مصر والمجر يعمقان تعاونهما في الصناعة والنقل
اتخذت مصر والمجر خطوات مهمة لتعميق تعاونهما في مجالات الصناعة والنقل، وذلك خلال اجتماع بين نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والنقل المصري، كامل الوزير، ووزير الخارجية والتجارة المجري، بيتر سيارتو.
ووفقا لموقع ريلواي سابلاي، ناقش الجانبان المزيد من الفرص لتعزيز التعاون، وخاصة في قطاعي السكك الحديدية والطاقة الخضراء.
يؤكد هذا التعاون على استراتيجية مصر الأوسع نطاقاً لوضع نفسها كمركز صناعي إقليمي مع الاستفادة من خبرة المجر وتكنولوجياتها في النقل والصناعة.
التعاون في مجال السكك الحديدية: صفقة تاريخية للسكك الحديدية المصرية
من أبرز نقاط التعاون بين مصر والمجر مشروع السكك الحديدية الجاري تنفيذه، والذي يُشاد به باعتباره الأكبر في تاريخ السكك الحديدية المصرية. ويتضمن المشروع توريد 1350 عربة ركاب جديدة من شركة Ganz Mavag المجرية. ومن بين هذه العربات، تم تسليم 977 عربة بالفعل، مجهزة بميزات متقدمة مثل أنظمة التهوية الديناميكية وتكييف الهواء، مما يوفر مستوى أعلى من الراحة للركاب.
وأشاد كامل الوزير بالصفقة، ووصفها بأنها “علامة فارقة” في العلاقات الثنائية بين مصر والمجر. وأشار إلى أن المشروع لا يمثل مجرد معاملة تجارية بل نموذجًا ناجحًا للتعاون يمكن أن يمهد الطريق لمشاريع مشتركة مستقبلية في قطاعات أخرى. وصرح الوزير قائلاً: “إن مشروع السكك الحديدية هذا هو شهادة على العلاقات القوية بين بلدينا والتزامنا بتطوير قدراتنا الصناعية”.
توطين الإنتاج: استراتيجية مصر للهيمنة الإقليمية
يعد توطين إنتاج المركبات الحديدية أحد الجوانب الرئيسية لتعاون مصر مع المجر. وقد أعرب المسؤولون المجريون عن اهتمامهم بإنشاء مرافق إنتاج في مصر، وهي الخطوة التي من شأنها أن تتماشى مع الهدف الأوسع لمصر المتمثل في أن تصبح مركز إنتاج لعربات السكك الحديدية ليس فقط لسوقها المحلية ولكن أيضًا للشرق الأوسط وأفريقيا.
تعكس هذه الاستراتيجية طموح مصر لتعزيز قاعدتها الصناعية مع الاستفادة من موقعها الاستراتيجي وقوتها العاملة الماهرة. من خلال إنشاء قدرات الإنتاج المحلية، تهدف مصر إلى تقليل اعتمادها على الواردات، وخلق فرص العمل، وتعزيز إمكاناتها التصديرية.
وقال الوزير: “إن توطين الإنتاج يشكل جزءًا أساسيًا من رؤيتنا للتنمية الصناعية. ومن خلال الشراكة مع المجر، يمكننا تطوير قطاع تصنيع سكك حديدية قوي لا يخدم مصر فحسب، بل وأيضًا المنطقة الأوسع”.
توسيع الشراكة: مبادرات التكنولوجيا الفائقة والطاقة الخضراء
بخلاف قطاع السكك الحديدية، تستكشف مصر والمجر التعاون في مختلف الصناعات ذات التكنولوجيا الفائقة. وتجري المناقشات بشأن التعاون المحتمل في إنتاج الألواح الشمسية وطواحين الهواء وكابلات الألياف الضوئية. وتشكل هذه المبادرات جزءًا من استراتيجية مصر الأوسع نطاقًا لاحتضان الطاقة المتجددة وتحديث قاعدتها الصناعية.
ومن بين مجالات التعاون الواعدة بشكل خاص الهيدروجين الأخضر، الذي ينظر إليه كلا البلدين كمجال رئيسي للاستثمار في المستقبل. ومع سعي أوروبا بشكل متزايد إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، فإن إمكانات مصر كمنتج للهيدروجين الأخضر توفر إمكانيات مثيرة للمستثمرين المجريين. وسلط الوزير الضوء على الهيدروجين الأخضر باعتباره “مجالًا واعدًا للاستثمار الأوروبي” وقطاعًا يمكن أن تلعب فيه الدولتان دورًا رائدًا.
أقرا أيضا.. مصر تستعيد الإنتاج الطبيعي لحقول الغاز بحلول 2025
ومن جانبها، ستستفيد المجر من الموقع الاستراتيجي لمصر والقوى العاملة الماهرة. ومن خلال الاستثمار في مصر، يمكن للشركات المجرية الوصول ليس فقط إلى السوق المصرية ولكن أيضًا إلى الدول المجاورة في إفريقيا والشرق الأوسط.
يرى الخبراء في التجارة الدولية والتنمية الصناعية أن الشراكة بين مصر والمجر علاقة مفيدة للطرفين ويمكن أن تكون نموذجًا للدول الأخرى في المنطقة.
ويشير جون ديفيس، الخبير في التجارة الدولية والبنية التحتية في بنك الاستثمار الأوروبي، إلى أن “استعداد مصر لتوطين الإنتاج واهتمام المجر بالاستثمار في مشاريع التكنولوجيا الفائقة والطاقة الخضراء يخلق سيناريو مربح للجانبين لكلا البلدين. تحصل مصر على فائدة التكنولوجيا الحديثة والاستثمار، بينما تؤمن المجر موطئ قدم في واحدة من أكثر المناطق أهمية استراتيجية في العالم”.
وأكد ديفيس أيضًا على إمكانات الهيدروجين الأخضر كعامل تغيير لقواعد اللعبة للاقتصاد المصري. وأضاف أنه “إذا تمكنت مصر من تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر بنجاح، فقد تصبح لاعبا رئيسيا في سوق الطاقة العالمية، وتجذب مليارات الدولارات من الاستثمارات الأوروبية”.
استكشاف الفرص: وفد مجري يزور مصر
لتعزيز شراكتهما بشكل أكبر، أعرب ممثلو المجر عن اهتمامهم بزيارة مصر لاستكشاف الفرص القائمة بمزيد من التفصيل. يخطط الوفد لزيارة مرافق الإنتاج التشغيلية، وخاصة تلك المشاركة في إنتاج المركبات السكك الحديدية والألواح الشمسية وغيرها من المنتجات عالية التقنية. ومن المتوقع أن تعمل هذه الزيارة على تعميق التعاون وتحديد مجالات جديدة للتعاون.