مصر تعزز طموحاتها النووية وسط السباق الذري الأفريقي.. مشروع الضبعة يصل لمرحلة مهمة
حققت طموحات مصر في مجال الطاقة النووية قفزة كبيرة إلى الأمام مع وصول مشروع محطة الطاقة النووية في الضبعة إلى مرحلة حاسمة من التطوير
القاهرة (خاص عن مصر)- حققت طموحات مصر في مجال الطاقة النووية قفزة كبيرة إلى الأمام مع وصول مشروع محطة الطاقة النووية في الضبعة إلى مرحلة حاسمة من التطوير، بحسب الفاينانشال فورتشن ميديا.
شكل تركيب “مصيدة النواة” في المحطة، وهو عنصر أمان حاسم، معلمًا أساسيًا في بناء المحطة. ويشكل هذا التقدم جزءًا من جهود مصر الأوسع نطاقًا لترسيخ نفسها كقائد إقليمي في مجال الطاقة النووية، مع التركيز على المساهمة بقدرة 4800 ميجاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2035.
كان المشروع، الذي تقدر قيمته بـ 30 مليار دولار وتقوده شركة الطاقة الذرية الحكومية الروسية، روساتوم، قيد التطوير منذ ثمانينيات القرن العشرين، لكن البناء النشط لم يبدأ إلا في عام 2022.
يعد تركيب مصيد النواة، كما ورد في بيان من روساتوم، ميزة أمان رئيسية مصممة لاحتواء المواد المشعة في حالة حدوث انهيار غير محتمل للمفاعل. وتشير عملية التركيب، التي شملت رافعة رفع تزن 2000 طن وفريقًا من 10 متخصصين، إلى أن المشروع يتقدم بثبات نحو هدف اكتماله، المحدد بين عامي 2028 و2029.
بمجرد تشغيله، ستولد وحدات الطاقة الأربع في الضبعة 1200 ميجاواط لكل منها، مما يشكل حجر الزاوية في استراتيجية الطاقة طويلة الأجل في مصر.
أقرا أيضا.. شاهده العالم يحترق حياً.. استشهاد شعبان الدلو يثير انتقادات حلفاء إسرائيل
المنافسة الدولية في قطاع الطاقة النووية في أفريقيا
تأتي خطوة مصر لتعزيز بنيتها التحتية النووية في الوقت الذي تتنافس فيه القوى العالمية على النفوذ في سوق الطاقة النووية سريعة النمو في أفريقيا. كثفت دول مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة جهودها لتأمين صفقات التطوير النووي في جميع أنحاء القارة، مع ظهور دول مثل كينيا وغانا ونيجيريا ورواندا كلاعبين رئيسيين.
كانت الولايات المتحدة نشطة بشكل خاص، حيث نجحت مؤخرًا في تأمين صفقة مع شركات غانية لتطوير مفاعل صغير معياري (SMR) وإنشاء مركز تدريب إقليمي لموظفي الطاقة النووية. تم التوصل إلى هذه الاتفاقية خلال قمة الطاقة النووية الأمريكية الأفريقية في نيروبي في أغسطس 2024، مما يسلط الضوء على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في المستقبل النووي لأفريقيا.
وبالمثل، تعمل روسيا على تعزيز علاقاتها النووية مع كينيا، حيث أعلن كلا البلدين عن خطط لبناء أول محطة للطاقة النووية في كينيا بحلول عام 2027، بسعة متوقعة تبلغ 1000 ميغاواط. تم إضفاء الطابع الرسمي على هذه الشراكة خلال منتدى “شمال القوقاز: فرص جيوستراتيجية جديدة” في ستافروبول، روسيا، وهي جزء من الجهود الأوسع التي تبذلها روسيا لتوسيع بصمتها النووية في أفريقيا.
التوسع النووي الصيني في أفريقيا
في الوقت نفسه، تواصل الصين إحراز خطوات كبيرة في القطاع النووي كجزء من هدفها الأوسع لتصبح رائدة عالمية في مجال الطاقة النووية. في أغسطس 2024، وافقت الصين على بناء 11 مفاعلًا نوويًا جديدًا، مما عزز مكانتها في السوق النووية العالمية. في قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي لعام 2024 في بكين، وقعت الصين ونيجيريا اتفاقية لتطوير البنية الأساسية للطاقة النووية في نيجيريا.
تشير التوقعات الصادرة عن منصة الأعمال النووية إلى أنه بحلول عام 2035، يمكن لأفريقيا توليد 15000 ميغاواط من الطاقة النووية، مع قيادة دول مثل غانا وأوغندا وكينيا ورواندا لهذا التوجه. يمثل هذا النمو تحولاً كبيراً في المشهد الطاقي للقارة ويؤكد على الدور المتزايد للطاقة النووية في استراتيجية التنمية في أفريقيا.
استراتيجية الطاقة الأوسع نطاقًا في مصر
بالنسبة لمصر، فإن مشروع الضبعة هو مجرد عنصر واحد من طموحاتها الأوسع نطاقًا في مجال الطاقة. تتصور استراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة في البلاد مستقبلًا تلعب فيه الطاقة النووية دورًا مركزيًا في مزيج توليد الطاقة، جنبًا إلى جنب مع مصادر الطاقة المتجددة. كانت الشراكات مع اللاعبين الدوليين، بما في ذلك روسيا والصين وكوريا الجنوبية، مفيدة في تعزيز البرنامج النووي المصري.
وبحسب الرابطة النووية العالمية، فإن مصر لديها اتفاقيات قائمة مع شركة الطاقة النووية الوطنية الصينية وشركة كوريا الجنوبية للطاقة المائية والنووية، وكلاهما يتنافسان على بناء قدرة نووية إضافية في البلاد. وتعكس هذه التعاونات الموقع الاستراتيجي لمصر في سباق الطاقة النووية العالمي، حيث تسعى إلى موازنة احتياجاتها من الطاقة مع الشراكات الدولية.
مستقبل الطاقة النووية في أفريقيا
مع تقدم مصر في خططها للطاقة النووية، أصبحت القارة ساحة متزايدة الأهمية للقوى العالمية التي تتطلع إلى توسيع نفوذها. ومن المقرر أن تعمل سوق الطاقة النووية المزدهرة في أفريقيا على تحويل المشهد الطاقي في المنطقة، مما يوفر فرصًا جديدة للتنمية والتعاون الدولي. ومع وجود دول مثل مصر وكينيا وغانا ونيجيريا في طليعة هذا التوسع النووي، فإن السباق للسيطرة على مستقبل أفريقيا النووي من المقرر أن يشتد في السنوات القادمة.