مصر تسجل أقل معدل نمو سكاني في تاريخها خلال الربع الأول من 2025

القاهرة (خاص مصر) – أظهرت بيانات محدثة أنَّ مصر سجلت أقل معدل نمو سكاني في تاريخها خلال الربع الأول من عام 2025، في مؤشر لافت على استمرار التباطؤ في معدلات الزيادة السكانية على مستوى الجمهورية، لا سيما في المحافظات الحضرية الكبرى.
وبحسب خبير الديموغرافيا أ. أكرم ألفي، ارتفع عدد سكان مصر خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري بنحو 293 ألف نسمة فقط، ليصل إلى 107.493 مليون نسمة في أول أبريل، مقارنة بـ107.200 مليون نسمة في أول يناير، بمتوسط زيادة يومية بلغ 3,300 نسمة.
ويمثل هذا المعدل السنوي البالغ 1.12% انخفاضًا مستمرًا عن مستويات النمو في الأعوام السابقة، حيث بلغ 1.4% في عام 2024، و1.6% في عام 2023، وبلغ 2.4% في عام 2014، ما يعكس تراجعًا نسبته 54% في معدل النمو السكاني على مدى 11 عامًا، وهو أعلى معدل انخفاض مسجل منذ بدء الإحصاءات الرسمية في البلاد.
مراكز حضرية تقترب من “السكون السكاني”
تشير البيانات إلى تحولات ديموغرافية لافتة في المحافظات الحضرية الكبرى، حيث سجلت أربع محافظات رئيسية – القاهرة، الإسكندرية، السويس، بورسعيد – أدنى معدلات نمو سكاني منذ عقود.
وسجلت بورسعيد نسبة نمو سنوية بلغت 0.1% فقط، لتصبح أول محافظة مصرية تصل إلى حالة السكون السكاني الكامل بحلول أبريل 2025، وفقًا للتصنيفات السكانية المعتمدة.
أما القاهرة فسجلت نموًا بنسبة 0.59%، بزيادة قدرها 15 ألف نسمة خلال الربع الأول، بمتوسط 168 نسمة يوميًا. وجاءت الإسكندرية بمعدل قريب بلغ 0.58%، في حين بلغت نسبة النمو في السويس 0.5%.
انخفاض ملحوظ في الوجه البحري والجيزة
خارج المحافظات الحضرية، تراجعت معدلات النمو السكاني في عدد من المحافظات الرئيسية في الوجه البحري، بالإضافة إلى محافظة الجيزة، إلى ما دون 1%.
وسجلت محافظات المنوفية، الغربية، كفر الشيخ، القليوبية، الدقهلية، دمياط، بجانب الجيزة، معدلات نمو سنوية تراوحت بين 0.7% و0.9%. وسجلت الشرقية معدل نمو عند حد 1%، فيما تجاوزت البحيرة والإسماعيلية هذا الحد قليلاً بنسبة 1.1%.
اقرأ أيضًا: مليار دولار استثمارات صينية لتوطين صناعة زجاج الألواح الشمسية في مصر
الوجه القبلي يقود النمو النسبي.. دون تجاوز 2%
ورغم استقرار معدلات النمو السكاني في محافظات الصعيد عند مستويات أعلى نسبيًا، فإنها لم تسجل اختراقًا فوق حاجز 2% كما في الأعوام السابقة، ما يعزز اتجاه التباطؤ العام.
وسجلت محافظات الوجه القبلي متوسط نمو سكاني بلغ 1.3% خلال الربع الأول، وكانت سوهاج الأعلى نموًا بنسبة 1.7%، تليها قنا والمنيا بنسب تتجاوز 1.4%، في حين كانت أسوان الأقل عند 1.2%. ويُقارن ذلك بمتوسط نمو بلغ 2.1% في محافظات الصعيد خلال عام 2023.
- مصر أقل معدل نمو سكاني
هل التباطؤ السكاني مستدام أم ظرفي؟
رغم أن التراجع الحالي في معدل النمو السكاني يعكس اتجاهًا واضحًا على مدار السنوات الأخيرة، إلا أن تساؤلات تُطرح بشأن ما إذا كان هذا التراجع نتيجة تحول ثقافي مستقر أم أنه تأثير ظرفي ناتج عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ عام 2022.
ويرى عدد من المحللين أن معدلات التضخم المرتفعة، وتراجع القوة الشرائية، وارتفاع تكاليف المعيشة، كلها عوامل دفعت كثيرًا من الأسر لتأجيل أو تقليص قرارات الإنجاب، مما ساهم في انخفاض النمو السكاني بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين.
في المقابل، يُشير آخرون إلى تحسن نسبي في وعي المواطنين بقضية الزيادة السكانية، خاصة في ظل الحملات الإعلامية الرسمية، وبرامج تنظيم الأسرة التي شهدت توسعًا في السنوات الأخيرة، ما قد يُعزز فكرة أن جزءًا من التراجع يعكس تحولًا ثقافيًا وليس فقط ظرفًا اقتصاديًا.
- مصر أقل معدل نمو سكاني
انعكاسات محتملة على الاقتصاد والتنمية
إذا ما استمر هذا التباطؤ في النمو السكاني خلال السنوات المقبلة، فمن المتوقع أن تظهر له آثار مزدوجة على الاقتصاد المصري.
من جهة، قد يُخفف انخفاض النمو السكاني من الضغوط على الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والإسكان، ويسمح بإعادة توزيع الموارد بشكل أكثر كفاءة، خاصة في المناطق الحضرية التي بدأت تصل فعليًا إلى حالة استقرار سكاني.
ومن جهة أخرى، فإن التباطؤ السكاني قد يُثير مخاوف تتعلق بـتباطؤ النمو في سوق العمل والاستهلاك على المدى الطويل، لا سيما إذا ترافق مع هجرة عمالة شابة أو استمرار التحديات الاقتصادية التي تُقلل من مساهمة الشباب في الاقتصاد المحلي.
ويرى خبراء أن الوصول إلى توازن ديموغرافي صحي يتطلب استمرار دعم سياسات تنظيم الأسرة، بالتوازي مع خلق فرص اقتصادية واجتماعية تُحفّز الأسر على تبني نمط حياة مستقر، دون أن يتحول التراجع السكاني إلى مشكلة اقتصادية بحد ذاته.