ما بين بايدن وترامب.. السعودية تجدد تحالفها الاستراتيجي مع واشنطن

في تحول لافت على الساحة السياسية الدولية، جدّدت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية تحالفهما الاستراتيجي، وسط حضور رفيع المستوى في قمة استثمارية بالرياض تزامنت مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة.

وبدا واضحاً أن التقارب السعودي الأمريكي في عهد ترامب بلغ ذروته، بعدما وصف الرئيس الأمريكي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بـ”الرجل الرائع” و”العظيم”، مشيداً بقيادته ومؤكداً إعجابه الكبير به، وذلك خلال جلسة حافلة بالحفاوة وسط تصفيق الحضور وعدسات الإعلام.

إعلان

السعودية.. من فتور بايدن إلى دفء ترامب

الفرق بين إدارتي بايدن وترامب في التعامل مع الرياض بدا جلياً في المشهد.

فقبل أربعة أعوام، واجه ولي العهد السعودي موقفاً صعباً مع الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن، الذي توعّد بجعل المملكة “منبوذة” عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

لكن الوقائع الجيوسياسية، وخصوصاً بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط، دفعت بايدن إلى “إعادة ضبط” العلاقات، ما تُرجم في زيارة إلى جدة عام 2022 والتقاط صورة مثيرة للجدل له وهو يحيّي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي بقبضة اليد.

تحالف اقتصادي وعسكري ضخم بين السعودية وأمريكا

زيارة ترامب إلى المملكة لم تكن فقط مناسبة لتبادل المجاملات، بل حملت في طياتها صفقات كبرى شملت توقيع اتفاقية دفاعية بقيمة 142 مليار دولار، في ما وصفه البيت الأبيض بـ”أكبر صفقة سلاح في التاريخ”.

كما أعلنت السعودية عن حزمة استثمارات هائلة تصل إلى 600 مليار دولار، تتوزع بين مشاريع في الذكاء الاصطناعي والطاقة والبنية التحتية.

ومن ضمن الاتفاقيات اللافتة، أعلنت شركة “داتا فولت” السعودية عن نيتها استثمار 20 مليار دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي داخل الولايات المتحدة.

وفي المقابل، ستعمل شركات تكنولوجية أمريكية كبرى، من بينها “غوغل”، على تعزيز استثماراتها في السوق السعودية.

السياسة تتقاطع مع الاقتصاد

السعودية
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال استقباله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – صورة أرشيفية

التحالف السعودي الأمريكي الذي تعزز في ظل إدارة ترامب، لا يقتصر على الشقين العسكري والاقتصادي فحسب، بل يشمل أبعاداً سياسية واستراتيجية.

ففي تطور مفاجئ، أعلن ترامب خلال القمة عن قراره برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، استجابة لطلب من ولي العهد السعودي، في ما يُعد تحولاً جذرياً في السياسة الأمريكية تجاه دمشق.

وبحسب مسؤول في البيت الأبيض، فإن هذا القرار جاء بعد مساع دبلوماسية مكثفة، ويفتح الباب أمام لقاء مرتقب بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع، على هامش قمة مجلس التعاون الخليجي بالرياض، المقررة اليوم الأربعاء.

لقاء القادة الخليجيين في السعودية وإعادة رسم النفوذ

اليوم الثاني من زيارة ترامب تضمن اجتماعاً مهماً مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومن ناب عنهم، وهم: السعودية، الإمارات، البحرين، قطر، الكويت، وعُمان.

ويرى مراقبون أن هذه اللقاءات تهدف إلى إعادة تأكيد الدور القيادي للولايات المتحدة في الخليج، خصوصاً في ظل التنافس الدولي المتزايد على النفوذ في المنطقة.

الانتقادات لا تغيب

ورغم الاحتفاء المتبادل بين ترامب وولي العهد السعودي، لم تخلُ الزيارة من انتقادات داخلية أمريكية.

فقد وجه عدد من أعضاء الكونجرس ومنظمات حقوقية انتقادات لسياسات ترامب، متهمينه بتغليب المصالح الاقتصادية على ملف حقوق الإنسان.

في المقابل، يؤكد الأمير محمد بن سلمان أن المملكة تسير في مسار إصلاحي واضح يشمل تعزيز دور المرأة والانفتاح الاجتماعي، وإن كان محللون يرون أن تلك الإصلاحات لا تزال تصطدم بإجراءات تقييدية تجاه المعارضين السياسيين.

اقرأ أيضًا.. السعودية تتعاقد مع بكتل الأمريكية لتطوير 3 صالات جديدة بـ مطار الملك سلمان

ترامب يختتم زيارة تاريخية إلى السعودية

اختار ترامب وصف زيارته للسعودية بأنها “تاريخية”، في دلالة على حجم الاتفاقيات الموقعة، والقرارات السياسية المصاحبة لها.

ويأمل الطرفان في أن تُشكل هذه الجولة بداية فصل جديد من الشراكة، تقوم على تبادل المصالح وتعزيز النفوذ المشترك، في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تحولات عميقة في خارطة التحالفات الإقليمية والدولية.

وفيما يستعد ترامب للانتقال إلى العاصمة القطرية الدوحة، تبقى الأنظار مشدودة إلى نتائج قمة مجلس التعاون وما قد تحمله من مؤشرات على مستقبل العلاقات الأمريكية الخليجية، في ظل استمرار الملفات الساخنة في المنطقة، وعلى رأسها ملف التطبيع، والأزمة السورية، والحرب في غزة.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى