ماذا يحدث حال اندلاع حرب نووية بين الهند وباكستان؟

يُعد الصراع بين الهند وباكستان من أكثر الصراعات تقلبًا وتعقيدًا في العالم، وقد ازدادت المخاطر بشكل كبير منذ أن أصبحت الدولتان مسلحتين نوويًا.

مع عقود من التوتر التاريخي، والحروب العديدة، والنزاعات الإقليمية، وخاصة حول كشمير، لم يعد السؤال المطروح هو “هل” تُستخدم الأسلحة النووية في هذه المنطقة، بل “متى”.

إعلان

مع تصاعد المناوشات العسكرية الأخيرة، أصبح احتمال نشوب مواجهة نووية بين هاتين القوتين النوويتين واقعًا أكثر إثارة للقلق. لن تقتصر عواقب مثل هذه الحرب على تدمير جنوب آسيا فحسب، بل قد تُحدث موجات صدمة في جميع أنحاء العالم.

سباق الهند وباكستان نحو التسلح

تطورت القدرات النووية للهند وباكستان على مر السنين. قامت الهند بأولى خطواتها النووية عام 1974 بإجراء تجربة “بوذا المبتسم” السلمية، التي جعلتها سادس دولة تُطور أسلحة نووية. في عام 1998، أعلنت الهند رسميًا عن وضعها النووي بإجراء خمس تجارب نووية في إطار عملية شاكتي.

ردًا على ذلك، أجرت باكستان أيضًا تجاربها النووية الخاصة، وانضمت رسميًا إلى النادي النووي، مما أطلق شرارة سباق تسلح في المنطقة.

يمتلك كلا البلدين حاليًا ترسانة نووية هائلة. يُقدر أن الهند تمتلك حوالي 180 رأسًا نوويًا، بينما تمتلك باكستان حوالي 170 رأسًا. وقد منح تطوير الصواريخ بعيدة المدى وأنظمة إيصال الأسلحة النووية المتقدمة، بما في ذلك الغواصات والصواريخ الأرضية، كلا البلدين رادعًا استراتيجيًا، ولكنه زاد أيضًا من خطر نشوب صراع مدمر.

التأثير المحتمل: عواقب كارثية

من المرجح أن يكون لأي تبادل نووي بين الهند وباكستان آثار مدمرة، ليس فقط على الدولتين المعنيتين، بل على الكوكب بأسره.

الخسائر المباشرة: وفقًا لمحاكاة، قد يؤدي هجوم على مدن مكتظة بالسكان مثل دلهي أو كراتشي إلى مقتل ملايين الأشخاص على الفور. كما قد تُثقل الإصابات الثانوية الناجمة عن الحروق والإشعاع والحطام أي بنية تحتية طبية.

تدمير شامل للمدن: قد تتحول مدن كبرى مثل مومباي ولاهور وإسلام آباد وبنغالور إلى أنقاض، مع عواصف نارية ناجمة عن الانفجارات تمحو أحياء بأكملها.

الآثار الإشعاعية طويلة المدى: ستنتشر تداعيات الانفجارات على نطاق واسع، ملوثةً أنهارًا مثل نهري السند والغانج، ومدمرةً الأراضي الزراعية، ومسببةً انهيارًا بيئيًا واسع النطاق. سيبقى الإشعاع لعقود، مسببًا أمراض السرطان، والتشوهات الخلقية، والدمار البيئي.

التداعيات العالمية: كارثة عالمية

في حين أن العواقب الأولية ستدمر جنوب آسيا، فإن الآثار المتتالية للصراع النووي ستمتد عالميًا:

الشتاء النووي: قد يُطلق الصراع النووي “شتاءً نوويًا”، حيث يحجب الدخان والسخام الناتجان عن العواصف النارية ضوء الشمس، مما يُخفض درجات حرارة الأرض بما يصل إلى 1.8 درجة مئوية. سيؤدي هذا إلى فشل المحاصيل العالمية، ونقص الغذاء، والمجاعة، مما قد يُهدد بقاء أكثر من ملياري شخص، وفقًا للدراسات.

