيواء التي لجأ إليها النازحون الفارون من القرى الغربية لمدينة النهود، عقب هجمات شنتها قوات الدعم السريع على المنطقة.
مطالب بفتح ممرات إنسانية لإنهاء مجاعة الفاشر
تواجه مدينة الفاشر أزمة مزدوجة بين المجاعة والوباء، وسط صمت دولي مطبق، رغم المناشدات العاجلة من المنظمات المحلية والناشطين في الداخل والخارج. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن آلاف العائلات لم تعد تملك أي وسيلة للحصول على الغذاء أو المياه النظيفة، ما يضع حياة المدنيين في خطر داهم.
وفي هذا السياق، طالبت منسقية مخيمات النازحين واللاجئين في السودان بضرورة التحرك الفوري لفتح ممرات إنسانية آمنة، والسماح بدخول الإمدادات الطبية والغذائية، محذرة من أن استمرار الحصار سيحوّل المدينة إلى بؤرة موت جماعي.
تصعيد عسكري في الفاشر
وخلال الأيام الماضية، صعّدت قوات الدعم السريع من هجماتها على الفاشر، مستهدفة أطراف المدينة ومخيمات النزوح، وهو ما زاد من تعقيد المشهد الميداني، وعرقل جهود التهدئة التي كانت تسعى من خلالها منظمات إغاثية لإدخال المساعدات إلى السكان المحاصرين.
ورغم تحركات دولية خجولة لبحث هدنة إنسانية، فإن جميع المبادرات باءت بالفشل، في ظل تمسك الأطراف المتحاربة بمواقفها، وانعدام أي آلية أممية ضاغطة لفرض حلول ميدانية عاجلة.
مصير آلاف الأرواح في الفاشر على المحك
وفق تقارير فإنه مع استمرار الحصار وتفشي الأوبئة وغياب المواد الغذائية والطبية، تبدو الفاشر اليوم أمام خطر حقيقي بتحوّلها إلى واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في تاريخ السودان الحديث. فالمجاعة لم تعد احتمالًا، بل واقعًا يعيشه سكان المدينة يومًا بيوم، وسط تجاهل دولي يثير تساؤلات حول معايير الاستجابة الإنسانية في الأزمات.
ويحذّر مراقبون من أن تأخر التحرك الدولي قد يُفضي إلى سقوط آلاف الضحايا خلال أسابيع، ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة لفك الحصار وتوفير الإمدادات الضرورية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.
اقرأ أيضا..ملامح تحالف جديد.. ماذا تريد تركيا وإيطاليا من دعم الدبيبة في ليبيا؟