منشأة فوردو النووية.. قلعة إيرانية تتحدى صواريخ إسرائيل وقنابلها الخارقة

في عمق الجبال الصخرية جنوب العاصمة الإيرانية طهران، تختبئ منشأة فوردو النووية كواحدة من أعقد المنشآت تحصينًا في العالم.

ومع تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب، تحولت هذه المنشأة إلى رمز للمواجهة المرتقبة، وسط جدل حول من يمتلك القدرة على تدميرها، ومن لا يزال بعيدًا عن ذلك الهدف.

منشأة فوردو النووية قلب البرنامج النووي

بحسب تقارير فإن منشأة فوردو ليست منشأة تقليدية، بل جزء من استراتيجية إيرانية متقدمة لتحصين مواقع التخصيب النووي من أي هجوم محتمل.

تقع على بعد نحو 30 كيلومترًا شمال شرقي مدينة قم، وقد شُيدت داخل جبل صخري صلب، يجعل استهدافها بالقنابل التقليدية شبه مستحيل.

داخل هذه المنشأة تعمل آلاف أجهزة الطرد المركزي، وتؤدي دورًا حيويًا في تخصيب اليورانيوم، ما يجعلها محورًا حساسًا في برنامج إيران النووي، وعقبة أمام أي سيناريو عسكري يستهدف تدميره.

قنابل إسرائيل لا تصل منشأة فوردو النووية

رغم التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير ضد بعض المنشآت النووية الإيرانية، تبقى فوردو خارج دائرة الخطر المباشر، لسبب بسيط أن إسرائيل لا تملك الوسائل العسكرية الكافية لاختراق الجبل الذي يحتضنها.

القنابل الخارقة للتحصينات من طراز GBU-57، والتي تُعد الخيار الوحيد الفعّال لتدمير المنشأة، لا تمتلكها سوى الولايات المتحدة.

كما أن هذه القنابل لا يمكن حملها إلا عبر قاذفات B-2 الشبحية، وهي أيضًا حكر على الجيش الأمريكي، ما يترك إسرائيل أمام حدود واضحة لقوتها الجوية.

الرهان على تدخل أمريكي

في هذا السياق، نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمؤسسة العسكرية يراهنان على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يتخذ قرارًا بشن ضربات مباشرة على منشأة فوردو، باعتبارها تمثل تهديدًا إستراتيجيًا متقدماً لا يمكن التغاضي عنه.

نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، يدفع في اتجاه تدخل أمريكي مباشر، مدعومًا بتقارير استخبارية تشير إلى تسارع وتيرة التخصيب في المنشأة بشكل يقرب إيران من امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي.

فوردو النووية المنشأة التي أرهقت الجيوش

وفق تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز”،فإن فوردو بُنيت تحت صخور صلبة وخرسانة مسلحة، تجعلها واحدة من أكثر المنشآت النووية في العالم تعقيدًا على مستوى التحصين.

وبحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تضم المنشأة أكثر من ألف جهاز طرد مركزي، موزعة على قاعات واسعة في أعماق الأرض، وتُستخدم لتخصيب اليورانيوم بنسبة تقترب من المستوى المستخدم في تصنيع الأسلحة النووية.

خيارات إسرائيل للتعامل مع منشأة فوردو النووية

في ظل غياب القدرة على استهداف المنشأة بشكل مباشر، تفكر إسرائيل في بدائل تكتيكية، من بينها ضرب أعمدة التهوية، أو مداخل الأنفاق، أو خطوط الكهرباء المغذية للمنشأة. هذه الخيارات قد تؤدي إلى تعطيل مؤقت، لكنها لا تحقق الهدف النهائي بتدمير المنشأة بالكامل.

وبحسب خبراء، فإن تعطيل منشأة بحجم فوردو يتطلب عمليات معقدة ومتزامنة، قد تؤدي إلى حرب واسعة، في حال ردت إيران عسكريًا على أي استهداف لأحد رموز قوتها النووية.

من خطة طوارئ إلى نقطة ارتكاز

منشأة فوردو لم تكن في بدايتها أكثر من محطة طوارئ بديلة لمنشأة نطنز، لكن بمرور الوقت، تحولت إلى نقطة ارتكاز في برنامج إيران النووي. وهي اليوم تشكل جزءًا من شبكة مترابطة من المنشآت التي تؤدي أدوارًا تكاملية، ما يجعل أي استهداف لها غير كافٍ دون ضرب باقي المكونات.

هذه الشبكة تشمل منشآت في أصفهان وأراك ونطنز، وهو ما يضاعف التحدي أمام أي قوة تحاول تعطيل البرنامج النووي الإيراني بالكامل.

الحرب المؤجلة تحت الجبل

بحسب مراقبون تبدو فوردو اليوم أشبه بـ”الصندوق الأسود” للبرنامج النووي الإيراني. محمية بالجغرافيا، ومحصّنة بالتكنولوجيا، ومحمية سياسيًا بحسابات الحرب الشاملة.

واشنطن تدرك أن أي ضربة لها ستكون بداية مواجهة طويلة ومكلفة، في حين تواصل إسرائيل الضغط باتجاه التصعيد، مدفوعة بمخاوف وجودية وغياب الخيارات العسكرية الفعالة.

في النهاية، لا تزال فوردو صامتة تحت الجبل، لا يُسمع فيها صوت الانفجارات، بل تُسمع أصداء الحسابات الدقيقة… هل يقرر أحدهم فتح أبواب الجحيم من تحت الصخور؟

اقرا أيضا: السيناريو الأسود يقترب.. كيف تخطط إيران للرد على مشاركة أمريكا في الحرب؟

زر الذهاب إلى الأعلى