انهيار اقتصادي: سيواجه الاقتصاد العالمي اضطرابًا حادًا مع انقطاع طرق التجارة، لا سيما في المحيط الهندي، وتأثر إمدادات الطاقة من الخليج. وستنهار الأسواق المالية مع تدمير مراكز مالية رئيسية مثل مومباي.

الهجرة الجماعية وعدم الاستقرار العالمي: سيؤدي تدمير المدن وما يترتب عليه من أزمة إنسانية إلى فرار الملايين من المنطقة، مما سيُثقل كاهل الدول المجاورة مثل الصين وأفغانستان وإيران. وقد تُزعزع أزمة اللاجئين الناتجة استقرار المنطقة بأكملها.

العقائد النووية: ضبط النفس الهندي مقابل غموض باكستان

لكل من الهند وباكستان سياسات نووية واضحة، وإن كانت مختلفة. تتبع الهند مبدأ عدم البدء بالاستخدام (NFU)، الذي يتعهد بعدم استخدام الأسلحة النووية إلا بعد التعرض لهجوم نووي. صُممت هذه الاستراتيجية لردع أي عدوان مع الحفاظ على موقف مسؤول.

مع ذلك، أشارت التصريحات الأخيرة للقادة الهنود إلى إمكانية إعادة تقييم هذه السياسة، مما أثار مخاوف بشأن الغموض الاستراتيجي.

من ناحية أخرى، لا تلتزم باكستان بسياسة عدم البدء بالاستخدام. بدلاً من ذلك، تتسم عقيدتها النووية بالغموض الاستراتيجي، المصمم لإبقاء الهند في حيرة بشأن متى وكيف قد تستخدم باكستان أسلحتها النووية.

في السنوات الأخيرة، طورت باكستان أسلحة نووية تكتيكية قصيرة المدى ومخصصة للاستخدام في ساحة المعركة. ورغم أن هذه الأسلحة قد تبدو أقل تدميراً، إلا أن فاعليتها التفجيرية المحتملة قد تكون كارثية، ولن تؤثر فقط على المنطقة المستهدفة، بل أيضاً على سكان باكستان على طول الحدود.

اقرأ أيضا.. النشرة العسكرية.. سر قوة منظومة الدفاع الجوي لباكستان.. وإسرائيل تكشف نظامًا متقدمًا لمكافحة المسيرات

التوترات المتصاعدة: لحظة حرجة

شهدت الجولة الأخيرة من الصراع انخراط الهند وباكستان في أعمال عسكرية متزايدة العدوانية، شملت غارات جوية وإطلاق صواريخ وهجمات بطائرات بدون طيار. بعد هجوم باهالغام الإرهابي في أبريل 2025، تصاعدت التوترات بسرعة، ومنذ ذلك الحين، دخل الجانبان في تصعيد متبادل، مما أثار شبح حرب شاملة.

مع تبادل الدولتين الاتهامات بشن هجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار، يزداد الوضع خطورة يومًا بعد يوم.

أصحاب المصلحة العالميون وخطر التصعيد

يراقب المجتمع الدولي الوضع عن كثب. للقوى النووية، مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، مصلحة راسخة في النتيجة، حيث قد تضطر كل دولة إلى التدخل دبلوماسيًا أو عسكريًا.

يُطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في النهاية التوسط، لكن أي حل محفوف بالتحديات. قد تؤدي حرب نووية بين الهند وباكستان إلى عرقلة جهود منع الانتشار النووي العالمية، وبدء مرحلة جديدة وخطيرة في العلاقات الدولية.

إعلان

أحمد سيف الدين

أحمد سيف الدين، مترجم صحفي وعضو نقابة الصحفيين، مهتم بالسياسة الدولية والشؤون الخارجية، عمل/يعمل لدي عدد من المؤسسات الصحفية ومراكز الأبحاث الإقليمية والدولية.
زر الذهاب إلى الأعلى